مكتبتنا

فوائد من كتاب جمالية الدين لفريد الأنصاري

  • الدين جميل ، بل هو في أبهى الحلل ، وأجمل الصور .. وعلينا أن نتذوق رحيق جماله ، وننزل مواطن بهائه ، ولا نتأثر بالصور الشوهاء لمن يعتنقه ، لأنها ليست مرآة صافية له .. ولأن الإنسان مُعَرَّضٌ للخطإ والسهو والنسيان وسوء الفهم ، وضعف الإدراك وقصر النظر ، فيجب ألا تؤثر صور تدين البعض الخاطئة تفريطا أو إفراطا على رؤيتنا لجماليات الدين ، وسبرنا لمحاسنه.
  • لم يفهم الغرب جمالية الإسلام ،  فمِن منكرٍ لها ، أومخطئٍ في كشف مواطنها لم تتجاوز نظرته نقوش الجدران وزخارف الحيطان . وليس هذا بالعجيب ، فالذي لا يعرف لذة الإيمان ، ولا جمال الإحسان ، ولا سطوة القرآن .. ولا عمق علاقة المؤمن بربه ، وطمأنينة القلب في محراب العبادة ، ولا حلاوة الدمع في عمق السجود عندما تلامس الجباه التراب ، وتخشع الجوارح والألباب ، ويتصل القلب بالسماء كَأَنْ ليس بينه وبينها إلا خطوات، وتسبح الروح في فضاء الرحمات .. والذي لم يعرف كمال الخالق ، ولم يُبصر مكارم الأخلاق ، وسلامة الأذواق في رحاب الله ، ليس غريبا أن يخطئ القصد في فهم “جمالية” الدين .
  •  جمالية الإسلام ترتكز على ثلاثة أركان متكاملة  : المتعة والحكمة والعبادة . فأما المتعة فهو ذلك السلوك الحسي والشعور الوجداني الذي بثَّه الله في الإنسان من حاجة إلى التمتع بالجمال حيثما وُجِد والبحث عنه . وأما الحكمة فهي الهدف من خلق الجمال ووظيفته ومغزى وجوده . ثم تأتي العبادة وهي أسمى الغايات وأعلاها وأكملها ، وهي قمة الجمال كونها تمثل علاقة العبد بالله ذي الجلال والجمال ، وبها تُشبَع حاجة الإنسان الجمالية بمعرفته وعبادته لمصدر الجمال كله ، لا بتمجيد الماديات وعبادة الجماد .
  • عندما يفهم المسلم معنى ” لا إله إلا الله ” ، ويتذوق الجمال الكامن في كلماتها بمعانيها التي تبدأ بالقلب وتنتهي إليه ، فهي حب وشوق ووله وخوف ورجاء وتعلق بالله الواحد ، كامل الصفات والجمال ، وحينما ينصهر في حرارة المشاعر التي تُولدها هذه الكلمات لمن يعرف معناها ويعمل بمقتضاه ، عندها فقط يكون قد ذاق حلاوة التوحيد وعرف جماله في أتم صوره .
  • إن كلام الكاتب عن بداية قصته مع “لا إله إلا الله” وكيف كان يراها –وهو مسلم الوراثة كما هو حال كثيرين اليوم – مجرد عنوان يدخلك تحت ظلِّ الإسلام فتصبح مسلمًا بالاسم ، أو أن الدين حِكر على الشيوخ والعجائز ، ذكرني بقصة لأحد أقارب أمي في السبعينات في الوقت الذي كانت مثل هذا النظرة سائدة جدا في وسط الناس . كان هذا القريب قد أخذ عن والده حب الدين والالتزام به وهو صغير ، وكان كلما صلى قال الناس بسخرية : مابال فلان بن فلان يمرغ رأسه في التراب صبح مساء ، ماباله يصلي مثل العجائز ؟! . لكن شيئا فشيئا ومع الحركات الإسلامية وفترة الصحوة بدأ الناس يعرفون كثيرا من الدين كانوا أجهل الخلق به ، وأخذت سحابة الضلال المطبقة تنقشع شيئا فشيئا والحمد لله .
  • من الآفات التي تُمرِض القلب ، وتئد الإيمان فيه ، “العُجب” وحب الظهور حتى الرياء ، والحرص على أن يرى الناس منك تقى وعبادة ، وأنت بقلبك ابعد ماتكون عن ذلك . مثل هذه الأدواء القلبية تنأى بالمرء عن رؤية جمال الدين والتحلي به .
  • عندما تقرأ في الدين ، وعندما تتلو القرآن ، وتعيش مع السنة ، عليك أن تقرأ وقلبك مشرّع لمعاني الجمال فيها ، وعقلك متجرد من الفهوم المسبقة العمياء ، والتوجهات الصّماء المشوهة ، أن تقرأ الدين وأنت خال من كل ما يحجب عن عينيك جماله ، وعن قلبك محبته والأنس به .
  • العلم الحقيقي بالربوبية يفضي إلى توحيد الألوهية ، وإن استقام للإنسان الأول استقام له الثاني واستقامت للعبد محبته سبحانه وتعالى وعبادته والخضوع له  . الإيمان بالربوبية قائم على التأمل في خلق الله ، والتدبر في حسن تدبيره وتسييره وعظيم ملكه ، وإطالة النظر والبصر في مخلوقاته المحكمة الصنع ، البديعة الخلق. لهذا كان العرب في الجاهلية بعيدين عن الألوهية ، لأنهم لم يعرفوا من الربوبية إلا معناها التقليدي الباهت .
  • الجمال في الإسلام يبدأ من “الله” ، من جماله وبهائه ونوره ، وصفات الكمال الحسنى .
  • وأنا صغيرة ، كنت أقرأ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : “إن لله تسعا وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة” ، فكنت بعقل الطفلة أقول ماأسهل الجنة ! أأحفظ أسماء الله وعدُّها يسيرٌ فأدخل الجنة ؟ وقمت حينها أحفظ أسماءه بترتيبها وأعيدها في نفسي المرة تلو الأخرى خشية نسيانها حتى أضمن الجنة . ثم كبرت بعض الشيء وفهمت أن مجرد ترديدها باللسان أو تخزينها في الذهن لا معنى له إن لم يستقر معناها في القلب ، وحبها في الوجدان . وهي النقطة التي نبه لها الكاتب ، فإحصاؤها يتطلب استشعارها في القلب ، واستحضارها دائما فيه بكل ماتحمله من كمال وجلال وجمال ، وبحفظها بهذا المعنى القلبي ، سيتعلق القلب بالله، ويخضع ويُسلِم له ، ويعبده حق عبادته .
  • قال الكاتب فيما معناه  ” إنّ لا إله إلا الله تقرير اعتقاد ، وشعور في العبد يحتاج إلى مصداق من الأعمال والأفعال، وهل يملك من يجد في قلبه شيئا أن يكتمه ؟” ، ونحن أحوج ما نكون في هذا الزمن لفهم هذه الحقيقة . إذ أذكر قبل أيام أن أحدهم نشر منشورا في إحدى المواقع المفتوحة للنقاش ، كان المنشور صورة رسمت عليها أحوال النساء المختلفة؛ من متبرجة ومحجبة ومنقبة وغيرها ، ثم كُتِبت بالخط العريض عبارة : “لا تدري من منهن أقرب إلى الله ” أو شيء كهذا مضمونه أنك لا تستطيع أن تحكم من المظهر على إيمان العبد وقربه من ربه . صحيح أننا لا نستطيع أ ن نحكم ، لكن ليس لنا إلا الظاهر فلا يعلم خفايا النفوس إلا خالقها. وأنا دائما ما أقول لمثل لهؤلاء وهو شيء أؤمن به حتى في تقييم أحوالي ، أن الإيمان كلما قوي ، وكلما كان العبد محبا لربه ، وقريبا منه ، متعلقا به ، خاضعا له ظهر ذلك لزاما ومن غير شعور منه على مظهره ، وهي الحقيقة التي يخبر بها الكاتب هنا ، “تقرير بالقلب يصدقه العمل” وإلا فما فائدة المحبة إن لم تكن باتباع أوامر المحبوب واجتناب نواهيه ؟ خاصة في قضية الححجاب وهو فرض !! فكيف بمن يحب الله ويؤمن به أن لا يلتزم فروضه سواء اقتنع أم لم يقتنع ، فهم الحكمة أم لم يفهم ، عليه أن يُسلّم له ويذعن لأمره .
  • من جمال الدين “التفكر” في خلوة في خلق الله ، وإحسان الله ، ونِعم الله ، وعطاء الله ، ورحمة الله . وهذا التفكر بما ينتج عنه من عجب بصنع الخالق ، وضعف أمام عظيم قدرته ، وصغر أمام جلاله وعظمته ، وعجز عن تمام الشكر أما نعمه التي لا عد لها ولا حصر ، هو الذي يولّد في القلب المحبة التامة ، والخضوع والذل ، ويشوق العبد للنزول في محاريب العبادة لهذا الصانع الكامل جل في علاه .
  • ليس من عاش ميتا يجري في طول الحياة حتى تنقضي وعمره فان كأن لك يكن في الدنيا يوما ، ويموت وهوأخوف مايكون من “الفناء” الذي لا يعرف نهاية غيرها بناء على ما قدَّم في حياته الفارغة ، كم عاش حيا يمتر الحياة طولا وعرضا ، ويشغلها بالصالحات ، ثم يموت وهو أشوق ما يكون إلى الحياة الباقية وجمالها . ويكون له بعد موته ذكر يملأ موات الدنيا حياةً .
  • مفهوم “الغيب” في الإسلام يمنح الحياة جمالا خاصا ، مادام العبد يشعر ويؤمن بوجود غير وجوده ، وحياة غير حياته . فيسكب في عبادته أنسا ، وانقيادا لله وطاعة له ورضى بما قدره . ولا يُقدِم على الدين بقلب مطمئن إلا من حباه الله الإيمان بالغيب يقينا لا شكا وترددا .
  • للإيمان بالغيب لذة لا تشابهها لذة ، ويكفيه أنه يجعل المسلم ينظر بعين اليقين ويبعد عنه حبائل الشك وقيود الحيرة والتخبط ، ويعطيه بصرا يلتقي بالأرواح ، ويفِدُ إلى عليِّين ، ويعيش العمر بعيدا عن حواجزه المادية ، وحدوده النسبية . ويبعث في القلب نشاطا للعبادة رغبة يقينية في تحقيق الوعد بالفوز والجنة .
  • من جمالية الموت أنه يورث في المسلم لذة وخشوعا ومتعة هي متعة الوصول ورؤية الوعد . ويغذي إيمانه وتوحيده وتسليمه لله ، ورغبة وشوقا إليه .. فهو رهبة تورث رغبة ، وحيرة تنتج يقينا .
  • سر جمال اليوم الآخر يكمن في الجزاء الأخروي ، أين يُفصَل الفائزون عن الخاسرين ، ويرى كل نتاج عمله في الدنيا .. فتفيض القلب رهبة من الخسارة ، رغبة في الفوز ، ويشحذ همته للعبادة مخلصا، محبا ، خاضعا، مسلِّما، وهو موقن بالفوز في الآخرة . وفيه أيضا جمال الجنة ، ولقيا الرسول صلى الله عليه وسلم والأحبة ، ورؤية وجه الله الكريم ، ونوره العظيم ، وحسبنا هذا جمالا وسببا للشوق للآخرة ، ورغبة في العمل لها .
  • العبد من انقاد لربه وأسلم له رغبة ورهبة ، وخوفا ورجاء ، وخضع له طاعة ومحبة ، واستشعر بقلبه ذلك الانتساب إلى سلطانه العظيم ، فيحسّ نفسه قويا به رغم ضعفه ، آمنا رغم خوفه و قادرا مع عجزه ، ويقينا بعد حيرته ، وأملا بعد يأسه ، وكيف لا والله معه ، يدعوه ألا يقنط من رحمته ، وألا يتعب من طرق بابه تائبا وراغبا وطالبا ، مهما عظم ذنبه واستفحل كربه .
  • للصلاة وهي عمود الدين وقمة العبادة جمال أخاذ يُغبط عليه المؤمنون . الصلاة تصل العبد بربه ، وتسكب في جوارحه الطمأنينة والسكينة والأنس ، وتنفض عنه أدران الحياة ، وأوساخ الدنيا ، فلا يتعلق قلبه إلا لله إن أداها على أتم وجه وأكمله وهو يستشعر لذة قربه من الله وخشوعه له وانكساره بين يديه . والصلاة عمر ، بل هي العمر كله ، ومن تأمل في أوقاتها لرأى قافلة حياته كيف تسير من الإصباح إلى الإدلاج .. ومن الفجر إلى القبر ، ولكانت له أبلغ الواعظين وأفضل المذكرين .
  • الوضوء يزيد المسلم جماله إلى جماله ، ونورا من الإيمان يُعرف به عن غيره دنيا وآخرة ، وحسب المسلم من جماله أن يكون من الغر المحجلين الذين يعرفهم النبي يوم القيامة من بين سائر الأمم.
  • التوبة من أجمل وأبهى مراتب العبادة ، وابن آدم خطاء مذنب ، وغافل ناسي ، فوجب أن يجدد إيمانه بالتوبة إلى الله ، والإنابة إليه ، والعودة إلى رحابه مهما نأى بك البُعد ، وقذفتك الذنوب بعيدا عن طاعته .
  • المؤمن يحلق إلى ربه على جناحي الرجاء والخوف ، يميل بهذا حينا وبالآخر حينا ، ويجعل من الخوف خادما للرجاء ، وخوفه نابع من عبوديته لله ومحبته له ، فهو من حبه يخشاه ، ومن حبه كذلك يرجوه . وبقدر معرفة العبد لله تزيد تقواه وخشيته له .
  • محبة الله منزلة عالية ، بل هي من أعلى المراتب إن لم تكن أعلاها ، فهي أكمل صور تعلق القلب بالله ، والتقررب منه ، فلا يكون في قلبه حب ووله إلا لمولاه . وقد يبدأ العبد أول المرء في التقرب لله ويجد في الطاعات مشقة وجهدا ، لكن كلما تذوق حلاوة الإيمان ، وزاد حبه لله قلت الشقة وذهب الجهد، وصارت العبادة لذته ومتعته .

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى