إسلامياتمنوعات

وقفة مع آية – إن الإنسان خلق هلوعا

الحمد لله ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، و ما توفيقي و لا اعتصامي و لا توكُّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بربوبيته ، و إرغاما لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ، سيدُ الخلق والبشر ، ما اتَّصلت عينٌ بنظر أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذرِّيته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، و لا تعذِّبنا فإنك علينا قادر، و الطف بنا فيما جرت به المقادير ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علَّمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً ، وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

اليوم اخترنا لكم آية جليلة عظيمة تصف تصرف الإنسان وانفعاله وما جبله الله تعالى عليه قال تعالى :” إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا*إذا مسه الشر جزوعا *وإذا مسه الخير منوعا *إلا المصلين “

فاليوم يا أحبابي سأخبركم عن طباع الإنسان وحقيقتها من خلال القرآن ، فالله سبحانه وتعالى كما نرى في هذه الآية أنه خلق الانسان ذو طبع عجل وهلع سنشرح معاني الآية حتى نفهم معناها :

شرح الآية :

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبى عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) قال: هو الذي قال الله (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ) ويقال: الهَلُوع: هو الجَزُوع الحريص، وهذا في أهل الشرك.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) قال: شحيحا جَزُوعا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد عن عكرمة (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) قال: ضَجُورًا.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: (إِنَّ الإنْسَانَ ) يعني: الكافر، (خُلِقَ هَلُوعًا ) يقول: هو بخيل منوع للخير، جَزُوع إذا نـزل به البلاء، فهذا الهلوع.

حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، قال: ثنا خالد بن الحارث، قال: ثنا شعبة، عن حصين، قال يحيى، قال خالد: وسألت شعبة عن قوله: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) فحدثني شعبة عن حصين أنه قال: الهلوع: الحريص.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، قال: سألت حصينا عن هذه الآية: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) قال: حريصا.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) قال: الهلوع: الجزوع.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (خُلِقَ هَلُوعًا ) قال: جزوعا.

إلا المصلين أي المقيمين للصلاة ، وقيل : المراد بهم أهل التوحيد : يعني أنهم ليسوا على تلك الصفات من الهلع ، والجزع ، والمنع ، وأنهم على صفات محمودة وخلال مرضية ؛ لأن إيمانهم وما تمسكوا به من التوحيد ودين الحق يزجرهم عن الاتصاف بتلك الصفات ، ويحملهم على الاتصاف بصفات الخير .

الحكمة من خلقه هلوع : (النابلسي )

لو أردنا أن نتعمَّق في جذور هذا الهلع لماذا كان الإنسان هلوعاً ؟ بمعنى إذا مسَّه الشرُّ كان جزوعاً ؟ و لماذا إذا مسه الخير منوعاً ؟ جذور هذه الطبيعة أو تلك السمة الأساسية في بناء شخصية الإنسان تعود هذه الجذور إلى أن الإنسان في أصل خلقه فُطِر على حبِّ ذاته ، حبُّ ذاته يتفرَّع منه حبُّ سلامته ، و يتفرَّع منه حبُّ كمال سلامته، وحبُّ بقائه ، أي استمرار سلامته ، ثلاثة ميول شديدة أساسها حبُّ ذاته . و لمصلحة عليا ، و لهدف كبير، و لصالح سعادته الأبدية فُطر الإنسانُ على حبِّ ذاته ، ويتفرَّع عن هذا الحبِّ حبُّ سلامة ذاته ، و حب كمال وجوده ، وحبُّ بقاء وجوده ، و يتفرع عن هذا الفرع أن الشيء الذي يحقِّق لك سلامتك تحبُّه أيضاً ، و أن الشيء الذي يحقِّق لك كمال وجودك ولذَّتك و سعادتك تحبُّه أيضاً ، فلأن الإنسان أيها الأخوة مفطورٌ على حبِّ وجوده ، وتفرَّع عن هذا الحب حبٌّ سلامة وجوده ، و حبُّ كمال وجوده ، وحبُّ استمرار وجوده ، لذلك كنتيجة طبيعية ، وكاستنباط مشروع أن الإنسان إذا شعر أن هناك خطراً يتهدَّد سلامته يُصاب بالخوف الشديد ، والجزع الشديد ، وتنهار أعصابُه ، وترتعد فرائصه ، وقد يشعر بآلام لا تُحتمَل ، هذه طبيعة الإنسان ، لأنه يحبُّ ذاته ، يحبُّ سلامة ذاته ، يحب لذائذ يستمتع بها ، أي كمال وجوده ، و يحب كلَّ شيء يحقِّق له سلامته ، فإذا ما لاح في الأفق خطرٌ يتهدَّد سلامته ، أو يتهدَّد وسائل سلامته ، وهي المال ، عندئذ هو كثير الجزع ، جزوع ، انهيار عصبي ، اختلال في توازنه ، أحياناً يضيع عقلُه ، أحياناً يصيبه خوفٌ شديد ، يصبح فؤادُه فارغاً .

توضيحاً لهذه الحقائق كيف أن الإنسان يحب شيئاً ، ويتفرع عن هذا الحب حبُّ شيء آخر ، أنت تحب الطعام ، و تحب مع الطعام المالَ ، لأن المال ثمن الطعام ، فحبُّ المال ليس لذاته ، لكن لغيره ، حبُّ المال فرعٌ عن حب الطعام ، والشراب ، والمأوى ، وما إلى ذلك ، لذلك أيها الأخوة الأكارم وضعٌ طبيعيٌّ جداً ، بنيةٌ أساسية في الإنسان أنه إذا لاح له خطرٌ يتهدَّد سلامته ، صحته ، سلامة من يلوذ به ، سلامة المال الذي يحصِّله لتحقيق سلامته ، تنهار أعصابُه ، وترتعد فرائصه ، ويُصاب بخوف شديد ، وقلق عظيم .

 شيء آخر ، هذا إذا مسَه الشرُّ كان جزوعاً ، فلماذا إذا مسَّه الخيرُ كان منوعاً ؟ لأن الإنسان إذا حاز مالاً وفيراً ، هذا المال مادة الشهوات ، ووسيلة فعَّالة لتحقيق أهدافه ، لذلك يحرص عليه أشدَّ الحرص ، و يضِنُّ بإنفاقه ، ويسعى إلى أن يحوزه في أعلى مستوياته ، و إذا مسه الخير كان منوعاً ، إن الإنسان خلق – هكذا خُلق – هذا ضعف في خلقه ، قال تعالى :

﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾

فوائد من هذه الآية :

1-  وصف الله اﻹنسان بأنه(خلق هلوعا)و(لفي خسر)و(لظلوم كفار)و(لربه لكنود)وهذا أصل فيه،واستثنى الله القلة(إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون..) / سعود الشريم

2-  من أعظم أسباب الاستقرار النفسي المداومة على الصلاة{ إن الإنسان خلق هلوعا…}

3-كثرة الصلاة تُثبّت عند المصائب، وتُهذّب النفس من الطمع والجزع (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين) / عبدالعزيز الطريفي

4-  {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر كان جزوعا إذا مسه الخير كان منوعا إلا المصلين) إلى من يشتكي سرعة الإنفعال والهموم اضبط صلاتك تنضبط انفعالاتك.. / إشراقة آية

5-  “إن الإنسان خلق هلوعا. إذا مسه الشر جزوعا . وإذا مسه الخير منوعا. إلا المصلين” .. المصلّون: أعظم الناس طمأنينةً وراحةَ بال.” / يعقوب مطر العتيبي

6-  الصلاة قرار النفوس وميزانها عند تقلبات الدنيا وتغيرها (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسّه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا الا المصلين) / عبد العزيز الطريفي

7-  الصلاة راحة يسكن إلى ظلها المؤمن كلما مسه تعب الحياة وهذا مصداق قوله “إن الإنسان خلق هلوعاإذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين” / أبو حمزة الكناني

     -8           إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين { إلى من يشتكي سرعة الانفعال والهموم، اضبط صلاتك تنضبط انفعالاتك. / إشراقة آية

          -9        “وإذا مسه الخير منوعاً” . أسوأ صفة هي جحود المعروف أبعد تنعمك في خير ربك تمنعه عن غيرك؟! . / خواطر قرآنية

إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20)

وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22)

1-  وإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ من يقيم الصلاة حقا لن يكون بخيلا. / عبد الله بلقاسم

2-  كثرة الصلاة تُثبّت عند المصائب، وتُهذّب النفس من الطمع والجزع (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين) / عبد العزيز الطريفي

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى