الموت حق
كَـمْ ذَا تَعِيشُ مُؤَمِّلًا بَيْنَ التَّلَاقِي و الحَنِين
وَ يَغُرُّكَ الأَجَلُ البَعِيدُ و طُولُ هَاتِيـكَ السِّنِين
و تَشِيـدُ أَبْرَاجَ الأَمَانِ و تُعْلِي مَبْنَاهَـا المَكِين
و تُمَنِّــي نَفْسَكَ بِالبَقَاءِ و أَنْتَ لِلْمَوْتِ الرَّهِين
القَبْـرُ مَوْئِلُ كُلِّ حَــيٍّ فَاتَّعِظْ و خُذِ اليَقِيــن
قَدْ صَاغَنَا الخَـلَّاقُ مِنْ طِينٍ و مَرْجِعُنَا لِطِين
كَــمْ ذَا تُشَاهِدُ رَاحِلًا و تَظَلُّ فِي غَيٍّ مُبِين
اليــَوْمَ مَــاتَ مُحَمَّدٌ و غَدًا أَمِينَةُ أَو أَمِين
كُـلُّ ابْنِ آدَمَ مَيِّــتٌ اليَوْمَ أَو مِن بَعْدِ حِين
لَا يَنْجُو مِنْــهُ مُغَفَّلٌ كَلَّا و لَا يَنْجُو البَنِين
أو كُلُّ عَيٍّ أو مُفَوَّهَ أو عَجُولٍ أو رَزِين
و يَصِيرُ للقَبْرِ المُهَفْهَفُ و المُقَوَّرُ و البَدِين
و الضَّامِرُ القَشْوَان والـ ـمِبْطَان والضَّخْمُ الثَخِين
و سَيَحْصُدُ المَوْتُ الخَلِيَّ و يَأْخُذُ الآسِ الحَزِين
و سَيَجْنِي أرْوَاح الحِرَارِ و يَقْبِضُ العَانِي السَّجِين
و يَمُـوت مِنَّا الشَّيْخُ والـ غِرُّ المُرَاهِقُ و الجَنِين
و المُدنَفُ المُعْتَلُّ والـــ ــــمَجْنُون والجَلْدُ المَتين
و كَذا القَـوِيُّ الُمْستَطِيعُ و مَنْ تَوَهَّنَ و المَنِين
و الطَّيِّبُ الأعْرَاقِ والــ ــفَيَّاضُ والجَعْدُ الضَّنِين
و يَزُولُ سُلْطَـانٌ و يَفْنَى كُلُّ فِرْعَونٍ مَهِين
مَهْمَا تَجَبَّـرَ أو طَغَى أو غَارَ في حِصْنٍ حَصِين
كلٌّ سَيَقْضِـي نَحْبَهُ يَوْمًا و لن يَهْبُو الفَطِين
قد مات قَبْلَكَ خَيْرُ خَلْقِ الله خَيْرُ العَالَمِين
و قَضَى صَحَابَتُهُ الكِرَام و مَاتَ كُلُّ التَّابِعِين
و لَقَدْ تَوَفَّى اللَهُ قَبْلَـــ ــــهُمُ جَمِيعَ المُرْسَلِين
فاعْلَــمْ بِأنَّـكَ رَاحِلٌ مَهْمَا تَقَدَّمَتِ السِّنِين
لَوْ كَانَ حَيٌّ خَالِــدًا سَيَكُونُ هَادِيَنَا الأَمِين
بقلم : آفاق