إسلامياتشخصياتمنوعات

العلامة ابن القيم

اسمه ونسبه :

أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي زيد الدين الزُّرعي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية . واشتهر ـ رحمه الله ـ بإبن قيم الجوزية . وقيم الجوزية هو والده ـ رحمه الله ـ فقد كان قيما على المدرسة الجوزية بدمشق مدة من الزمن ، واشتهر به ذريته وحفدتهم من بعد ذلك ، وقد شاركه بعض أهل العلم بهذه التسمية . وتقع هذه المدرسة بالبزورية المسمى قديما سوق القمح ، وقد اختلس جيرانها معظمها وبقي منها الآن بقية ثم صارت محكمة إلى سنة 1372هـ.

عائلته :

عائلة “آل القيم” عائلة علمية، فوالده هو “أبو بكر بن أيوب بن سعد الزرعي” الذي كان قيّماً على «المدرسة الجوزية» بدمشق، وقد كان هو نفسه أحد معلمي ابنه وشيوخه، فقد أخذ منه ابنه ابن القيم علم الفرائض. وأخوه هو “أبو الفرج زين الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن أيوب الزرعي” ولد سنة 693هـ أي أنه أصغر من ابن القيم بنحو سنتين، وقد كان هو الآخر عالماً، وقد كان ابن رجب أحد تلامذته، وقد تفرّد بالرواية عن شيخه “الشهاب العابر”. ومن عائلته أيضًا ابن أخيه “عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن زين الدين عبد الرحمن” الذي اقتنى أكثر مكتبة عمه ابن القيم، وتوفي سنة 799هـ. ومن أبنائه الذين تُرجم لهم، ابنه “شرف الدين، وجمال الدين عبد الله” وقد كان عالماً وخطيباً، وقد درَّس في المدرسة الصدرية عقب وفاة والده، توفي شاباً في سنة 756هـ وعمره ثلاث وثلاثون سنة. وابنه “برهان الدين إبراهيم”، وقد أفتى ودرَّس بالمدرسة الصدرية، وقد كان عارفاً بالنحو وله شرح لألفية ابن مالك سماه “إرشاد السالك إلى حل ألفيّة ابن مالك”. وكانت وفاته سنة 767هـ.

مولده :

تفق كتب التراجم على أن ابن القيم ولد في سنة 691هـ/1292م، وقد حدّد يوم ولادته بالتحديد «صلاح الدين الصفدي» في كتابه «الوافي بالوفيات» فبين أن ولادته في يوم 7 صفر سنة 691هـ الموافق ليوم 28 يناير 1292م. وقد تابعه على ذلك «الداودي»، و«جلال الدين السيوطي»، و«ابن تغري بردي»

لم تصرّح جُلُّ المراجع بمحلّ ولادة ابن القيم هل هي في مدينة إزرع أم في مدينة دمشق، إلا أن «عبد الله بن مصطفى المراغي» صرح بذلك في كتابه «الفتح المبين في طبقات الأصوليين»، فذكر أنه ولد في مدينة دمشق.

عبادته وزهده

قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ : وكان ـ رحمه الله تعالى ـ ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة ، والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله والانكسار له ، والإطراح بين يديه وعلى عتبة عبوديته ، لم أشاهد مثله في ذلك ولا رأيت أوسع منه علماً ، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه ، وليس بمعصوم ، ولكن لم أر في معناه مثله . وقد امتحن وأوذي مرات ، وحبس مع الشيخ تقي الدين في المرة الأخيرة بالقلعة منفردا عنه ولم يخرج إلا بعد موت الشيخ . وكان في مدة حبسه منشغلا بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر ففتح عليه من ذلك خير كثير وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة ، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف والدخول في غوامضهم وتصانيفه ممتلئة بذلك . )

وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ : ( لا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه ، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا ، ويمد ركوعها وسجودها ، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك ـ رحمه الله تعالى ـ ) .

شخصيته وصفاته :

يقول ابن كثير: «وكان حسن القراءة والخلق كثير التودد، لا يحسد أحدًا ولا يؤذيه، ولا يستعيبه ولا يحقد على أحد وبالجملة كان قليل النظر في مجموعه وأموره وأحواله، والغالب عليه الخير والأخلاق والفضيلة.» ويقول أيضًا معتزًا بصحبته ومحبته له: «وكنتُ من أصحب الناس له وأحب الناس إليه». ويقول ابن رجب:«وكان رحمه الله تعالى ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر. وشغف بالمحبة والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله والانكسار له، والإطراح بين يديه على عتبة عبوديته لم أشاهد مثله في ذلك، ولا رأيت أوسع منه علمًا ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان أعلم منه وليس هو المعصوم ولكن لم أر في معناه مثله.»

سيرته والزمن الذي نشأ فيه :

عاش ابن القيّم في زمن انتشرت فيه الفوضى والارتباكات الدّاخليّة، بالإضافة إلى التّهديد الخارجيّ الذي كان يُهدد الدّولة الإسلاميّة. رفض ابن القيّم هذا الانقسام ودعا إلى التّمسّك بكتاب الله وسنّة نبيّه عليه الصّلاة والسّلام، وكان هدفه تخليص النّاس من المعتقدات الباطلة، وتطهير الدّين من البدع، والعودة إلى أخلاق السّلف الصّالح.

كان ابن القيّم مُهتمًّا بالصّوفيّة، ويخاطب في كُتُبه المتصوّفيين وأمور القلب بشكل عامّ، والفضائل، وهكذا يتبيّن أنّ دور ابن القيّم شبيه إلى حدٍّ ما بدور الغزالي، قبل مئتي عام، في إعادة واكتشاف البعد الدّاخليّ للإسلام، مع مهمّة إضافيّة وهي إزالة البدع الجديدة التي أحدثها النّاس.

اتصاله بابن تيمية :

اتفقت كلمة المؤرخين على أن تاريخ اللقاء كان منذ سنة 712هـ وهي السنة التي عاد فيها شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ من مصر إلى دمشق واستقر فيها إلى أن مات ـ رحمه الله ـ سنة 728هـ . وقد تاب ـ رحمه الله ـ على يد شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ قال :

يا قوم والله العظيم نصيحة *** من مشفق وأخ لكم معوان

جربت هذا كله ووقعت في *** تلك الشباك وكنت ذا طيران

حتى أتاح لى الإله بفضله *** من ليس تجزيه يدى ولساني

بفتى أتى من أرض حران فيا *** أهلا بمن قد جاء من حران

فالله يجزيه الذي هو أهله *** من جنة المأوى مع الرضوان

أخذت يداه يدي وسار فلم يرم *** حتى أراني مطلع الإيمان

ورأيت أعلام المدينة حولها *** نزل الهدى وعساكر القرآن

ورأيت آثارا عظيما شأنها *** محجوبة عن زمرة العميان

مكانته بين العلماء:

لم يتقيّد ابن القيّم بالمذهب الحنبليّ وحده، بل كان يأخذ وجهات نظر مختلفة، ونبذ في منهجه التّقليد، مثل باقي العلماء. تولّى ابن القيّم التّدريس وإصدار الأحكام لسنوات عديدة، واستفاد جميع الأشخاص منه دون استثناء، وشهد له العلماء بالتّقوى والمعرفة، قال عنه ابن حجر العسقلانيّ: كان قلبه شُجاعًا، ومعرفته واسعة، وكان على دراية جيّدة بالاختلافات بين المذاهب الفقهيّة.

قال عنه ابن كثير: لقد كان ملتزمًا ويمتلك معرفة واسعة، وكان يصلّي ويقرأ القرآن كثيرًا، ويتّسم بطباعٍ ممتازة، وله عاطفة وصداقة عظيمة، ولم يَكن غيورًا أو حسودًا، ولم يُعرف أحدٌ في الشّام أكثر منه عبادة، وله أسلوب معيّنٌ في الصّلاة، فهي طويلة جدًّا.

قال عنه الملّا علي القاريّ: كلُّ من يحقّق في كتاب مدارج السّالكين سيصبح واضحًا له من هو ابن قيّم الجوزيّة، لقد كان من بين أقدم علماء أهل السّنّة والجماعة، ومن أولياء الله لهذه الأمّة

قال عنه الحافظ السّيوطي: أصبح ابن القيّم واحدًا من كبار العلماء في التّفسير، والحديث، واللّغة العربيّة، والفقه، والسّيرة، والتّاريخ، كما كتب الكثير من الشّعر.

فتاوى امتحن بسبها :

  • مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد .
  • فتواه بجواز المسابقة بغير محلل : وذكر ابن حجر ـ رحمه الله ـ أنه رجع عن هذه الفتوى ، وما ثمة دليل على الرجوع ، والله أعلم بالصواب ، وقوله هو الصواب الموافق للدليل .
  • إنكاره شد الرحال إلى قبر الخليل .
  • مسألة الشفاعة والتوسل بالأنبياء .

شيوخه :

أشهر شيوخ ابن قيّم الجوزيّة، هو ابن تيمية ورافقه لمدّة سبعة عشر عامًا، وترك أعظم الأثر في نفسه، وكان حبه لابن تيمية عظيمًا جدًا؛ لدرجة أنّه لم يعارض أبدًا أيّ شيء ممّا قاله، بل دعمه في كلّ شيء، وكان هو الذي حرّر كُتُبه وكتبها، ونشر تعاليمه، وانتقد نفس الأشياء التي انتقدها شيخه ابن تيمية. برغم كلّ هذا الحُبِّ كان ابن القيّم، كان أكثر سهولةً ومرونة من معلّمه مع أولئك الذين اختلف معهم

ومن شيوخه أيضًا الشّهاب النّابلسي، وأبو بكر ابن عبد الدّايم، والقاضي تقيّ الدّين سليمان، عيسى ابن المُطعم، فاطمة بنت جوهر، علاء الدّين الكنديّ، محمد ابن عبد الفتّاح البعلبكيّ، أيوب بن كمال.

تعلّم قوانين الميراث من شيخه إسماعيل بن محمد، واللّغة العربيّة من شيخه عبد الفتّاح البعلبكيّ، والمجد التّونسيّ. درس الفقه على يد مجموعة من العلماء منهم، إسماعيل بن محمد الحرّانيّ، وأخذ علم أصول الفقه من الشّيخ الصّافي الهنديّ.

تلاميذه :

من أشهر تلاميذه :

  • ابنه برهان الدين إبراهيم.
  • ابنه شرف الدين وجمال الدين عبد الله.
  • الحافظ ابن رجب الحنبلي.
  • ابن عبد الهادي.
  • محمد بن عبد القادر بن عثمان النابلسي الحنبلي.
  • محمد بن محمد بن محمد بن الخضر الغزي الشافعي.
  • مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي.
  • محمد بن محمد القرشي المقري التلمساني.
  • صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي.
  • زين الدين علي بن الحسين بن علي الكناني الحنبلي.

مؤلفاته :

  • اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية.
  • الاجتهاد والتقليد.
  • أحكام أهل الذمة.
  • أسماء مؤلفات ابن تَيْمِيَّة.
  • أصول التفسير.
  • الإعلام باتساع طرق الأحكام.
  • إعلام الموقعين عن رب العالمين.
  • إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان.
  • إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان.
  • اقتضاء الذكر بحصول الخير ودفع الشر.
  • الأمالي المكية.
  • أمثال القرآن.
  • بدائع الفوائد.
  • بطلان الكيمياء من أربعين وجهًا.
  • بيان الاستدلال على بطلانِ اشتراط مُحَلِّلِ السِّبَاقِ والنِّضَالِ.
  • التبيان في أقسام القرآن.
  • التَّحْبِيرُ لِمَا يِحِلُّ وَيحرمُ مِن لِبَاسِ الْحَرِير.
  • التحفة الْمَكِّيَّة.
  • تحفة المودود بأحكام المولود.
  • تحفة النازلين بجوار رب العالمين.
  • التعليق على الأحكام.
  • تفسير الفاتحة.
  • تفضيل مكة على المدينة.
  • تهذيب مختصر سنن أبي داود.
  • الجامع بين السنن والآثار.
  • جلاء الأفهام في فضائل الصلاة والسلام على خير الأنام.
  • جوابات عابدي الصُّلْبَان، وأن ما هم عليه دين الشيطان.
  • الجواب الكافي لمن سأل عن ثمرة الدعاء إذا كان ما قدر واقع.
  • الجواب عن علل أحاديث الفطر بالحجامة.
  • الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء.
  • حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح.
  • الحامل: هل تحيض أم لا؟.
  • حكم إغمام هلال رمضان.
  • حكم تارك الصلاة.
  • حكم تفضيل بعض الأولاد على بعض في العَطِيَّة.
  • رسالة إلى بعض إخوانه.
  • الرِّسَالة التَّبُوكِيَّة.
  • الرسالة الْحَلَبِيَّة في الطريقة الْمُحَمَّدِيَّة.

وفاته :

توفّي ابن قيّم الجوزيّة في آخر وقت العشاء، في ليلة الخميس الثّالث عشر من رجب في سنة 751 للهجرة، وكان عمره بالكاد ستّين سنة، وكانت صلاة الجنازة في المسجد الأمويّ، ودفن في مقبرة باب الصّغير على سفح جبل قاسيون في دمشق، بالقرب من قبر والده رحمهما الله.

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى