عالم الطفل

النشاط الزائد عند الأطفال

هل رأيت قبل اليوم طفلا يتحرك فوق اللزوم ؟ هل ضايقتك حركته لدرجة أنك تمنيت بداخلك لو تكسر قدميه ليتوقف (مجازا ) ؟ ماذا لو اجتمع مع هذا الطفل أطفال على شاكلته ، كيف تتصور موقفك منهم وتصرفك معهم وقد بلغت حد الجنون بسب حركتهم المزعجة ؟

حركات الأطفال عادة ما تعجبنا لأنها تضفي جوا من المرح إلى عالم الكبار الممل . ورغم أننا أحيانا نتضايق منها ، إلا أننا نَحِنُّ لحركتهم بسرعة إن فقدناها حولنا . لكن هذه الحركة عند بعض الأطفال مشكلة ، لأنها زائدة عن الحد المرغوب و المتحمل .

النشاط الزائد ظاهرة شائعة عند الأطفال . فالأطفال بطبعهم يميلون إلى حب الحركة والنشاط غالبا . لكن هذا النشاط قد يزيد عن حده المقبول أحيانا ليصبح مشكلة تستدعي النظر والتفكير ، وتتطلب حلولا فورية . فما هو النشاط الزائد ؟ وما علاجه ؟

ما هو النشاط الزائد ؟


النشاط الحركي الزائد ، هو الحركات الجسمية التي تفوق الحد المألوف والطبيعي للطفل . حيث يكون واضحا أن الطفل يتصرف بنشاط مبالغ فيه مقارنة بأقرانه وبمحيطه . ويمكن ملاحظة المشكلة أثناء مراقبة سلوك الطفل عندما يكون مع أطفال مثله ومقارنته معهم ، سواء في المنزل ، أو في الشارع ، أو في المدرسة من قبل معلميه الذين سيلحظون هذا النشاط بشكل أفضل .

وللنشاط الزائد مؤشرات وأعراض عديدة ، منها :

  • عدم الثبوت والاستقرار في مكان محدد لوقت طويل
  • تسلق الجدران والأشياء باستمرار .
  • ومنها أيضا أن الطفل نادرا ما يسكن وهو دائم الحركة بشكل “مزعج” لمن يراه .
  • كما أنه يفشل غالبا في إتمام المهمات الموكلة إليه .
  • ويكون الطفل الحركي ضعيف الانتباه والتركيز ، كثير التشتت ومندفعا بشكل كبير .
  • الملل من الألعاب الذهنية التي تتطلب الهدوء والتركيز ، والميل إلى الألعاب الأخرى التي لا تستدعي أي شكل من التركيز .

وبناءا على الدراسات ، فالنشاط الزائد ينتشر عند الذكور بكثرة ، وهذا أمر تلحظه على أرض الواقع بشكل لافت ، لأن أكثر “المزعجين الفوضويين” ذكور . كما يُرى عند العائلات والأوساط الفقيرة أكثر من الثرية . وهو أيضا منتشر وشائع عند الأطفال في عمر السنتين وثلاث إلى أربع سنوات ، وقد يستمر أحيانا حتى فترة الشباب .

أسبابه


للنشاط الزائد أسباب كثيرة ، وتختلف من طفل لآخر ، ومنها :

  • العامل الوراثي : فالوراثة في بعض الأحيان لها دور كبير في النشاط الحركي الذي يظهر على الطفل ، والذي يكون واضحا عليه منذ الولادة .
  • المرض في فترة الحمل : إن الأمراض التي تصيب الأم في فترة الحمل ، والعقاقير التي قد تتناولها ، وكذا حالتها النفسية من توتر وقلق وخوف وغير ذلك ، من الاسباب التي تجعل الطفل ذا نشاط زائد بعد ولادته .
  • الصرع والتوحد : كثيرا ما يكون النشاط الزائد مرافقا لهاتين الحالتين .
  • خلل في الدماغ : يُرجع النشاط الزائد أحيانا إلى وجود خلل وظيفي في الدماغ يتسبب في الحركات المفرطة وغير الهادفة عند الطفل .
  • الصدمات : قد يكون النشاط المفرط ناتجا عن صدمات الرأس التي تلقاها الطفل في بعض الحوادث ، كما أن التسمم يمكن أن يتسبب فيه أيضا .
  • البيئة و محيط الطفل والتقليد : للبيئة دور مهم في كون الطفل حركيا أو هادئا ، فالمسكن والمحيط الهادئ يؤثر إيجابيا على سلوك الطفل ، والعكس صحيح . ونفس الشيء بالنسبة للآباء ، فالطفل يميل إلى تقليد من هم أكبر منه سنا وخبرة . لذا فالتصرف باتزان وهدوء أمامه يجعله هادئا ، ويساعده على التركيز أكثر ، والعكس كذلك صحيح .
  • التغذية والحساسية : قد تكون بعض الأغذية التي يتناولها الطفل هي السبب في نشاطه ، وكذلك إن كانت لديه حساسية من نوع معين من الأغذية .

العلاج


فرط الحركة أو النشاط الزائد حالة سائدة وشائعة ، ومشكلة يشتكي منها الكثير . لكنها ليست مستعصية الحل ، فعلاجها سهل لمن ثابر وحاول . ومن الطرق المتبعة في ذلك :

  • الثناء والتشجيع بدل اللوم والتوبيخ : إن رد الفعل الطبيعي والمعروف من الآباء تجاه الحركة المفرطة من أحد أطفالهم ، هو توبيخهم وتعنيفهم باستمرار ، ونهرهم و ذم أسلوبهم في التصرف . وهذه الطريقة لا تحل المشكلة إطلاقا ، بل تزيدها ، إما عنادا من الطفل ، أو غيظا أو أنه لا يتأثر كثيرا بذلك . لذلك ، فاستبدال هذه الردود بردود أكثر إيجابية وعطاءا هو الحل الأمثل . وذلك بتنبيه الطفل على الحركات التي لا ينبغي أن يقوم بها في وقت أو مكان معين وتذكيره بذلك بأسلوب مباشر أو غير مباشر . والثناء على الطفل باستمرار كلما نجح في البقاء هادئا ولو لوقت قصير . لأن الثناء وذكر الأوقات التي تصرف فيها بشكل جيد ، وكان فيها أكثر هدوءا واتزانا وتركيزا ، يجعله أكثر رغبة في التحكم بتصرفاته ، والتقليل من الحركات الزائدة التي لا داعي لها . ويجب المواظبة على مدحه وتنبيهه إلى تصرفاته الجيدة ، وتبيين فرحهم به عند فعلها ، كأن يقول مثلا : “لقد كنت رائعا وجميلا جدا وأنت هادئ” ، أو ” لقد فرحت كثيرا عندما أنهيت لعبتك أو واجبك اليوم ” ، أو ” كم نحن فخورون بك لأنك كنت هادئا في المحل أو مع الضيوف ” .. إلى غير ذلك من ألفاظ المديح التي ترى أن طفلك يحبها . خاصة إذا كان الطفل من النوع الذي يحب لفت الانتباه وتلقي الثناء .
  • الاتفاقيات : وضع اتفاقيات بين الطفل ووالديه طريقة ناجعة . ويتم ذلك بكتابة اتفاقية تنص على التصرفات التي يجب على الطفل الالتزام بها ، فترة محددة ، ويحصل بتنفيذها على مكافأة يُتفق عليها . وهذا الأسلوب يُتبع مع الأطفال الأكثر فهما وإدراكا ، كمن هم في سن الثامنة والتاسعة . ومن أمثلة ذلك أن يكتب : “أوافق على أن أبقى هادئا في البيت والمدرسة ، و أن أتم واجباتي ، وألتزم الهدوء أثناء تناول الطعام ، وأن أكون مرتبا وغير فوضوي ، وأن أحافظ على صلاتي في وقتها ….، وإن التزمت بذلك لمدة (…..) سأحصل على (…) ” وغير ذلك من الأمثلة .
  • نظام النقاط : يشبه إلى حد كبير طريقة الاتفاقيات . ويكون ذلك بوضع قائمة من التصرفات والسلوكات التي يُطلب من الطفل الالتزام بها ، ويُحدد لكل سلوك عدد من النقاط . وعندما يُجمع الطفل عددا متفقا عليه من النقاط ، يحصل على مكافأة .

إن علاج النشاط الزائد ، ككل مشكلة أخرى ، يستلزم الصبر والمثابرة من الوالدين والطفل على حد سواء . والتشجيع والاهتمام عاملان أساسيان لنجاح العلاج ولحل اي مشكلة مشابهة . ولا ننسى الدعاء ، والتوكل على الله في كل الأمور .

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى