إسلامياتمنوعات

قصص الأنبياء .. آدم عليه السلام

الأنبياء هم النماذج المثلى التي أرسلها الله لعباده لتكون مثالا يحتذى به، ويُقتدى بأفعاله وأقواله وغالب أحواله. ولذا كانت قصص الأنبياء من أكثر الأشياء التي تكررت في القرآن، وذلك حتى يستفيد المسلم من هديهم، ويتعلم الكثير من صبرهم وأخلاقهم وجهادهم وتعبدهم.

ومن هذا المنطلق، قررنا أن نقدمها لكم في قالب مختصر لطيف، محاولين الإحاطة بأهم الأحداث والتفاصيل التي توقظ فضولنا أغلب الوقت، مع الإشارة إلى عبر متفرقة في مختلف جوانب حياتهم . وسنبدأ اليوم بأبي البشرية: آدم عليه السلام.

آدم عليه السلام

خلق آدم:

أخبر الله تعالى ملائكته ذات يوم أنه سينشئُ خلقًا جديدا، وعبدًا فريدا، يستخلفه في الأرض. فاستنكر الملائكة الأمر وقالوا:”أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء “، وقد رأووا ممن عَمَر الأرض من الجنِّ وغيرهم الشر الكثير والفساد الكبير، وعرفوا فيهم الشحناء والبغضاء وسيول الدماء التي أريقت تحت نعال التناحر وحبّ السيطرة. لكن الله العليم أدرى بما يريده، ولحكمة لا يعلمها إلا هو شاء لهذا المخلوق أن يُوجَد.. فكان “آدم” .

من تراب جُمِع من بقاع شتى من وجه الأرض؛ فضم الأبيض والأسود والأحمر، والطيب والخبيث، والسهل والحزن، وما بين هذا وذاك، ثم بُلّ ليصبح طينا، قبض المولى تعالى منه قبضة وصوّر بشرا بيده الكريمة.. وعندما صار صلصالا كالفخار كان إبليس يسترق النظر إليه وهو في توجس مما قد يكون من شأنه .. ويراه الملائكة وهه في ترقب لهذا الخليفة الذي سيعمر الأرض، ولا يدرون أيعمل رشدا أم سيعيث فيها فسادا كمن سبقه عليها من الجن .

ثم نفخ الله تعالى في هذا الجسد من روحه، فما وصلت الروح إلى أنفه حتى عطس فحمد الله، فقال ربنا عز وجل: “يرحمك ربك”. أُخرِج آدم على أحسن صورة وأجمل شكل وأكمل تركيب بطول بلغ الستين ذراعا. ثم جيء به أمام الملائك وعُرِضت الأشياء على جموعهم ليسموها، فسبحوا الله وقالوا: “لا علم لنا إلا ما علمتنا”، وعُرضت على آدم فسمى كُلًّا باسمه، وقد أوتي قبلا علمه.

أمرٌ وعصيان ..

ثمّ أمر الله ملائكته بالسجود له فامتثلوا طائعين، وسجدوا راضين، إلا إبليس عصى وكفر، وتمرد واستكبر، وتَمَلَّكه الكِبرُ فأبى لنفسه وهو ابن النار العاتية، الفاتكة الضارية، أن يحني نفسه ويهوي من عليائه لابن الحمأ سليل الطين، فصعّر خده، وأدار وجهه، وتَمَلَّكَهُ التِّيه فأعلن العصيان، وأبدى سخطه من هذه الطامة التي حطَّت من قدره، وقلَّلت من أمره. فأخرجه الله من رحمته ذليلا حسيرا، صاغرا كسيرا، وكان من الخاسرين. فزاد عدوانُه، وتأجج طغيانُه، وتوعَّد آدَم وبَنِيه بالشَّرّ إلى يوم الدين، وأقسم أن يجعلهم في صفه جنودًا للشيطان، عصاةً للرحمن، فيخيبوا كما خاب، ويخسروا كما خسر.

ومن ضلع آدم أخرج الله “حواء” زوجًا وأُنسًا وسكنًا له –وما سُمِّيَت حواء إلا لأنها خُلِقت من شيء حي – وأسكنهما الجنة فعاشا فيها -وهي دار السعادة- كأسعد ما قد يتخيله بَشَر؛ أكل منضود، وظل ممدود، وهما ثَمَّ لا مُنغِّص لصَفوهِما، ولا مكدِّر لعيشهما.

الخروج من الجنة:

لكن إبليس بعدما أعلن العداء وأضمر الشّر لم يهنأ له بال حتى يُدخِل آدم سِلكَ العِصيان، ويُغضِب عليه الرحمن. فعمد إليه وأخذ يُزَيِّنُ له الأكل من الشجرة التي كانت الممنوع الوحيد عليه وعلى زوجه، ومع إعراض آدم ظل يزيد في الإغواء، ويعزف على وتر الأهواء.. وأي هوًى يريده آدمُ وبَنُوه أكثر من “الخلود”؟ وظل يوسوس لهما أن الله نهاهما عنها حتى لا يكونا ملكين أو يكونا من الخالدين، وحَلَف وهو كاذب، وادعى النصح وهو غَوِيّ مبين.

وبالفعل فقد أتقن إبليس لعبته، وحقق طِلبته، فها هو آدم وحواء قد أكلا من الشجرة، وما كادا يفعلان حتى نُزع عنهما لباسهما، فقاما فزعين يستتران مما يجدانه من ورق التين. ثم إن آدم تاب واستغفر ربه ، فغفر لهما، لكنه أخرجهما من دار الهناء إلى دار الشقاء، ومن النعيم إلى التعب، ومن الراحة إلى النصب. وأُنزلا إلى الأرض لتبدأ من هناك حياة البشر على سطحها، وتستمر الحرب بين بني الإنسان، وأبناء الشيطان.. حرب ضروس لا يخرج منها منتصرا إلا المؤمن الأواب، العابد التواب، ولا ينجو من حبائل الشيطان، وشباك العصيان، إلا المخلصون.

فوائد وعبر:

  • الشيطان مذ أعلن معصيته وهو لبني آدم العدو اللدود، الذي يجب الاستعاذة منه ومن شره ووساوسه، والاعتصام بحبل الله والتزام سراطه المستقيم للأمان من كيده، والنجاة من وعده بجرّ البشر إلى الحجيم والعذاب الأليم. فلا تمسك أخي المسلم بيد الشيطان ليقودك إلى هلاكك وأنت تعلم ما يضمره لك، وأنه ما أراد لك يوما خيرا منذ خلق الله أباك آدم حتى تجعل طريقه طريقك، ووساوسه رفيقك، بل أظهر له العصيان كما أظهره، وتكبر عليه كما تكبر على أمر الله.
  • قال عوف بن عبد الله للفضل بن المهلب: إنِّي أريد أن أعظك بشيء، إيَّاك والكِبْر، فإنَّه أول ذنب عصى الله به إبليس . فإياك أخي المسلم من الكبر مع الناس ومع الله، وتذكر أنك مهما عظمت صغير، ومهما بلغت قوتك ضعيف.
  • اشكر نِعم الله عليك، وأكثر من الحمد، واقنع بما قسمه لك فالرضا يورثك السعادة في الدارين، ولا تطمع فيقودك الطمع إلى سبل الحرام فتخسر ويخيب سعيك وتزول نعمتك.
  • إذا أذنبت أخي فتب توبة نصوحا واستغفر الله ، ولا تقنط من رحمته مهما بلغ ذنبك، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” “ قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، ولا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة “.

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى