مكتبتنا

فوائد من كتاب الطريق إلى القرآن لإبراهيم السّكران

هذه الفوائد استخرجتها ضمن تحدي القراءة في برنامج صناعة المحاور بين الأخوات جزاهن الله خيرا على دُفعة الخير هذه ، ونفع الله بهن وبعلمهن.

إذا أردت أن تقوم برحلة جميلة وقصيرة في رحاب القرآن ، واشتهيتَ أن تتجوَّل في رَوْضِهِ البديعِ الفَتَّان ، فِي الأوقات التي لا تكون فيها مُهَيَّئًا لِحَملِ المصحف بين يديك ، أو كُنتَ غافلا عن مواطن جماله ، عاجزًا عن رؤيتها ، قاصرًا عن إدراكِها ، فَما عليك إلَّا أن تقرأ كتاب الطَّريق إلى القرآن ، لإبراهيم السكران .

هذا الكتاب يكشف لك من أسرار القرآن بطريقة لطيفة وسهلة وقريبة إلى قلب القارئ ، ما يغفل عنه عادة وهو يتلو آي القرآن لاتُجَاوِزُ لسانه ، ولا تطرق أسوار قلبه .

وقد آثرت أن أنقل هنا بعض الفوائد والفرائد التي استخرجتها من كلماته الجميلة، وسطوره القليلة :

-القرآن ليس مجرد كتاب عادي ، تَعْبُر كلماته الآذان دون أثر .. أو يحيط به البصر ولا يُعمَل فيه النّظر  .. وليس مجرّد كلمات تصل القلب فتصدّها أسوارٌ مِن حديد القسوة ، بل هي نور يشق السّور مهما بلغت صلابته، ويدخل القلب ليضخ في شرايينه مع الدم السكينة والنور والعظمة .

-للقرآن سطوة آسرة ، ولذّة ساحرة ، وقوة نافذة .. وهيبة تأخذ النفس بالتلابيب ، فتخرّ للأذقان ، وتسجد للرحمن ، ويتمرد دمعها في العيون ، ويفيض من الجفون .. وكيف لا  وقد سمع ما  تتصدع له الجبال الراسخات خشية و فَرَقَا .

-من سطوة القرآن  ، أنّه رغم كل الأسوار والقيود التي حاول المشركون ضربها من كل صوب حول صداه ليمنعوا وصوله ، ويكتموا عن الخلق صوته .. إلا أنه طرق الأسماع بغصْبٍ رفيق ، وأبى إلّا أن يسلب معه اللب والقلب .

-من أراد إقناع مُجادل عنيد ، قد قسَّى قلبَه ، وحكّم غيظه .. فليُليّن قسوته بالقرآن. ومن أراد أن يستميل القلوب للإيمان .. فلَيَتْلُ عليها من آيِ الرّحمن .

-الوسيلة الحقيقية للعبادة ليست عقد العزم وشدّ الهمم ، بل  “الاستعانة” بالله في كل صغيرة وكبيرة ، وعند كلِّ شعيرة  ، لتجد صرح التّوفيق مفتوح الأبواب ، مُمَهَّدَ الأسباب .

-إذا أكرم الله عبده بتلاوة كتابه ، فليحمده ويشكر فضله أَن لم يجعله من “القاسية قلوبهم من ذكر الله” .

إذا كان النوم عن القرآن شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم باتخاذه “وسادة” ، فيبدو أنّ وسائدنا قد تهتكت من كثرة النوم عليها .

_ إبراهيم السكران

-إذا كان القرآن يصدِّع شامخات الجبال ، ويهزّ صناديد المشركين “فتكاد قلوبهم تطير” ، ويُجري من صالحي أهل الكتاب  الدَّمع السَّخين ، وتقشعرُّ له جلود الصَّالحين ثمّ تلِين وتستَكِين ، ويخرُّ الأنبياء له “سجَّدا وبكيا” ، وتتنزّل الملائكة لسماعه من عالي السَّماء ، وتذرف عينا الرسول صلى الله عليه وسلم دمعها الشريف فيُمسك صاحبَه عن التلاوة .. إذا كان يفعل كل ذلك بكل هؤلاء ، ثم لا يحرك في نفسك وقلبك ساكنا ، ولا يُليّن قسوة ، فترحَّم على قلبك و انْعاهُ مع الناعين .

-عيب أن نكون ممن شكاهم رسول الله لربه:”إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا”.. لذا إن وجدت من نفسك صدودا وتثاقلا وكسلا عن قراءة القرآن ، فتخيل هول المشهد والرسول يرفع يديه لربه يشكو ما يجده منك ، وقد غشاه الأسى والحزن ، واسرق من وقتك دقائق تقرأ فيها لو آية ، إن كان ما يؤذي رسول الله يؤذيك ، أو كان له في قلبك ذرة حبّ تزعمها ولا تطبِّقها .

-ليكن منزلك من “منازل الأشعريين” ، يعرفها النبي ليلا بصوت القرآن وهو يجهلها في النهار  ..

-ليس هناك أجمل وأدعى للسكينة من آيات تردِّدها تحت جنح الظلام ، والناس نيام ..

-إن أطبق الليل ، وهجع الخلق .. وحلّ السكون ، وغفت العيون .. فأيقظ ليلك بالقرآن ، ولا تجعله لك وسادا ، ولروحك مِهادًا ، فلقرآن الليل لذة لا يعرف قدرها إلا أهله .

فكلما زالت حواجز الفضول تهاوت الحُجُب بين القلب والقرآن

__ إبراهيم السكران

-إذا قسا القلب فاتخذ القرآن دواءً ، فهو شفاء الصدور ، ومحطّم الصخور عن شغاف القلب .. وصارِمٌ يقتل حبّ الشهوات ، وينبِّه الهفوات ، ويقوّم الخطرات والرغبات ، ويجعل الدنيا في قلب المؤمن لا تساوي جناح بعوضة .

-إن “طال الأمد” زادت القسوة ، وإن زاد البعد نقص الودّ .. فلنُليِّن القلب بتدبر القرآن .

-الانحراف يكون لمنهزم أمام عقولٍ أكبر منه ، أو ضعيف أمام سلطان اللذات ؛ وهو إمّا تقوده شبهة من لجام الحيرة لتمرِّغ روحه في الشهوات ، أو تكبِّله الشهوة فيحتال لها بالشّبهات .. وكلاهما بجد طِبّه ودواه ، وبُرءه وشِفاهُ ، في تدبر القرآن والتسليم والإذعان لما جاء فيه .

-الوحي ليس نصا مفتوحا يفهمه كل قارئ كما يقوده هواه ، وتسوِّل له نفسه ، بل آيات بينات نتطلب فيها مراد الخالق ، ونرجع في فهمها للصحابة والسلف الصالح كما أُمِرنا في غير موضع منه ، فنؤمن به كما آمنوا ، ونفهم مافهِموا ، ونعمل بما عملوا .

-إن النظر في أوامر القرآن وتبيينه لحقارة الدنيا ، ومهانة الكفار ، ومراتب العبودية ، وغيرها من القضايا التي يؤولها “متغربو” اليوم لتماشي العصر ، وتسير مع ركب “الحضارة” ، وتحمل مشعل “الإنسانية” ، والمقارنة بين سداد الأول ، وتخبط الثاني ، تفتح أعين المبصرين على الحق المبين الذي لا تحجبه البواطل مهما حشدوا لها من العدة والعدد .

-“خطاب الله” يُجاب له بالتسليم المطلق ، ولا يوجد عنده حل وسط يلتقي فيه الخضوع بالنِّفاق والطاعة بالشّقاق، وهو ليس ك”خطاب البشر” الذي يُتملّص منه بدعوى اختلاف وجهات النظر .

-قبل أن يقرأ أحدنا القرآن قراءة متدبر ، عليه التجرد من “الهوى” ليفهمه حق الفهم ، ويُسلِم له حق التسليم ، وعندها فقط سيغير القرآن فيه كل شيء ، وسيقلب حاله رأسا على عقب .

-من أفضل مناطق التدبر في القرآن حقائق العلم بالله ، وهي كما قال ابن تيمية : “إن الخطاب العلمي في القرآن أشرف من الخطاب العملي قدرا وصفة “

-من وجوه التدبر والانتفاع أيضا ، تدبر أخبار وقصص الأنبياء ، فمنها نعرف حال عبادتهم لله ، وكيف تعاملهم معه ونقتدي بهم . وفي تدبر أحوال الصالحين ، والطغاة في القرآن عظات ورسائل تحتاج التمحيص والفهم .

-من وجوه الانتفاع بالقرآن ، أن يُقارن المسلم بين ما جعله الله مفتاحا للرقي من تسليم وانقياد ويقين وتوكل ، وبين ما جعله مفكرو العصر مفتاحا لرقيهم ، ليتضح له بُعد هؤلاء عن مراد الله وقد جعله واضحا بينا .

-الناس في فهمهم للقرآن متفاوتون متفاضلون ، فهناك من أهل العلم والتقى من تتفتح له أبواب من الفهم لا يُدركها غيرهم .

-إذا صرف الله المرء عن التدبر في القرآن فلا هادي له إلا هو ، “ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم”

-المطلوب الأكبر هو العبادة ولا تكون إلا بالاستعانة “إياك نعبد وإياك نستعين”

-سورة الفاتحة هي “منهج حياة”

-إذا كان الله قد اختار لعباده في أعظم سورة في كتابه الدعاء بالهداية ، فهذا يدل على أن الضلال قاب قوسين أو أدنى من العباد .

-تعظيم الله بربوبيته للعالمين ، ثم تعظيمه بكمال رحمته ، ثم بملكه لليوم الآخر هي أهم أولويات النهضة والإصلاح التي غفلت عنها المذاهب .

-مهما بلغ الإنسان من الذكاء وسعة الاطلاع ، وسرعة الفهم ، فلن يدرك مراد الله إلا بتوفيقٍ منه عز وجل .

-من تعلّم “إياك نعبد ” ، فقد أمسك بجوهر الإصلاح ومفتاح التقدم وسر العبادة .

-صراط الله مستقيم لا يقبل المنعطفات ، ولا يعرف المنعرجات ، وهو واحد ليس فيه بنيات الطريق .

-لمن يقول “طريق الصحابة لا يلزمنا” ، تذكر  “صراط الذين أنعمت عليهم” ، ومن أعظم “المنعَمين” صحابته صلى الله عليه الله عليه وسلم .

–  “المغضوب عليهم” اجتهدوا في العلم بلا عمل ، و”الضالون” اجتهدوا في العمل بلا علم ، والمسلم يملك علما يُصدّقه العمل .

-من أعظم ما يعين على تدبر القرآن التقلل من الفضول في كل شيء ؛ في الطعام ، والكلام ، والنظر والسمع ..

-رمضان هو شهر القرآن ، ففيه أُنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفيه راجعه مع جبريل ، وفيه كان أعظم جهاد في مسألته ، وكل هذا العلامات تدل على أن للقرآن في رمضان طعما آخر ، ومنزلة عظيمة ، وفسحة لمدارسته لا تتهيأ في سواه .

-“عمارة النفوس بتعظيم الله والاستسلام المطلق له ” هي الخيط الناظم للقرآن ، الذي يربط كل موضوعاته مهما تعددت وتشعبت . وهي الأولوية القصوى الذي يغفل عنها وينساها الكثير .

-القرآن يريد لقلوبنا دائما أن تبقى موصولة بالله ، معلقة به ، ضارعة إليه ، مسلِّمة له ، خائفة من غضبه ، راجية لعفوه ، طالبة لرحمته . يريدنا أن نستحضر الله في كل سكناتنا وحركاتنا ، وسدادنا وعثراتنا . يريدنا أن لا نغفل عن استحضار عظمة الله وألوهيته في كل لحظة وعند كل نفس . يريدنا أن ندعو الله ونلجأ له في السراء والضراء ، وفي اليسر والعسر .. في العسر تضرعا ورجاءً ، وفي اليسر حمدا وثناءً .

-من تكاسل عن أداء الصلوات ، وتثاقلت خطاه عن أَمّ المساجد للجماعة ، فليتدبر آيات صلاة الخوف عند حال الحرب ، ففيها ما يوقظ عزمه من العبر الكثير .

-الصلاة بوابة لاستحضار الله وذكره ومناجاته .

-التوكل من أعظم مقامات تعلق القلب بالله .

-الله جعل الدنيا دار ابتلاء ، ليعود الناس إليه ، ويلجأوا لرحمته ، ولتبقى تلك المصائب جسورا تعلق القلب بخالقه ، وتجعله يخضع له ويستكين بين يديه ، ويتضرع له وهو يستحضر فقره وغنى الله عز وجل ، وضعفه وقدرته جلّ في علاه .

-القرآن يعلّمنا كيف نحيا لله ونموت له .

–  خاصية الشخص المميز والصحبة الصالحة التي نسهو عنها : “يدعون ربهم بالغداة والعشي

-من صور تعلق القلب بالله ، أن مخافته والوجل منه لايكون حال المعصية فقط ، بل حتى في وقت الطاعة .

-أكثر مطلوب عملي في القرآن بعد التوحيد هو ذكر الله عز وجل .

-ينوع الله أسماءه في الموضع الواحد من القرآن لتتعدد موارد تعلق القلب به سبحانه .

-كمال التوحيد بإفراد الألوهية ، هو أن لا يبقى في القلب شيء لغير الله .

نصائح لتدبر القرآن :

  • التضرع لله والإلحاح في دعائه أن يجعله من أهل القرآن ، ويفتح له أبواب فهمه والعمل به ، وهذا من باب الاستعانة بالله في العبادة.
  • وضع حزب يومي لتدبر القرآن ، وقد حدد النبي نطاقه بين شهر وأسبوع . وليس غريبا أن يكون في ذلك مجاهدة للنفس أول الأمر ، لكنه مع الوقت سيصبح ضرورة كالهواء الذي تتنفسه ، أو كالغذاء لا تفرط فيه مهما كانت الشواغل .
  • أن يكون الأصل هو تدبر المرء الشخصي ، ثم الاستعانة بالتفسير ، لا العكس . إذ ليس كل القرآن يحتاج إلى تفسير .
    يقول ابن عثيمين في ذلك :
  • أن يضع المرء لأهل بيته برنامجا للتفسير والمباراة في الاستنباط ثم مراجعة التفسيرات المختصرة . فهذا يغير نظرتهم للدنيا ، ويقويهم على الطاعة .
  • تدارس القرآن .

اللهم اجعلنا من أهل القرآن ، واجعل القرآن أنيسنا في ليلنا ونهارنا ، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار .. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ، ونور صدورنا ، وجلاء همومنا ، وذهاب أحزاننا ..واجعلنا اللهم من المتدبرين له العاملين به .. يا أكرم الأكرمين ، وياأرحم الراحمين.

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى