مشاكل الآباء مع الأطفال

الأبناء زينة الحياة وبهجتها ، لكن تربيتهم تحتاج الكثير من الجهد والاهتمام والعناية . بدليل أنك لو سألت أي أبوين ، عن مشوارهم الطويل أو القصير في تربية الأبناء ، لعدَّدوا لك كمّا هائلا من الصعوبات والمشاكل التي ما فتئت تصادفهم وتواجههم في سبيل تكوين طفل ناجح مؤدب وجيد .

المشاكل التي يواجهها الآباء في التربية كثيرة ، من التافه إلى الصغير إلى المتوسط ثم الأصعب فالأصعب ، ولكل مرحلة عمرية مشاكلها و طريقة خاصة للتعامل معها . وذلك لأن الطفل يتطور وأفكاره واهتمامته تتغير ، ومحيطه كذلك ، وهي أشياء تنعكس سلبا أو إيجابا على حياته.

غير أن واحدة من أصعب المراحل في مشوار التربية الطويل ، إن لم تكن الأصعب والأهم ، هي مرحلة الطفولة . وذلك لأنها الفترة التي يكتسب فيها الطفل المهارات والسلوكات و المعارف الأولى ، والتي تظل راسخة فيه وتُكَوِّنُ شخصيته ، ويصبح من الصعب تغييرها مستقبلا ، لأن ما نتعلمه في الصغر كما يقال كالنقش على الحجر . لذا فكثير من الآباء ينتابهم الخوف خلال هذه المرحلة ، ويصبحون أكثر حرصا على تصرفاتهم وتصرفات أولادهم ، خوفا من أن تُكَوِّنَ طباعا سيئة لدى الأطفال ، الذين لم يصلوا بَعْدُ لمرحلة التمييز الجيد لِمَدَى صحة وخطأ تصرفاتهم ، وهم في حاجة دائمة إلى موجه يصحح لهم المسار ، ويبين لهم الخطأ والصواب .

و قد تداولت كثير من كتب التربية وعلم النفس التربوي وغيرها من الكتب التي تُعنى بالتربية وبتنشئة أجيال واعدة ، هذه المشاكل بالتفصيل ، مركزين على أهمها وأكثرها انتشارا ، ومن هذه الكتب كتاب الدكتور عبد الكريم بكار : “مشكلات الأطفال .. تشخيص وعلاج لأهم عشر مشكلات يعاني منها الأطفال .. ” ، وكتاب : ” مشكلات الأطفال والمراهقين وأساليب المساعدة فيها” للدكتور شالز اي. شيفر و الدكتور هوارد ل. ميلمان ، و غيرها كثير . وفيما يلي وصف ملخص لأهم مشاكل الآباء مع أطفالهم ( والتي سنتحدث عنها بالتفصيل في المقالات القادمة كل على حدة ) :

الكذب

الكذب من أكثر المشكلات انتشارا ، والتي يهملها الكثير ولا يلتفت إليها ، حتى تسوء الأمور ، وتتفاقم الحالة لدى الطفل. ويصبح الكذب صفة من صفاته التي لا يمكنه التخلص منها لقضاء أموره . والكذب المقصود عند الأطفال طبعا هو مخالفة الحقيقة و مايعتقده الإنسان قصد التضليل وإخفاء الحقيقة .

الكذب ليس صفة فطرية في الطفل وأنما يكتسبها مع الوقت ، إما تقليدا لما يراه ممن هم أكبر منه ، وفي محل القدوة بالنسبة له ، أو يتعلمه نتيجة لسلوكيات وتجارب محددة يفرضها عليه محيطه . و من أسبابه الغالبة :

وأهم علاج لهذه الصفة الخطيرة ، يجب على الأبوين وجميع العائلة الانتباه لتصرفاتهم ووعودهم ، والتحلي بالأخلاق الحسنة ، كي يكونوا خير قدوة لأطفالهم . بالإضافة غلى سلسلة أخرى من السلوكات سنتطرق إليها في مقال لا حق .

ضعف الرغبة في الدراسة

ضعف الرغبة في الدراسة شيء نراه في كثير من الأطفال . و من علاماته الفتور في الدراسة ، والرسوب في أكثر من مادة ، وعدم التزام الطفل بواجباته ما يجعله محط النقد والشكوى المستمرة ، والتعذر بأي شيء للغياب عن الدراسة وغيرها كثير .

الشجار بين الأبناء

لا يخلو أي بيت يحوي أكثر من طفل من الشجارات المستمرة ، والنزاعات التي يكون بعضها تافها ، والبعض الآخر جالبا للضرر . وهذا الأخير هو المشكلة التي نتحدث عنها هنا . فالشجار الذي يبدأ ربما بمشادة كلامية بين طفلين ، ويتطور إلى عراك عنيف بالأيدي والأقدام ، أو باستخدام ” أسلحة بيضاء ” كالحجارة ، و العيدان أو أي جسم صلب يضمن تفريغ الغضب و تحقيق النصر . و هي أيضا تلك النزاعات التي تتخللها الشتائم البذيئة ، والكلام السوقي . كما يندرح تحته ذلك الشجار الذي يتطور مع الوقت إلى رغبة في الانتقام ، وشعور بالظلم والقهر ، وتكون له عواقب وخيمة مع الأيام .

ومن أسباب شجار الإخوة ، استنادا إلى تجارب مسبقة ، ودراسات مفصلة ، ما يلي :

العناد

العناد بشكل ما معاكس للطاعة ، فالطفل الذي يرفض القيام بأمر طلبه والداه أو أحدهما يعد معاندا . لكن أسوء أشكاله وأحدها ، هو أن يفعل الطفل عكس ما يطلب منه . ومن مظاهر العناد رفض الأوامر الصادرة من الأبوين ، والتلكؤ في أداء المهام الموكلة إليه ، الغصب لأفته الأسباب ، والتصرفات غير اللائقة التي يقوم بها عنادا لغيره ، و تجاوز الحدود مع الآخرين ، وغيرها .

من أسباب العناد :

الأنانية

في أحد أشعاره قال شوقي : ” قد فُطر الطفل على الأنانية ” . ومشكلة الأنانية مشكلة شائعة ، وهي الحب المفرط للذات ، وحب التملك ، والحصول على مايريد له وحده دون مشاركة من غيره ، والاستيلاء على الأشياء حتى مع عدم موافقة الآخرين .

من أسباب الأنانية :

تابع مقال : الأنانية عند الأطفال

الخجل

الخجل هو الخوف والانكماش والارتباك في مواقف كثيرة ، وخاصة عند الالتقاء باشخاص خارج دائرة معرفته ومحيطه الصغير . ومن مظاهره الانطواء خارج البيت أو في غياب من اعتاد عليهم ، والانسحاب والخوف من مواجهة الآخرين ، وانخفاض الثقة ، وعدم المبادرة ، والحساسية الزائدة ..الخ

من أسباب الخجل :

اضطراب العادات

وتندرج تحت هذا الصنف من المشاكل مشكلة قضم الأظافر ، ومص الإبهام ، والتبول اللاإرادي ، والتبرز اللاإرادي ، واضطراب النوم ، والتلعثم ، واضطراب الأكل . وهي تتكون عموما نتيجة لأسباب عضوية أو وراثية أو نفسية أو مشاكل عائلية والجتماعية . كل واحدة من هذا المشاكل لها أسبابها ومظاهرها ، وطرق خاصة للعلاج ، والتي سنتحدث عنها في مقالات لاحقة ، بإذن الله .

العدوانية

العدوانية التي نتحدث عنها والتي يشكو منها الكثير لدى أطفالهم ، هي تلك السلوكات التي تسبب الأذى ، وتمثل العنف . ويكون إما جسديا كالضرب والعض ، أو كلاميا كالألفاظ البذيئة وعبارات الشارع البعيدة كل البعد عن الاحترام والأدب . وربما يكون رمزيا عن طريق توجيه نظرات خاصة بالعيون حسب المواقف والأهداف كالاحتقار والاستخفاف والإهانة والسخرية .

ومن أسباب العدوانية :

الشعور بالدونية

هو إحساس الطفل بأنه أدنى مستوى من غيره ، سواء تعلق الأمر بالذكاء أو المهارات أو اللعب أو القوة وغيرها من مظاهر التفوق في نظره . وذلك لأن الطفل يجري مقارنات دائمة مع أقرانه ومن هم في سنه ، ويجد أنه الطرف الأسوء أو الأدنى بعد سلسلة من المقارنات . ومن مظاهره الخوف ، والتشاؤم ، وإلقاء اللوم على نفسه باستمرار ، فقدان الحماس للقيام بأي عمل ، والانسحاب بسرعة .

من أسباب تولد هذا الشعور لدى الطفل :

النشاط الزائد

يتذمر الكثير من الآباء من قضية النشاط الحركي الزائد عند بعض أطفالهم ، ومنهم من يخاف من تطورها . وهنا ، تأتي التحليلات العبقرية من مختلف الأقارب ، فمن قائل أنها علامة من علامات النبوغ ، ومنهم من يعده مرضا يحتاجا تدخل الطبيب ، ومنهم من يُهوّن الموضوع بحكم تجارب سابقة ، ومنهم ومنهم .. وتكثر التحاليل والفتاوى ، ولا يستفيد في النهاية أحد .

و استنادا إلى الدراسات ، فإن حالة النشاط الزائد هي تلك الحركات الجسمية الزائدة عن الحد المعتاد ، والتي يستهجنها الأبوان مقارنة بمن يعرفون من الأطفال . ومن مؤشراته صعوبة الاستقرار في مكان معين ، وكثرة التجول و تسلق الأماكن المرتفعة ، وكذا الفشل في كل المهمات الموكلة إليه لأن الحركة الزائدة تقلل التركيز . كما أن الطفل في هذا النوع من الحالات يشعر بملل سريع من الألعاب التي تستدعي التركيز . ومن أساليب العلاج الصبر على الطفل والثناء عليه ، وسنتوسع في مقال خاص عن النشاط الزائد عند الأطفال .

ضعف الانتباه

هو التشتت وعدم التركيز وقلة المثابرة على الشيء . وقد يظهر هذا السلوك بأشكال مختلفة ، فمثلا قد تلاحظه عند الطفل الذي لا يستقر على لعبة معينة ، بل يغيرها بسرعة دون إتمامها . وقد ينتقل من نشاط إلى آخر في ظرف قصير ، ولا يثبت على أمر معين . وهو أيضا يضيع أشياءه باستمرار ، و لا ينهي مهماته وواجباته . كما أنه أحد أهم الأسباب في النشاك الحركي الزائد الذي سبق وتحدثنا عنه .

الفوضوية

الفوضوية أو عدم الترتيب أو كما يفسرها باللامبالاة ، كلها تعني عذم الاهتمام أو قلته ، التشويش ، الافتقار للأناقة والافتقار للدقة . وبشكل عام ، كل الأطفال فوضويون ، لكن هذا يصبح مشكلة حين يتجاوز الحد المعقول والمألوف .

ومن أسبابها :

خاتمة

مشاكل الأطفال كما نوهنا مسبقا كثيرة . لكنها رغم صعوبة بعضها غير مستعصية الحل ، إن اكتشفناها بسرعة ، وعملنا جهدنا لحلها وعلاجها .

هناك مشاكل كثيرة أخرى لم نذكرها ، ومن المستحيل أن نلخص كل شيء مرة واحدة ، لكننا سنخصص مقالات مفصلة لكل المشاكل الممكنة بإذن الله . ومن المشاكل : الاعتمادية الزائدة ، أحلام اليقظة ، القلق ، الخوف ، الحساسية الزائدة ، الصحبة السيئة ، القسوة ، العزلة ، الكلام البذيء ، التخريب ، السرقة ، الغيرة ، …

Exit mobile version