عالم الطفل

ظاهرة التنمر عند الأطفال

التعرض للتنمر هو تجربة مؤلمة للطفل. إذ إنه يقلل من احترام الذات ، ويجعل الأطفال يشعرون بالاكتئاب والقلق ، ويمكن أن يكون له آثار طويلة الأمد. وبالطبع ، تخلق التكنولوجيا الحديثة فرصا للتنمر أكثر من أي وقت مضى.

تعريف التنمر

التنمر هو شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجّه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف جسديا في الغالب، والتنمر هو من الأفعال المتكرّرة على مرّ الزمن والتي تنطوي على خلل في ميزان القوى بالنسبة للطفل ذي القوة الأكبر، أو بالنسبة لمجموعة تهاجم مجموعة أخرى أقلّ منها قوة. يمكن أن يكون التنمر عن طريق التحرّش الفعلي والاعتداء البدني، أو غيرها من أساليب الإكراه مثل التلاعب، والتسلط، والترهيب، والاستقواء وغيرها من الأساليب العدوانية التي تهدف إلى الإضرار بشخص آخر عمدا بهدف اكتساب السلطة عليه. يمكن تعريف التنمّر بطرق مختلفة وكثيرة، وهو يتراوح من تنمر لفظي، وجسدي، وعلائقي، وعبر الإنترنت. يمكن للتنمّر أن يحدث في أي مكان: في المدرسة، على الطريق، في العائلة، في النوادي، في الأماكن العامة، على الهاتف، عبر الإنترنت، وقد يصل أحيانا إلى حد الجريمة.

فهم سلوك التنمر

يتنمر الأطفال لأسباب عديدة. بعض المتنمرون لأنهم يشعرون بعدم الأمان. يمنحك انتقاء شخص يبدو أنه أضعف عاطفيا أو جسديا شعورا بأنه أكثر أهمية أو شعبية . في حالات أخرى ، يتنمر الأطفال لأنهم ببساطة لا يعرفون أنه ليس من الجيد اختيار أطفال مختلفين بسبب الحجم أو المظهر أو العرق أو الدين.

في بعض الحالات ، يكون التنمر جزءا من نمط السلوك العدواني أو المتحدي. من المحتمل أن يحتاج هؤلاء الأطفال إلى المساعدة في تعلم كيفية إدارة الغضب والأذى والإحباط أو أي مشاعر قوية أخرى. قد لا يمتلكون المهارات التي يحتاجونها للتعاون مع الآخرين. وغالبا ما يساعدهم العلاج على تعلم كيفية التعامل مع مشاعرهم ، والحد من تنمرهم ، وتحسين مهاراتهم الاجتماعية.

يقوم بعض الأطفال الذين يمارسون التنمر بتقليد السلوك الذي يرونه في المنزل. وغالبا ما يتعلم الأطفال الذين يرون تفاعلات عدوانية وغير لطيفة في الأسرة معاملة الآخرين بنفس الطريقة. ويتعلم الأطفال الذين يتعرضون للسخرية أن التنمر يمكن أن يترجم إلى سيطرة على الأطفال الذين يرون أنهم ضعفاء.

أنواع التنمر

التنمر سلوك خاطئ لفرض سلطة من شخص على شخص بطرق مختلفة ما يسبب الأذى لمن يقع عليه الفعل، وانتشر التنمر مؤخرا في الفترة الأخيرة بالمدارس والجامعات وفي المنازل، وهناك عدة أنواع للتنمر: 

– التنمر الجسدي:

اللجوء إلى العنف والضرب ما يسبب إيذاء بدنيا يترك أثرا نفسيا على المدى الطويل للمتنمر عليه.

– التنمر اللفظي:

يمكن تحديد هذا على أنه المرحلة الأولى من التنمر. بالنسبة للعديد من الأطفال، هذه هي الطريقة التي يبدأ بها التنمر قبل أن يبدأ في اتخاذ أشكال أكثر خطورة. يمكن ملاحظة التنمر اللفظي عندما يتم إعطاء طفل معين لقب مسيء، ويتم إلقاء الإساءات عليه وعلى أفراد أسرته، وما إلى ذلك.

التنمر غير المباشر:

ويشمل النميمة والافتراءات وتخريب السمعة وإقناع الأطفال الآخرين بالابتعاد عن الضحية.

– التنمر الإلكتروني:

وهو التنمر عن طريق الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي التي تجمع تلاميذ المدرسة التي يذهب إليها الضحية، وذلك عن طريق التهديدات أو الإزعاجات أو الترهيب بواسطة الرسائل أو المكالمات أو المنشورات الجماعية.

– التنمر العرقي:

يشمل التنمر على الجنس أو اللون أو الدين، ويعتبر من أشكال التنمر الخطيرة على المجتمع والتي قد تتسبب في مشكلات كبيرة قد تصل إلى القتل.

أسباب التنّمر

لا يعتبر التنمر عند الأطفال من الأمور التي يصعب التنبؤ بها، حيث أنه يمكن للأهل الذين ينتبهون إلى تصرفات أطفالهم وسلوكياتهم أن يربطوا هذه التصرفات بخلل ما بشخصيتهم يجعلهم يصبحون متنمرين. تتعدد العوامل المساعدة على ظهور التنمر وتتراوح بين العلاقات الأسرية والمجتمعية والتعليمية وغيرها من العوامل التي لا يمكن التحكّم بها نتيجة مشاكل نفسية معيّنة يمر بها الطفل أو تكون فطريّة ومنها:

  • الرغبة في السيطرة علي الآخرين.
  • تحسين المظهر الاجتماعي.
  • عدم احترام الذات.
  • وجود نقص في الشخصية.
  • شعور بالندم ومحاولة إخفاء بعض العيوب في السلوك.
  • حب التسلط.
  • الشعور بالتكبر وحب الأنا.
  • محاولة لتعويض النقص في العواطف.
  • حب العدوان والعنف.
  • محاولة لإظهار مشاعرهم المكبوتة.

بعض العلامات والإشارات التي تدل على تعرض الطفل للتنمر

ي بعض الأحيان قد لا نستطيع أن نرى أي دلائل، ولكن إذا كانت بعض العلامات والإشارات الآتية واضحة، فهي إنذار بأنّ هناك مشكلة ما:

  • إذا كان الطفل يتعرض للتنمر، فقد يغلب عليه الصمت بسبب الخوف أو الخزي أو الإحراج.
  • ضياع أو إتلاف الملابس أو الأجهزة الإلكترونية أو الأشياء الشخصية الأخرى الخاصة .
  • الخسارة المفاجئة للأصدقاء أو تجنب المواقف الاجتماعية.
  • إذا كان هناك آثارا جسدية على الطفل، ولها سبب مقنع، مثل الجروح والكدمات، وبشكل خاص إذا كانت متكررة.
  • ضعف الأداء المدرسي أو الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة.
  • التعرض لنوبات من الصداع أو ألم البطن أو الشكاوى البدنية الأخرى.
  • تغير واضح في سلوكات الطفل ، مثل التوتر أو التعلق الزائد بالأهل، أو تغير في العادات اليومية، مثل رفض الطعام أو رفض المشي في طريق معين.
  • ظهور شكوى جديدة بشكل مستمر من أشياء تخصه، مظهره أو طريقة كلامه، أو المكان الجديد الذي يذهب إليه مثلا.
  • ملاحظة أمور مفاجئة مثل التراجع المفاجئ في التحصيل التعليمي والدراسي وكذلك صعوبة التركيز.

طرق الحدّ من التنّمر

  • تقوية الوازع الديني للأفراد وتقوية العقيدة لديهم منذ الصغر، وزرع الأخلاق الإنسانية في قلوب الأطفال مثل التسامح والمساواة والاحترام والمحبة والتواضع والتعاون ومساعدة الضعيف وغيرها.
  • الحرص على تربية الأبناء في ظروف صحيحة بعيدا عن العنف والاستبداد.
  • تعزيز عوامل الثقة بالنفس والكبرياء وقوة الشخصية لدى الأطفال.
  • على الأهل اختيار المحطات التلفزيونية التي تبث البرامج والتعليمية والدينية والوثائقية الهادفة وتجنب البرامج العنيفة.
  • بناء علاقة صداقة مع الأبناء منذ الصغر والتواصل الدائم معهم وترك باب الحوار مفتوحا لكي يشعروا بالراحة .
  • توفير الألعاب التي من هدفها تحسين القدرات العقلية لدى الأفراد والابتعاد عن الألعاب العنيفة.
  •  تدريب الأطفال على رياضات الدفاع عن النفس لتعزيز قوتهم البدنية والنفسية وثقتهم بأنفسهم، مع التأكيد بأن الغاية منها هو الدفاع عن النفس فقط وليس ممارسة القوة والعنف على الآخرين.
  • متابعة السلوكات المختلفة للأبناء في سن مبكرة والوقوف على السلوكات الخاطئة ومعالجتها.
  • مراقبة الأبناء على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والانتباه لأي علامات غير عادية.
  •  تجنب الفراغ واستثمار الطاقات والقدرات الخاصة للأفراد بالبرامج والأنشطة التي تعود عليهم بالنفع.
  • الانتباه إلى أي علامة من علامات التنمر في حال ظهرت على الطفل والحديث معه على الفور بهدوء.

كيفية معالجة التنمر

  • أن نشجع الأبناء على تبليغ أحد البالغين في محيطهم (الأهل، المعلم، الجار وغيرهم….) بالمشكلة عند تعرضهم للتنمر، حتى وإن كانوا تحت تهديد المتنمر.
  • التحدث مع الطفل والتأكيد عليه بألا يقوم باستفزاز أو اصطياد أي طفل بالطريقة التي تجعله يرد عليه بسلوك عدواني، وبعد ذلك يتحول الأمر إلى تنمر.
  • يجب على الطفل أن يتفادى التنمّر ولا يتدخل في شجار أو قتال. ويحاول أن يعرف نوع التنمّر الذي يتعامل معه. هل هو لفظي، جسدي، عاطفي… هذا يساعده على معرفة كيفية التعامل مع الشخص أو تفاديه.
  • تجنّب المتنمّرين. ولايتواجد في نفس المكان معهم أو على نفس الطريق، لكن يجب أن لا يدعهم يشعرون أنه يتجنّبهم. وحاول ان تكون برفقة أصدقائك.
  • المساواة بين الطلاب في أماكن التعلم، وعدم التمييز بينهم إلا لمكافئة على عمل، أو تخلق بخلق حسن.
  • كف الوالدين عن ممارسة العنف والعدوانية داخل الأسرة سواء كان أطفالهم يمارسون التنمر أم لا، وإبعاد الأولاد عن مشكلاتهم.
  • تعزيز الاحترام المتبادل بين الطلاب من خلال الأنشطة التربوية الداعمة لذلك، لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوىٰ ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.
  • عدم الإسراف في العقاب أو الهجوم اللفظي على الطفل المخطئ، بل ينبغي تناسب العقاب مع حجم الخطأ المرتكب، فأغلب المتنمرين كان سبب ميلهم للعنف هو تعرضهم للعنف والاضطهاد في صغرهم.
  • تعليمهم كيفية الوقوف بوجه الأطفال المتنمرين، وإلى من عليهم التحدث في حال لم تنجح تلك الطريقة.

أنامل مبدعة

بكالوريوس في العلوم الشرعية الإسلامية. مختصة تربية ومستشارة أسرة والعلاقات الأسرية. مهوسة بالتعليم عبر المنصات الإلكترونية عن بعد والكتابة في الشؤون الأسرية والمجتمع.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. شكرا من قلبي ، أجمل مقال قرأته عن التنمر، حيث يتناول الأسباب والعلاج بوضوح ، من يومين أبحث في مقالات عن التنمر وكان هذا هو أفضلها ،، الله يزيد ويبارك

اترك رداً على آفاق إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى