شعرمنوعات

من ظلمة الرحم إلى ظلمة القبر.. أبيات عن دورة الحياة

الحياة قصيرة لو تأملتها.. واضحة العلامات ، بَيِّنَةُ المحطَّات، تبدأ من الظلمات وتنتهي إلى الظلمات. تبدؤها في ظلمة الرحم تسعة أشهر، تبصر بعدها نور الحياة. لكنه نور مشوب بالظلمة.. نورٌ تحجبه المنغصات وتلقي به في جُبِّ العتمة. وبعد صراع ونزاع تغلب الظلمة من جديد، حين يحين الوعد ويُجهّزُ اللحد. وهذه باختصار بليغ دورة الحياة.

نُحمَلُ، ثم نحبو، ثم نمشي.. “نُنَاغي”، ثم نرطن، ثم تنفك عقدة اللسان فنتكلم. نكون صبية صغارا همنا الأكبر ماذا نلعب، وإذا لعبنا كيف نغلب، نتوق للكِبَرِ، ولا نأبه للخطَر، نوزّع مجَّانًا البَسمات، ونقهر أحزاننا بالضحكات.

ثم كبرنا وكبرت معنا الهموم، وغطّى على بسماتنا الوجوم، واكفهرّت الوجوه بعد الانشراح، وحضر الكدر بعد عرس الأفراح. وصرنا ننبش الجراح بأيادينا عنوة لتتقرح، ونطرق باب الهم -لو يوما غَابَ- حتى لا نفرح. لبسنا ثوب الشباب، ثم أضعناه في التفاهات والنزاعات حتى شَاب. ثم ما لبثنا إلا ساعة من نهار حتى حانت الساعة، وحضر مُفرِّقُ الجماعة، وعدنا للظلمة مرغمين، راضين أو مكرهين. وانتهت دورة الحياة الدنيا عند هذه المحطة، وبدأ دورة الحياة الأخرى.. الحياة الباقية.

فِي ظُلمَةِ الرَّحِمِ الصَّغِيرِ نُكَوَّنُ  …  وَنَظَلُّ تِسْعًا فِي الغَيَاهِبِ نَسْكُنُ

نَأْتِي إِلَى هَذِي الحَيَاةِ وَنَحْنُ لَا  …  نَدْرِي أَنَعْمُرُ أَمْ سَرِيعًا نُدْفَنُ

نَحْبُو وَنَمْشِي ثُمَّ نَنْطِقُ أَحرُفًا   …    مِنْ بَعْدِ مَا كُنَّا بِجَهْدٍ نَرْطِنُ

لَعِبُ الصِّبَا ثُمَّ الشَبَابُ وَبَعدَهَا  …  كَهْلٌ فَشَيْخٌ بِالبَيَاضِ يُكَفَّنُ

وَ خِتَامُهَا مَوتٌ يُوَسِّدُنَا الثَّرى   …    وَبِحُفرَةٍ ظَلْمَاءَ سَوفَ نُوَطَّنُ

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى