إسلامياتشخصياتمنوعات

نساء خالدات -2- آسية بنت مزاحم

كثير من نساء اليوم تعانين من ظلم الأزواج، وبعضهن يتأوهن من انحراف أبنائهن. ومنهن من تعيش في وسط مجتمعات يسودها الجهل والخرافة، فتجد نفسها وحيدة تحارب نفسها ومجتمعها في أن تبقى ثانية على خطى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى النهج القويم. تسعى وتبذل ومرة تنكر فعل قومها، تحاول جاهدة عدم الانحناء أو الانحراف.

ومقال اليوم أيتها المجاهدة الثابتة يضرب لك مثلا وأسوة بسيدة من اشرف السيدات وأكملهن، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : “كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ” [البخاري ومسلم].

هذه سيدة السيدات، قدوة الصالحات المؤمنات، هي امرأة فرعون “آسية بنت مزاحم”، التي بدأت قصتها حين أتى خبر إلى فرعون من الكهنة بأنه سيأتي غلام من بني إسرائيل يُفسد ملكه. هنا أمر الطاغية بقتل كل مولود جديد. ولما سمعت أم موسى عليه السلام ألهمها الله أن تلقي صغيرها في البحر. فلما ألقته فيه، ساقه إلى قصر فرعون حيث أخذته زوجه آسية التي أحبت الصبي وطلبت من فرعون أن يبقيه معهم عساه ينفعهم أو يتخذا منه ولدا.

استجاب فرعون لطلبها وترك الغلام ينشأ في رعايته.. لكن الصبي أبى جميع المراضع حتى أشارت أخت موسى عليهم بمرضعة هي أمي موسى التي انفطر قلبها شفقة وحنينا على صغيرها البعيد. نشأ الصغير في حضن أمه وتحت رعاية آسية حتى كبر واشتد عوده واصطفاه الله برسالته.

وكانت آسية من المؤمنين بإله موسى في السر لا العلن، تعبد ربها خفية عن الأعين خشية على دينها من الطاغية فرعون. وهنا بدأت المعضلة والمعاناة. في الوقت نفسه، كانت هناك ماشطة بنت فرعون المؤمنة، وبينما هي تمشط لابنته سقط المشط، فانحنت تأخذه وهي تذكر ربها، فقالت ابنة فرعون مستغربة مستفسرة : الرب أبي ؟ وردت الماشطة: الله ربي ورب فرعون ورب الناس أجمعين. فانكشف المستور، وعُرِف المحظور، ووصل الكلام لفرعون فسامها أشد العذاب، وأتى بها وأولادها يرميهن واحدا واحدا أمام عينيها المكلومة ليختفوا في الزيت المغلي علها تعود عن غيها، لكنها صمدت ولقيت حتفها لتلقى ربها مؤمنة رضية.

رأت آسية الحدث، لكنها ما ارتعبت ولا تزعع إيمانها، بل زادها ذلك يقينا وإصرارا وثباتا على الحق. وأتاها زوجها يروي بطولات جوره، ويتفاخر بما فعل في الماشطة.. لكن زوجه صعقته بردها الرافض لفعله، المفند لمنطقه. فأحضر أمها وأخبرها بأن ابنتها قد أصابها جنون الماشطة، وحاولا فيها لترجع عن ضلالها فأبت وثبتت، فمالقي بدا من تعذيبها عل التعذيب يفعل مالم يفعله الترغيب. إلا أن آسية لم تتراجع، وزادها إيمانا واطمئنانا أن رأت بيتها في جنة، لتقول مقولتها المعروفة: “رب ابنِ لي عند بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله”. ازداد غيظ فرعون وجن جنونه، فزادها عذابا، وهي تبتسم حتى كانت النهايةوفاضت الروح إلى باريها.

وهنا أقف معك يا بنية وقفة صغيرة ندرك منها بعض الأمور التي تبكي لها العين في زماننا. فآسية رغم ما لها من ثراء وغنى، إلا أنها ما رأت فيها النعيم الذي ترجوه بعدما عرفت الحق من الضلال، وباعت لأجل دينها الثراء والمال. وبالرغم من أنه زوجها إلا أنها عُذّبت بين يديه. فلا تحاولي بنيتي إرضاء المجتمع، واستمعي لصوت الفطرة واتخذي من كل قصة عبرة، تفوزي بجنة نضرة.

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى