خواطرمنوعات
أخر الأخبار

وقفة تأمل

لله ماأعظم خلقه .. وأوسع حكمته .. وأحسن تدبيره ..
كيفما كنت .. وحيثما درجت .. وأنى صرّفت بصرك وفكرك .. ستلقى في خلقه و بديع صنعه ، فيضا من العبر وباقة عطرة من الدروس .. لم ولن تتلقاها إلا في هذه المدرسة .. مدرسة الحياة ..
من هذه الطبيعة التي تضحك حينا .. وتبكي أحيانا .. تثور تارة وتسكن أخرى .. تبسم ثم ما تلبث أن تعبس . هذا المعلم الذي إذا تحدث أسمع .. وإذا جادل أقنع .. وإذا ضرب أوجع .

نظرت إلى الشجر .. فإذا هوالجواد المعطاء .. يعطي ولا يسألك الأجر .. يبذل ولا ينتظر الجزاء . وهو فوق ذلك المسامح الكريم .. قد تقطعه وقد تؤذيه .. فإذا لفحك القيظ ، أو داهمك المطر .. لجأت إليه .. فيحنو عليك حنو الأم على طفلها .. ويأويك بين أذرعه كمن يخشى عليك الضرّ.

ونظرت إلى الوردة كيف تُزهر ، فتكون ملكة الروض .. ثم ماتفتأ ان تذبل .. فيرفع كل من في الروض رأسه شامخا ، ظنا منه أن العرش قد خلا ، والمقعد قد شغر .. لكنها تأبى إلا أن تعود .. تعود أبهى وأجمل ..
وعجبت لها وهي الجميلة الوديعة ، كيف تكشر كالأسد إن لُمِست .. وتخز لامسها وخز الإبر فتُدْميه .. وعن قصْدِه تثنيه .

ورأيت النحلة .. وهي تضع حدا لحياتها كي تحمي جناها .. وتؤمِّن لخليتها العيش ، ضاربة عرض الحائط كل معاني الأثرة وحب الذات ..
ولمحت النملة .. وهي الصغيرة .. مجاهدة في عز الصيف .. ساعية في طلب القوت .. حاملة ما يفوق حجمها أضعافا .. لا تشكو الكلل ولا الملل .. تضع حياتها على المحك لتصل .. وتكافح لتحصّل ..

ثم نظرت لحالنا نحن البشر .. ونحن غارقون في لجج الغل و الأنانية .. كيف لا نأخذ من الشجر سماحته وعطاه .. ومن النمل عزيمته وصبره .. وكيف لا نستمد من النحل إيثاره و ذوذه عن غلته و كد يمينه .. و كيف لا نكون الزهر بإبائه وغيرته ، وأنفته أن يعبث بكرامته عابث ..

ولو فعلنا .. ماوُجِد الدهر شرف يُغصب .. ولا أرضٌ تُسْلَب . لو كنّا .. مامُرّغت كرامتنا في التراب .. ولاصِرنا النعجةَ تنهشها الذئاب ..
مابقي في الأرض شريد معدم .. ولا جرت فينا سواقي الدم والدمع .. لو فعلنا .. لنكأنا الجراح الدامية .. و أعدنا للوجوه نضارتها .. وللنفوس سكينتها .. للأرض ربيعها و للربوع اخضرارها .. وللحياة معانيها ..
هذا ما نأمله .. فأين المبصرون ؟

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى