إسلامياتمنوعات

سيدنا نوح عليه السلام

بعدما اشتد الكفر والطغيان في الأرض ، وكثر الفساد فيها ، وابتعد الناس عن عبادة الله عز وجل، أرسل الله إليهم نبيه نوحا عليه السلام ، ليأمرهم بعبادة الله عز وجل وحده لاشريك له ، ويبتعدوا عن عبادة الأصنام. ولكن قومه صدوا عنه، واستغشوا ثيابهم، وأصروا واستكبروا استكبارا، وكفروا به، وأمرو من بعدهم بالكفر به، ونوح عليه السلام صابر في سبيل توصيل الرسالة، وجهر بالدعوة ،  وحببهم في الله عزوجل ووصف لهم ربهم الرحيم المعطي القادر في قوله تعالى :” قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)” ، وقد تمسك قوم نوح بعبادة آلهتهم التي أطلقوا عليها أسماء: يغوث ويعوق ونسرا، وقيل إن تلك الأسماء كانت لرجال صالحين، ولما ماتوا قام قوم نوح بصناعة التماثيل، لهم وعبادتها من دون الله.

وظلوا يكفرون برسالة نبي الله عز وجل ، وأورثوا في الأرض الضلال والفساد ، مع سيدنا نوح عليه السلام لم يطلب منهم أجرا ولا مالا ، ولكنه نصحهم ليخضعو لله حبا وإجلالا .

فلما كثر الجدال بين نوح وقومه، عرضوا عليه إن كان يريد أن يصدقوه ويؤمنوا بالله، فعليه أن يقوم بإبعاد الفقراء الذين اتبعوه وآمنوا بالله، فلا يمكن أن يجتمع رؤساء القوم مع أولئك الفقراء المعدمين.

رد عليهم نوح أنه لا يستطيع طرد الفقراء؛ فليس لهم ذنب، وهم ليسوا ضيوفه بل خلقهم الله وجعلهم يعيشون على تلك الأرض، حينها قال قوم نوح إذًا اذهب بعيدًا عنا، ولا تحاول التحدث معنا مرة أخرى.

لم ييأس نوح من دعوة قومه واستمر في الدعوة إلى الله ألف عامًا إلا خمسين، وكان بطش قومه قد اشتد عليه، فكانوا يقومون بإهانته وسبه ورجمه بالحجارة كلما أقبل عليهم؛ فحذرهم نوح من غضب الله وأنه سيرسل عليهم عذاب أليم إن لم ينتهوا عما يفعلون.

حينها طلب قوم نوح منه أن يدعو ربه لينزل عليهم العذاب الأليم، إن كان صادقًا، وأخذوا يستهزئون به ويسخرون منه، فتوجه نوح إلى ربه قائلا: “قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا”.

دعا نوح ربه أن ينزل عليهم أشد العذاب؛ حتى لا يضلوا باقي العباد المؤمنين، ولا ينشروا الفساد والضلال في بقاع الأرض “قَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارّاَ إنك إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارً”

بناء السفينة …..

استجاب الله عز وجل لدعاء نوح عليه السلام وأمره ببناء السفينة ، ولكن ظل قومه يسخرون منه ويستهزؤون به ولكنه أعرض عنه وقال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ، وفار التنور، وأمر الله عزوجل نوحا بأن يركب معه إلا من آمن وأن يحمل فيها من كل زوجين اثنين ، وأمره بأخذ الفواكه والمشروبات وكل من يؤمن لقمة العيش لهم .
الطوفان …

قال تعالى ” حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ”، وحين جاء أمر الله أظلمت السماء، وقامت الرياح والعواصف الشديدة، وتساقطت الأمطار بغزارة كبيرة.

أخذت عيون الماء تتدفق من الأرض، وأصبح الجو مرعبًا؛ “ففتحنا أبوابَ السَّماءِ بماءٍ مُنهَمرٍ وفجَّرنا الأرضَ عُيونًا فالتقى الماءُ على أمرٍ قدْ قُدِّرَ وحَملناهُ على ذاتِ ألواحٍ ودُسُرٍ”.

كانت زوجة نوح كافرة لم تؤمن بدعوته، وكان ابنه كافرًا أيضًا بذل نوح الجهود الكثيرة لدعوته لعبادة الله وترك الكفر والضلال، ولكنه أبى ولما جاء الطوفان نادى نوح ابنه لينقذه من الطوفان؛ “وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِين.

عصى الابن أمر أبيه، وقال له سآوي إلى جبل، وسأحتمي به من الماء فحذره نوح أنه لا منجي من عذاب الله في ذلك اليوم، إلا من آمن بالله واتبع نوح في السفينة.

الطوفان …..

اشتدت الأمواج وارتفعت كثيرًا، فانقلب الابن وسط الأمواج، وانجرف مع التيار، حتى اختفى من نظر أبيه، وسارت السفينة وسط الماء، واستغرقت الرحلة أيامًا وليالي، يرتفع فيها الطوفان حتى قام بتغطية كل شيء من أرض، وجبال، ومرتفعات، وهضاب ومات كل من على الأرض من ناس وحيوانات وطيور ودواب.

وبعدها أنجى الله الذين آمنوا مع نوح عليه السلام وارسلهم في الأرض ورزقهم من الطيبات ، ولكن نوحا تذكر ابنه ومكانه ودعا ربه بالمغفرة له لكن الله عزوجل رد عليه بأنه عمل غير صالح ، فخشي نوح غضب ربه واستغفر لذنبه وعم الخير البلاد وعمر بهم الأرض .
إلى هنا تنتهي قصة سيدنا نوح عليه السلام ولكن نستخلص من هذه القصة الجميلة.

فوائد وعبر :

1. الإصرار على الدعوة والاستمرار فيها برغم الكفر والاستكبار.

2. الطوفان الذي أخذ قوم نوح عليه السلام يأخذنا اليوم وكلن بطريقة مختلفة فحياتنا اليوم مملوؤة بالطوفان : طوفان الرشوة ، طوفان الوباء ، طوفان الفساد فمتى نستفيق  ومتى نركب في سفينة النجاة …

3 . إن القرابة والصلة لاتشفع أبدا للغير ، إنما ما ينفعهم هو العمل الصالح والقرب من الله سبحانه وتعالى، فحين عصى ابن نوح أبيه، واستمر في كفره وعصيانه، لم يستطيع نوح أن يشفع له عند الله عز وجل.

4. الاستغفار يجلب النعم ويمحو الذنوب ويكفر الخطايا.

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى