شخصياتمنوعات

الإمام أحمد بن حنبل

نسبه 

هو أبو عبد الله أحمد بن محمد ، بن حنبل ، بن هلال ، بن أسد ، ابن ادريس ، بن عبد الله ، بن حبان ، بن عبد الله ، بن أنس ،ابن عوف ، بن قاسط ، بن مازن ، بن شيبان ، بن ذهل ، بن ثعلبة ، ابن عكابة ، بن صعب ، بن علي ، بن بكر ، بن وائل ، بن قاسط بن هنب ،ابن أفصى ، بن دعمي ، بن جديلة ، بن أسد ، بن ربيعة ، بن نزار ، ابن معد ،بن عدنان  

قال ابن خلكان : هذا هو الصحيح في نسبه 

أبوه وجده :

أما أبوه محمد بن حنبل فقد كان منخرطا في جيش خراسان ، أما جده حنبل بن هلال ، فقد كان والي شرخس في عهد الأمويين 

أمه : كانت أم أبي عبد الله شيبانية ، واسمها صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني من بني عامر ، كان أبوه نزل بهم وتزوج بها .

مولده ونشأته

ولد أحمد في شهر ربيع الآخر سنة 164في بغداد وهو ذو أصل عربي.وقد ذكر ذلك ابنه صالح وابنه عبد الله، قال عبد الله: «سمعت أبي يقول: ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومئة»

 نشاته : لما بلغ أحمد من العمر 3 سنين توفي أبوه وله من العمر ثلاثون سنة ، ومن قبله توفي جده ، فلم ير احمد جده ولاأباه ، فكفلته أمه 

نشأ ابن حنبل في بغداد وتربى بها تربيته الأولى، وقد كانت بغداد تموج بالناس الذين اختلفت مشاربهم، وتخالفت مآربهم، وزخرت بأنواع المعارف والفنون، فيها القراء والمحدثون والمتصوفة وعلماء اللغة والفلاسفة والحكماء، فقد كانت حاضرة العالم الإسلامي، وقد توافر فيها ما توافر في حواضر العالم من تنوع المسالك وتعدد السبل وتنازع المشارب ومختلف العلوم، وقد اختارت أسرة ابن حنبل له منذ صباه أن يكون عالماً بكل العلوم الممهدة له، من علم بالقرآن والحديث واللغة ومآثر الصحابة والتابعين وأحوال النبي محمد وسيرته وسيرة أوليائه الأقربين، وقد اتفقت هذه التربية أو هذا التوجيه مع نزوعه النفسي، وما كانت تصبو إليه همته من غايات، فقد وجهته أسرته إلى القرآن الكريم منذ نشأته الأولى فحفظه، وظهرت عليه الألمعية مع الأمانة والتقى، حتى إذا أتم حفظ القرآن الكريم وعلم اللغة، اتجه إلى الديوان ليتمرن على التحرير والكتابة،

في صباه : 

قال أبو عبد الله : كنت _وأنا غليم_أختلف إلى الكتاب ، ثم اختلف إلى الديوان وأنا ابن عشرة سنة 

ووعن ابي بكر المروزي قال قال ابو عفيف وذكر ابا عبد الله احمد بن حنبل فقال كان في الكتاب معنا وهو غليم يعرف فضله وكان الخليفة بالرقة فيكتب الناس الى منازلهم فيبعث نساؤهم الى المعلم ابعث الينا باحمد بن حنبل ليكتب لهم جواب كتبهم فيبعثه فكان يجيء اليهم مطاطىء الرأس فيكتب جواب كتبهم فربما املو عليه الشيء من المنكر فلا يكتبه لهم.

وهذه الحادثة تدل على تبكير نهمه وبره وورعه ، وذلك باشتهاره بين الناس بحسن كتابته ،واستجابته ،وامتناعه أن يكتب المنكر ،وكفه نظره عما حرم الله .ولقد كانت ألمعيته المبركة تلفت النظر وتثير التعجب قال أبو سراج بن خزيمة : قال أبي وذكر أحمد وجعل يعجب من أدبه وحسن طريقته فقال ذات يوم ك أناأنفق على ولدي وأجيئهم بالمؤدبين على أن يتأدبوا ، فما أراهم يفلحون ، وهذا أحمد ابن حنبل غلام يتيم انظر كيف يخرج وجعل يعجب .

طلبه للعلم

أحمد بن حنبل تميز عن أهل زمانه بكثرة رحلته، حيث رحل كثيراً في طلب الحديث وطاف كثيراً من البلاد وأول رحلة رحلها أحمد – رحمه الله تبارك وتعالى – كانت إلى الكوفة وكانت مشياً على الأقدام، من بغداد إلى الكوفة مشياً على الأقدام في أول رحلةٍ رحلها أحمد، ثم تتابعت الرحلات بعد ذلك فرحل إلى البصرة ورحل إلى عبادان وإلى مكة وإلى المدينة وإلى الشام وإلى مصر وإلى غيرها من البلاد، طوَّف كثيراً من البلاد كل ذلك في طلب حديث النبي ﷺ ، وتلقى الكثير من العلم عن كثير من الشيوخ ومن أشهر شيوخه الذين أخذ عنهم هشيم بن البشير، وقلنا لازمه خمس سنوات لم يأخذ عن غيره شيئاً حتى توفاه الله تبارك وتعالى، بعدها رحل إلى مكة ولَقِىَ هناك الإمام الشافعي، ثم لقيه كذلك في بغداد أثناء زيارة الشافعي بغداد وأخذ عن الشافعي كل كتبه، حَدَّثَ عن الشافعي بكل كتبه، ثم بعد ذلك رحل إلى عبد الرزاق في اليمن، عبد الرزاق بن همام الصنعاني، رحل إليه في اليمن ولازمه أكثر من عشرة شهور.

وكانت رحلته هذه لليمن يظهر فيها صدق نيته في الطلب، وذلك أنه خرج مع يحيى بن معين رفيق دربه إلى مكة للحجِّ ثم من مكة إلى اليمن لطلب العلم وزيارة العلماء وكانا قاصدين لعبد الرزاق بن همام الصنعاني في اليمن، فلما جاءا إلى مكة فوجئا بأن عبد الرزاق موجود في مكة، فجاءا وسلم عليه ثم انطلقا، فجاء يحيى بن معين وسأل عبد الرزاق أن يقرئ عليه وأن يأخذا عنه ما عنده من الحديث فوافق عبد الرزاق، فجاء يحيى يبشر أحمد، قال: قد كفانا الله الرحلة إلى اليمن، وقد أخذت موعداً من عبد الرزاق أن يحدثنا هنا، فقال أحمد: وماذا نصنع بنيتنا؟ إننا قد نوينا أن نذهب إليه إلى اليمن، استأذِنه وقل له نأتيك في اليمن، وفعلاً ذهب إليه يحيى بن معين واستأذنه، قال: بل نأتيك في اليمن، أنت أحق أن تؤتى، لم يأخذا عنه شيئاً في مكة، وسافرا إليه إلى اليمن، وأخذا عنه العلم هناك كل هذا حتى لا يغير نيته.

وفي اليمن هناك عند عبد الرزاق، وقع لأحمد – رحمه الله تعالى – أنه ضاقت عليه أمور المال حتى إنه كان يغيب عن الدرس أحياناً لأنه يؤجر نفسه للحمَّالين يحمل لهم بعض أغراضهم حتى يعطوه ما يأكل منه فبلغ ذلك الأمرُ عبد الرزاق شيخه، فقام عبد الرزاق ونادى أحمد وأعطاه بعضاً من المال حتى يحضُرَ الدرس ويترك العمل فأبى أن يأخذ منه فألزمه بأن يأخذه فقال أحمد: “والله لو كنت آخذاً من أحدٍ شيئاً لأخذتُ منك”، لن آخذ شيئاً، وامتنع عن الأخذ منه، واجتهد في العمل واجتهد ايضاً في الطلب، ولذلك كان عبد الرزاق شيخ أحمد يمدحه مدحاً عظيماً حتى إنه قال: “ما رأيت أورع من أحمد”، وهو شيخه.

ولذلك هذا الشيخ عبد الرزاق، والشيخ الثاني الشافعي، والشيخ الثالث علي بن المديني، كل هؤلاء شيوخ أحمد، وتلاميذه في الوقت ذاته، فعبد الرزاق شيخ أحمد وروى عن أحمد إكراماً له، والشافعي شيخ أحمد وروى عن أحمد كذلك، وكان إذا حَدَّثَ الشافعي عن أحمد، يقول: “حَدَّثَني الثقة”، وكذا علي بن المديني حَدَّثَ عن أحمد تلميذه، وهذا يبين لنا منزلة أحمد عند شيوخه – رحمهم الله تبارك وتعالى جميعا -.

وكذا أخذ العلم عن غيرهم، كوكيع بن الجراح، فطلب عليه العلم، وإسماعيل بن علية، ويزيد بن هارون، وكان يزيد بن هارون يُعظِّم أحمد كثيراً حتى إنهم ذكروا أن يزيد بن هارون كانت فيه دعابة، يحب الضحك، فكان في مجلسه يوماً فقال كلمة أضحكت الحاضرين، فتنحنح أحمد فالتفت يزيد فإذا أحمد في المجلس فسكت وقال: لِمَ لم تخبروني أن أحمد هنا؟ ولم يضحك بعدها إكراماً لأحمد مع أنه من صغار تلاميذه لكن كان يرى فيه النجابة، والسمت.

وكذا صنع إسماعيل بن علية، إسماعيل بن إبراهيم بن علية، كذا كان في مجلس وفيه أحمد فضحك رجل فغضب إسماعيل بن علية وبعد أن مشى أحمد قال إسماعيل بن علية له: “كيف لك أن تضحك وأحمد في المجلس؟”، مع أن أحمد من تلاميذه، لكنهم كانوا يرون فيه السمت والهيبة التي ألقاها الله – تبارك وتعالى – في قلوبهم له، وتتلمذ على أحمد كثير من العلماء ومن أشهر من أخذ العلم عن أحمد: الإمام البخاري، والإمام مسلم، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي، وأبو داود السبستاني وقد لازم أحمد كثيراً، وكذا أخذ عنه شيوخه كما قلنا عبد الرزاق، والشافعي، وعلي بن المديني، وقرينه يحيى بن معين، وأخذ عنه كذلك وأكثر ابنه عبد الله، وابنه صالح، وخلقٌ كثير ممن روى عن أحمد بن حنبل – رحم الله تبارك وتعالى الجميع – .

محنته 

كان الإمام أحمد على موعد مع المحنة التي تحملها في شجاعة، ورفض الخضوع والتنازل في القول بمسألة عمَّ البلاء بها، وحمل الخليفة المأمون الناس على قبولها قسرًا وقهرًا دون دليل أو بيِّنة.
وتفاصيل تلك المحنة أن المأمون أعلن في سنة (218هـ/ 833م) دعوته إلى القول بأن القرآن مخلوق كغيره من المخلوقات، وحمل الفقهاء على قبولها، ولو اقتضى ذلك تعريضهم للتعذيب، فامتثلوا خوفًا ورهبًا، وامتنع أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح عن القول بما يطلبه الخليفة، فكُبّلا بالحديد، وبُعث بهما إلى بغداد إلى المأمون الذي كان في طرسوس، لينظر في أمرهما، غير أنه توفِّي وهما في طريقهما إليه، فأعيدا مكبّلين إلى بغداد.
وفي طريق العودة قضى محمد بن نوح نحبه في مدينة الرقة، بعد أن أوصى رفيقه بقوله: “أنت رجل يُقتدى به، وقد مدَّ الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك؛ فاتقِ الله واثبت لأمر الله”.
وكان الإمام أحمد عند حسن الظن، فلم تلن عزيمته، أو يضعف إيمانه أو تهتز ثقته، فمكث في المسجد عامين وثلث عام، وهو صامد كالرواسي، وحُمل إلى الخليفة المعتصم الذي واصل سيرة أخيه على حمل الناس على القول بخلق القرآن، واتُّخذت معه في حضرة الخليفة وسائل الترغيب والترهيب، ليظفر المجتمعون منه بكلمة واحدة، تؤيدهم فيما يزعمون، يقولون له: ما تقول في القرآن؟ فيجيب: هو كلام الله. فيقولون له: أمخلوق هو؟ فيجيب: هو كلام الله. ولا يزيد على ذلك.
ويبالغ الخليفة في استمالته وترغيبه ليجيبهم إلى مقالتهم، لكنه كان يزداد إصرارًا، فلما أيسوا منه علَّقوه من عقبيه، وراحوا يضربونه بالسياط، ولم تأخذهم شفقة وهم يتعاقبون على جلد جسد الإمام الواهن بسياطهم الغليظة حتى أغمي عليه، ثم أُطلق سراحه وعاد إلى بيته، ثم مُنع من الاجتماع بالناس في عهد الخليفة الواثق (227- 232هـ/ 841- 846م)، لا يخرج من بيته إلا للصلاة، حتى إذا ولي المتوكل الخلافة سنة (232هـ/ 846م)، فمنع القول بخلق القرآن، وردَّ للإمام أحمد اعتباره، فعاد إلى الدرس والتحديث في المسجد.  

وفاته 

 قال صالح بن أحمد بن حنبل واصفاً مرضَ أبيه قُبيل وفاته:

«لما كان في أول يوم من شهر ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومئتين حُمَّ أبي ليلة الأربعاء، فدخلتُ عليه يوم الأربعاء وهو محموم يتنفس تنفساً شديداً، وكنت قد عرفت علته، وكنت أمرِّضُه إذا اعتل، فقلت له: «يا أبة، علام أفطرت البارحة؟»، قال: «على ماء باقلَّاء»، ثم أراد القيام فقال: «خذ بيدي»، فأخذت بيده، فلما صار إلى الخلاء ضعفت رجلاه حتى توكأ علي، وكان يختلف إليه غيرُ متطبب كلهم مسلمون، فوصف له متطبب يُقال له عبد الرحمن قَرعةً تُشوى ويُسقى ماءها، وهذا يوم الثلاثاء، وتوفي يوم الجمعة، فقال: «يا صالح»، قلت: «لبيك»، قال: «لا تُشوى في منزلك ولا منزل عبد الله أخيك». وصار الفتح بن سهل إلى الباب ليعوده فحجبته، وأتى ابن علي بن الجعد فحجبته، وكثُر الناس، فقلت: «يا أبةِ قد كثر الناس»، قال: «فأي شيء ترى؟»، قلت: «تأذن لهم فيدعون لك»، قال: «أستخير الله»، فجعلوا يدخلون عليه أفواجاً حتى تمتلئ الدار، فيسألونه ويدعون له ثم يخرجون ويدخل فوج آخر، وكثر الناس وامتلأ الشارع وأغلقنا باب الزقاق، وجاء رجل من جيراننا قد خضب فدخل عليه فقال: «إني لأرى الرجلَ يُحيي شيئاً من السنة فأفرح به»، فدخل فجعل يدعو له، فجعل يقول: «له ولجميع المسلمين»، وجاء رجل فقال: «تلطَّفْ لي بالإذن عليه، فإني قد حضرت ضربه يوم الدار وأريد أن أستحله»، فقلت له: «فأمسك»، فلم أزل به حتى قال: «أدخله»، فأدخلته، فقام بين يديه وجعل يبكي وقال: «يا أبا عبد الله، أنا كنت ممن حضر ضربك يوم الدار، وقد أتيتك، فإن أحببتَ القِصاص فأنا بين يديك، وإن رأيتَ أن تُحلَّني فعلت»، فقال: «على أن لا تعود لمثل ذلك»، قال: «نعم»، قال: «قد جعلتك في حل»، فخرج يبكي، وبكى من حضر من الناس، وكان له في خُريقة قُطيعات، فإذا أراد الشيء أعطينا من يشتري له، فقال لي يوم الثلاثاء وأنا عنده: «انظر في خريقتي شيء؟»، فنظرت فإذا فيها درهم، فقال: «وجِّه فاقتَضِ بعض السكان»، فوجهت فأعطيت شيئاً، فقال: «وجِّه فاشتر تمراً وكفِّر عني كفارة يمين»، فوجهت فاشتريت وكفرت عنه كفارة يمين، وبقي ثلاثة دراهم أو نحو ذلك، فأخبرته فقال: «الحمد لله»، وقال: «اقرأ علي الوصية»، فقرأتها عليه فأقرَّها.

مات أحمد بن حنبل في وقت الضحى من يوم الجمعة في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 241هـ، وهو ابن سبع وسبعين سنة، ودُفن بعد العصر، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: «توفي أبي في يوم الجمعة ضحوة، ودفناه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين»

صفاته وأخلاقه 

  1. الورع والزهد: كان أحمد بن حنبل ورعاً زاهداً، فقد كان كثير التعبد في محراب العلم ومحراب الصلاة، دائم الصوم حتى في أيام المحنة، إذ كان يُجلد بالسياط وهو صائم تطوعاً تبتلاً، وكانت صلاته في اليوم ثلاثمئة ركعة، فلما أوذي في المحنة ونزل به من الضرب والجلد ما نزل وبقيت آثار الجلد تؤلمه إلى أن مات، لم يستطع أن يحافظ على الركعات الثلاثمئة فأنزلها إلى مئة وخمسين ركعة في اليوم، وكانت له ختمة في كل سبع ليال.
  2. غزارة العلم:قال فيه أحمد بن سعيد الرازي وهو شاب: «ما رأيت أسْودَ الرأس أحفظ لحديث رسول الله ولا أعلم بفقهه من أحمد بن حنبل»، وقال له شيخه الشافعي: «أنت أعلم بالأخبار الصحاح منا، فإذا كان الخبر صحيحاً فأعلمني حتى أذهب إليه كوفياً كان أو مصرياً أو شامياً»، ورُوي عن الإمام الشافعي أيضاً أنه قال: «ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي»
  3. قوة الحفظ:كان أحمد بن حنبل يمتاز بقوة الحافظة، وقد تضافرت الأخبار في ذلك يؤيد بعضها بعضاً، قال ابن حنبل: «كنت أذاكر وكيعاً بحديث الثوري، فكان إذا صلى العشاء خرج من المسجد إلى منزله، فكنت أذاكره، فربما ذكر تسعة أحاديث أو العشرة فأحفظها، فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أملِ علينا، فأمليها عليهم فيكتبونها».
  4. الصبر:من الأخبار التي تدل على قوة جنانه وثباته أنه دخل على الخليفة في أيام المحنة، بعد أن هولوا عليه لينطق بما ينجيه ويرضيهم، وكانوا قد ضربوا عنق رجلين في حضرته، ولكنه في وسط ذلك المنظر المروع، وقع نظره على بعض أصحاب الشافعي، فسأله: «وأي شيء تحفظ عن الشافعي في المسح على الخفين؟»، فأثار ذلك دهشة الحاضرين، وراعهم ذلك الجنان الثابت، حتى قال خصمه أحمد بن أبي دؤاد متعجباً: «انظروا لرجل هو ذا يُقدم به لضرب عنقه فيناظر في الفقه»
  5. الهيبة والتواضع :كان الإمام أحمد متواضعا ، مقيلا لغثرات الناس وقد حكى عنه تلميذه المروزي فقال: «لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أبي عبد الله، كان مائلاً إليهم، مقصراً عن أهل الدنيا، وكان فيه حلم، ولم يكن بالعجول، وكان كثير التواضع، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل، وإذا خرج إلى مسجده لا يتصدر، ويقعد حيث انتهى به المجلس»، ألى جانب هيبته ومكانته العلمية .

كتبه ومؤلفاته :

كتب الأمام أحمد :

  1. المسند، وقد قام الإمام أحمد بجمعه طوال أيام حياته، وضمَّنه ثلاثين ألف حديث حسب رواية أبي الحسن بن المناوي، وذهب قوم إلى أن عدد أحاديث المسند أربعون ألفاً، على أن أحاديث المسند قد انتقيت من سبعمئة وخمسين ألف حديث رويت من أكثر من سبعمئة صحابي، وكان الإمام أحمد يُملي الأحاديث على خاصته وخصوصاً ولده عبد الله، كما كان يسجل بعضها في كثير من الأحيان بنفسه، ولكنه توفي قبل أن يُخرج العمل الكبير للناس بنفسه، فقام ابنه عبد الله على إعداده، وإضافة بعض ما سمع من أحاديث صحيحة نصَّ على أنه أضافها بعد وفاة أبيهالعلل ومعرفة الرجال، برواية ابنه عبد الله.
    يُعد مسند الإمام أحمد من أشهر كتب الحديث وأوسعها
  2. الأسامي والكنى.
  3. سؤالات أبي داود.
  4. العلل ومعرفة الرجال، برواية المروذي وغيره.
  5. مسائل الإمام أحمد، برواية ابنه عبد الله، وآخر برواية ابنه أبي الفضل صالح، وآخر برواية أبي داود السجستاني.
  6. أصول السنة.
  7. العقيدة، برواية أبي بكر الخلال.
  8. الورع، برواية المروزي.
  9. الرد على الجهمية والزنادقة.
  10. الزهد.
  11. العلل ومعرفة الرجال، برواية المروذي وغيره.
  12. الأشربة.
  13. فضائل الصحابة.
  14. سؤالات الأثرم لأحمد بن حنبل.
  15. أحكام النساء

شيوخه وتلاميذه :

لقد روى الإمام أحمد عن الكثير من شويخه وقد ذكرها بن الجوزي ف يكتابه مناقب الإمام أحمد 

شيوخه :

  •  إبراهيم بن سعد بن إبراهيم أبو إسحاق الزهري
  •  ومحمد بن إدريس أبو عبد الله الشافعي.
  •  والمعتمر بن سليمان أبو محمد التيمي.
  • ويحيى بن سعيد أبو سعيد القطان.
  •  وعبد الرحمن بن مهدي أبو سعيد الأزدي.
  • ووكيع بن الجراح أبو سفيان الرؤاسي.
  • ويزيد بن هارون أبو خالد الواسطي.
  •  وعبد الرزاق بن همام، والوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي.
  • وهشيم بن بشير أبو معاوية الواسطي.
  •  ويعقوب بن إبراهيم بن سعد أبو يوسف الزهري.
  •  وسفيان بن عيينة أبو محمد الهلالي.
  •  وإسماعيل بن إبان أبو إسحاق الورَّاق الأزدي.
  •  وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد أبو يعقوب الحنظلي المعروف بابن راهويه.
  •  وبشر بن السري أبو عمرو البصري، وثابت بن الوليد أبو جبلة الزهري.
  •  وعبد العزيز بن أبان أبو خالد الأموي.
  •  وعمر بن أيوب أبو حفص العبدي. 
  • وعلي بن إبراهيم البناني المروزي.
  • وأحمد بن إبراهيم بن خالد.
  •  وإبراهيم بن إسحاق بن عيسى أبو إسحاق الطالقاني.

تلاميذه :

  • البخاري.
  • ومسلم. 
  • وأبو داود.
  • وابناه صالح وعبد الله.
  •  وشيوخه عبد الرزاق.
  •  والحسن بن موسى الأشيب.
  •  ومن تلاميذه أيضًا أبو بكر المروزي الفقيه، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو بكر الأثرم، وإبراهيم الحربي.
  • ويحيى بن معينوغيرهم من التلاميذ 

ماقيل عنه 

لقد أثنى الكثير من العلماء على الإمام أحمد بن حنبل :

  • قول الإمام الشافعي: «ثلاثة من عجائب الزمان، عربي لا يُعرب كلمة، وهو أبو ثور، وأعجمي لا يخطئ في كلمة، وهو الحسن الزعفراني، وصغير كلما قال شيئاً صدقه الكبار، وهو أحمد بن حنبل»، وقال أيضا :”خرجت من بغداد وما خلفت بها أحداً أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل”
  • قال يحيى بن معين: «والله ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد ولا على طريقة أحمد»، وقال أيضاً: «ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، صحبته خمسين سنة ما افتخر علينا بشيء مما كان فيه من الصلاح والخير»
  • قال عبد الرحمن بن مهدي: «هذا أعلم الناس بحديث سفيان الثوري»، وقال أيضاً: «ما نظرت إلى أحمد بن حنبل إلا تذكرت به سفيان الثوري»
  • قال إسحاق بن راهويه: «كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأصحابنا، فكنا نتذكر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة، فأقول: ما مراده؟ ما تفسيره؟ ما فقهه؟ فيقفون كلهم إلا أحمد بن حنبل»
  • قال ابن حبان :” كان حافظا متقنا فقيها ، ملازما للورع الخفي ، مواظبا على العبادة الدائمة ، أغاث الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنه ثبت في المحنة، وبذل نفسه لله ، فعصمه الله تعالى ، وجعله علما يقتدى به ، وملجأيلجأ إليه “
  • قال الإمام النووي:”الإمام البارع ،المجمع على جلالته وإمامته وورعه وزهادته ووفور علمه وسيادته”
  • قال الإمام الذهبي:” شيخ الإسلام وسيد المسلمين في عصره ، الحافظ الحجة ، كان إماما في الحديث وضروبه ، إماما في الفقه ودقائقه ، إماما في السنة وطرائقها ، إماما في الورع وغوامضه ، إماما في الزهد وحقائقه “.

المراجع

– أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، عبد الغني الدقر، ط دار القلم.

– تاريخ التشريع الإسلامي، الخضري.

– البداية والنهاية، الحافظ ابن كثير.

– مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي 

-رجال من التاريخ علي الطنطاوي 

بواسطة
manzili.life

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى