عالم الطفلمنوعات

كوكاكولا .. لعبة الشريط المطاطي (قصة قصيرة)

توطئة..

في مدينتي ومسرح طفولتي كانت الألعاب الجماعية تتبع الفصول.. ففي الشتاء قفز بالحبل للبنات و”حيزة”، وفي الصيف أو حواليه “كوكاكولا”. ولا يمنع أن تُلعب تلك في ذاك ، خاصة مع تقلبات الطقس، لكن هذا الغالب. مع ذلك.. أتذكر أن “كوكاكولا” -ولست أدري كيف تسمونها- كانت أثيرة لدينا خاصة في سنوات طفولتنا الأخيرة، ما جعلنا نلعبها على مدار العام. وإليكم وصفا قصصيا طريفا لأجواء اللعب.

كوكاكولا .. القفز على الشريط المطاطي

جولة من “كوكاكولا” في ساحة المدرسة..

تجمّعن في ساحة المدرسة وقت الفسحة ، ينتظرن صاحبة الخيط السحري الذي لن يحلو اللعب ولن يتم بدونه . هذا الخيط المطاطي الذي لا يُملك  إلا نادرا ، ومَن مَلكته ملكة  البنات ، وقِبلة الفتيات . ولن تحصل عليه غالبا إلا اثنتان لا ثالثة لهما : مُدللة الماما أو العائلة ، وهذه إما أنها تحصل بين الفينة والأخرى على بقشيش  يكفي لشراء متر أو اثنين من الخيط ، أو أنها تحضره مباشرة من البيت بعد أن تتدلل قليلا  وربما كثيرا على أمها أو من يكون الخيط في جعبتها وعلبتها.

 و تلك التي لن تأخذه إلا بعد كف أو كفين ، وشدة شعر أو اثنتين ، وربما لسعات من الشبشب الفتاك الخطير ، قاتل الفئران  والصراصير ، والتي لن تجلس على قفاك بعدها ساعة أو ساعتين ، وربما يومين حسب شدة الضربات وعددها ، وستأتي المسكينة وهي تحمله راسمة على محياها ابتسامة النصر ، رغم الدموع التي لم تجف ، وآثار الكف ، والمخاط التي تمسحه ذات اليمين وذات الشمال ، ويميل مع الوجه حيث مال .

وجاءت البطلة بالخيط المعقود ، لتمده اثنتان هما أصغر القوم  – والصغير دائما محقور مغلوب على أمره في مثل هذه الألعاب – مُشَكِّلَتَان السند والوتد . و  تبدأ صاحبة الخيط باللعب ، فحتما يجب محاباتها لو قليلا ، لأن بيدها الخيط والمخيط . لكن هذه الأخيرة أخفقت من أول قفزة في مرحلة الكعبين الأولى رغم أن الأخريات قد تساهلن معها وسهلن عليها اللعب حينما أدخلن الخيط في كلا القدمين ليتسع أكثر لأقدامها الكبيرة ، والمفترض أن تستخدم رجل واحدة ليكون اللعب أصعب ، والمنافسة أشد . مع ذلك قامت صاحبتنا تسيل الدمعات وتُعلي الشهقات ، فتغض  الأخريات الطرف هذه المرة أيضا ويسمحن لها بإعادة الدور . لكنها ما كادت تقفز حتى طحنت أم الخيط وجده وأباه  بقدميها لتترك الدور مكرهة لغيرها .

واستمر اللعب ، مع تفاوت المراتب فتلك  في الركبة ، وأخرى في الفخدين ، وثالثة في الخصر والأخيرة في الكعبين لم تتعداهما . ولا يخلو اللعب من المناوشات والنزاعات ، ومن شد الشعور أحيانا أوكيل الشتائم . وقبل أن تفرح الأولى بنصرها وتكلل فوزها ، لم تفطن البنات إلا والخيط قد سُحب بعنف ، وإذا هي صاحبتنا لم تحتمل خسارتها فأوقفت اللعبة وعادت إلى صفها مغتاضة . وهكذا غالبا ما تنتهي ألعابنا عندما يكون مصيرها بين يدي فاشل خاسر ، أوغيور مكابر .

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى