لفتات وثرثرات

يا أيها الكرز المنسي .. كم عُمَرًا بيننا؟

قصة لا تغادر ذاكرتي، قرأنا مقتطفا منها في الثانوية. الكرز المنسي ، وعمَرُ الذي أحبه “معلما” بسيطا وتكبر عليه “مُحَافِظا”. قصة تُعَلِّمُنَا ما تفعله المراتب بالنفوس والقلوب، وكيف تجعل من المرء مسخًا من العيوب. وتُرِينا كيف يتنكر الإنسان لمبادئه أول ما يذوق لذة السلطة ، وتتملكه نشوة السطوة -إلا من رحم الله- . وتجعلنا كلما رأيناها واقعا نقول في حسرة: يا أيها الكرز المنسي .. كم عُمرًا -بالله- بيننا ، يحفزنا بالخطب الرنانة حين يكون كأي فرد منا لا ناقة له ولا جمل في تغيير الأوضاع، ويؤملنا مستقبلا زاهرا إن هو اقترب من السلطة أو وجد سبيلا للتغيير، ثم ينسى الوعود عندما يرقى سلم الصعود، ويتنكر للماضي إن صار القاضي..

🍒 يا أيها الكرز المنسي 🍒

قصة من تأليف #زكريا_تامر ضمن مجموعته القصصية “دمشق الحرائق” .

تتحدث القصة عن التنكر للمبادئ والقيم، والتي مثّلها الكرز في صورة جميلة ومعبّرة وحزينة في الوقت ذاته .. فحين تُوأَدُ المبادئ يموت الرجل .. ولهذا قيل آخر القصة: “عمر مات” وقد مات بالنسبة لأهل الضيعة فعلا، وقتل بموته آمالا طالما كان يشحذها فيهم ..

قصة تجعلك تعيش الجو مع أهل القرية، تتحفز معهم للقاء عمر، وتفكر في الهدية التي تليق بمقامه ومكانته في قلوب كبيرهم قبل صغيرهم، وتوافق على اختيارهم الكرز لأنه أحبَّه. وتشعر وهم يتذكرون أحاديث عمر بالفخر لوجود إنسان طموح ومتواضع ونقي كهذا في مجتمع أوحل بالمظالم مذ حكمته البهائم وساسته السوائم. ثم تصاب معهم بخيبة الأمل، وتعزيهم في عمر الذي مات بلا رجعة.

“شهقت ضيعتنا مدهوشة لمّا علمت أنّ عمر القاسم قد صار وزيرًا، وها هي يا عمر ضيعتنا كما تركتها وردة من طين وعشباً اصفر ونهراً من الأطفال الحفاة.”

“قل لعمر اننا مازلنا جياعًا.”

“أفضل هدية هي سلة من كرز ضيعتنا، أتذكرون كم كان عمر يحب كرز ضيعتنا ويقول عن لونه الأحمر إنه تعبنا ودمنا.”

“وقال لنا عمر: الظلم لا يدوم.””

“وقال لنا: كيف تقبلون بحياة الذل؟! فقلنا له: العين بصيرة واليد قصيرة. فقال عمر بصوت غاضب: اليد قصيرة لان القلب خائف.”

“تعالوا وكلوا الكرز، وعندما تكبرون لا تنسوا طعمه.

وفيما يلي أبيات بسيطة استوحيتها من القصة :


كَرَزٌ ســَقَتهُ دِمَاؤُنَــا … تَنهَــلُّ مِــن فَــوقِ الجَبِيــن
ورَوَاهُ دَمعُ سَوَاعِدٍ …في الشّمسِ يلمعُ كاللُّجَين
فَتَذَكَّـــرُوهُ -أيا صغارُ- إذا نَأت بِكُمُ السِّنِين
مهما عَلَت بكُمُ المراتبُ… اذكروا الكرزَ الحزين
وإذا بَعدتُم فارجِعُوا… إن هَـزَّ قَلبَكُـمُ الحَــــنِيـــن
فإليه قصّتــكم وفي … شـجــراته المجد الثمـــين

__ فا.آفاق ..

مستوحاة من قصة : يا أيها الكرز المنسيّ

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى