منوعات
أخر الأخبار

قصتي مع ليلة القدر

ليلة القدر ضيف لا يحل علينا إلا مرة كل سنة ، وفي أوقات مختلفة . إذ يمشي متنقلا بين  العشر الأواخر من رمضان ، وبالأخص أوتارها . وكل سنة يختار يوما منها ليُشَرِّف الأكوان بحضوره الكريم ، وينشر نسماته العِذاب ، ورحماته الرحاب ، على قلوب المترقبين ، وأرواح القائمين .

وتبعا للحكايات التي سمعتها كثيرا من أشخاص مختلفين بدءا بأمي عن بعض العجائز ، وانتهاءا ببعض من يحكي تجربته مع هذه الليلة في اليوتيوب وغيره ، والتي تدور كلها أو جلها حول نور يضيء في الأفق ويدعو الشخص لدى رؤيته بما شاء فيستجاب له من يومه . أو منام يراه الرائي عن ليلة القدر أو شيء من هذا القبيل . اللحظة التي يسطع فيها هذا النور ، يسميها البعض عندنا ” القدري ” نسبة لليلة القدر ، ويزيد البعض في وصفه بلفظ ” فتحت أبواب السماء ” .

عقدتُ عزمي هذا الشهر مع من عقد ، على ترقب هذه الليلة وإحيائها بما تيسر من الطاعات والعبادات ، مستدلة على ذلك بما يميزها من علامات ودلالات . وتحمست أكثر لرؤية هذا “القدري” علَّنا نكون ممن يُغفر له ما تقدم من ذنبه و ماتأخر. ولأني لم أجد في الأيام الأولى (الواحد والعشرين ، والثالث والعشرين ، والخامس والعشرين) أي علامة تدل عليها ، أصبحت شبه جازمة أنها ستصادف ليلة السابع والعشرين أي ليلة أمس .

أنهينا صلاة التراويح ، مع الدعاء والذكر في منتصف الليل تماما . ونظرا لأنه لم يتبق من الليل الكثير ، قررت أن أظل مستيقظة أصلي وأدعو ما شاء الله لي ذلك ، حتى لا أضيع أي ثانية من الليلة ، ولا تضيع مني فرصة رؤية  “القدري”?   . كانت الغرفة مظلمة إلا من نور خافت جدا، إذ لم أشأ أن أزعج النائمين . وكنت أصلي في آخر الغرفة ، بينما تصلي أختي في مقدمتها .

وبينا أنا في سجودي أدعو الله و قد تملكني الخشوع التام وأنا أستشعر جلال اللحظة ، وعظمة الموقف ، وأستبكي العيون عَلَّ القلب يلين ، وقسوته تهون .. إذ بنور أبيض ساطع يلوح لي في الجوانب .. ويزيد وهجه شيئا فشيئا ليملأ جنباتي ، و يحفني وأنا على سجودي لم أرفع منه بعد .

لا أعرف كيف أصف لكم شعوري وقتها .. تملكني إحساس شديد بالرهبة والخوف ، خالطه الرجاء والشوق مع جملة من المشاعر يعجز لساني عن بيانها . وشعرت بقلبي يكاد يتوقف من هول ما أجد ، وقد أيقنت أنه  “القدري” لا محالة . في غمرة هذه الأحاسيس تذكرت ما قالته أختي عن بعض من شهدوا ” القدري” وألجموا من فرط الدهشة ، وهول الموقف ، فما دعوا بشيء ، وما حركوا ساكنا حتى اختفى و تفطنوا لانقشاعه ، و تأسفوا لضياعه .

دعوت في تلك اللحظة بكل ما تبادر لذهني من أدعية أحفظها .. و أخرى ألفتها حين خانتني الذاكرة . ثم رفعت راسي رويدا رويدا وكلي رغبة وفضول لرؤية هذا النور كيف يبدو ومن أين يظهر .?

تريدون معرفة وصفه ؟ ?

 في الحقيقة لم يكن ما رأيته سوى ضوء هاتف أختي الذي أنار معظم الغرفة ? . ولكم أن تتخيلوا شعوري عندما تبينت مصدره ، وإحباطي الشديد بعد خليط المشاعر الدفاقة الذي غمرني للحظة ??.

وهكذا انتهت قصتي مع “القدري” بخيبة تامة ، وضحكات من سمع القصة من عائلتي على غبائي  وانقيادي السريع خلف “قدري” مزيف? .

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى