منوعات
أخر الأخبار

أن تكون استباقيا أو تفاعليا

في الكتاب المشهور تحت عنوان “العادات السبع للناجحين”. يبدأ المؤلف بعد فلسفة طويلة عن طبيعة البشر والمجتمعات وغيرها من المقدمات التي تشعرك بالإحباط قبل وصولك لِكُنْهِ العادات المُرَوَّجِ لها في عنوان الكتاب. يعرج المؤلف على العادة الأولى أو الفارقة الأولى التي تميز الشخص الناجح عن غيره. والمتمثلة في كون الناجح شخصا “استباقيا” أو فاعلا. عكس الأناس العاديين ويندرج تحت رايتهم الفاشلون، يتسمون بالتفاعلية وهي الصفة المضادة أو المعاكسة لأن تكون استباقيا.

أن تكون تفاعليا ..

وهي الحالة العادية لأغلب سكان الكرة الأرضية ويمكن أن تكون منهم دون علمك. التفاعل كما تعرفه من قسم الكمياء، يحدث تغيير يؤثر على الطرفين بين مؤثر ومتؤثر، ومهما كان الناتج فالعملية تسمى تفاعلا رغم تعدد الأسماء باختلاف العناصر المشاركة ونوعها في سلم التصنيف الكيميائي . وعنا بني الإنسان نتحدث .. لو حدث زيادة في الضريبة المفروضة على أي مادة غدائية مثل الأرز أو الدقيق مثلا، فأول ما يأتي على ألسننا عبارات الامتعاض من الحدث الجلل وسب الحكومة واتهامها بالتقصير وطاقمها بالسرقة والنهب وغيرها من الأوصاف التي ترفع الغبن عنا وتنفس عن قلوبنا. وهذا مثال بسيط عام ، والأمثلة كثيرة ، من أبسطها سقوط المطر يوم الإمتحان؟ كيف؟ ببساطة هناك من يحتج بسقوط المطر بعد تركه ورقة الإمتحان بيضاء ، لأن المطر قطع الكهرباء في الحي ، فاضطر للنوم حتى يرجع الأخيرُ ، فنام ولم يراجع شيئا. هذا تفاعلَ وألقى اللوم على شيء لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بعدم نحاجه في الإمتحان . لكنه رآه سببا وجيها وتحجج به ولو عارضتَ مَقَالَهُ بفرضية أن لو درس قبل ما حدث هذا، لزجرك وربما صرعك حسب مقدرته ودرجة جهله وعصبيته.

ببساطة الشخص التفاعلي ، يلقي اللوم على الأشياء بعد حدوثها ويتحجج بها في التبرير لحالته.

أن تكون استباقيا أو فاعلا ..

عكس ما تقدم .. الإستباقي من يبادر بالحل ، ويكون سباقا للبدار به حتى يتجنب ما وقع فيه من سبقه. وليس معناه أن هذا النوع من الأشخاص محصور في رجال الأعمال، والدولة وغيرهم ممن لهم المقدرة على حل المشاكل أو معالجتها قبل حدوثها. لا، بل كل من بادر بالعمل مهما كان حجمه ولم يتقاعس ويلقي باللوم على غيره.

خرجتَ مثلا لصلاة الفجر، ورأيت الشارع أو لنكتفي برصيف منزلكم مملوء بمخلفات المشاة من علب، بقايا سجائر، أوراق، أي شيء آخر. أن تكون تفاعليا .. تسب وتلعن الكون وكل من مر أمام بيتك وتتعدى في ذلك لحكومة بلدك، ثم رئيسك وطاقمه الوزاري، ثم تشيد بالغرب المتطور، ثم تمضي في حال سبيلك. في المقابل، كونك استباقيا .. لو اسنتكرت العمل من أهله، تنوي الخير والإصلاح في الأرض وتحمل المكنسة وتهم بتنظيف ما أفسده غيرك عن قصد أو عن غيره. فتوفر على نفسك وتفيد مجتمعك وتحسن منظر بيتك وتفوز براحة الضمير.

ختاما، هذه صفة وعادة، ومفارقة بسيطة لا يعيرها الناس اهتماما لعدم وجودها في قاموس مفرداتهم . لكنها تميز الناجح من الفاشل، وتحدث بتراكم نتائجها الصغيرة التغييرات الكبيرة التي تَشْدَهُ الناس وتحيرهم عند اكتمالها. كتبت هذا المقال بعد تفريغ أحدهم غضبه علي بدون سبب. وأظنه أُفْرِغَ عليه غضبُ آخِرِينَ أو مشاكلهم التي لا تنتهي ، فلم يجد متنفسا إلا إياي. وبدوري، كنت قادرا على إفراغ ما أفرغ فيَّ من شحنات سالبة على غيري من دون سبب ، وإن لم أجد إنسيا، أفرغته في قط أو جماد كما يفعل الناس عادة. لكن أن تكون استباقيا وقبلها مسلما كاظما للغيض، تنهي حلقة تفريغ الشحن السالبة عندك. فتنقذ غيرك مما مر به من هم قبلك. وحوِّلْها إلى مقال، أو اعمل شيئا يفيد و يُنَفّسُ عنك و عَنْ خاطرك كما أفعل أنا الآن.

المدير العام

المدير العام والمسؤول على كل ما ينشر في الموقع من قبل الكتاب والأعضاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى