تعليمنا

زيز أم صرصور ؟

في نقاش اعتادته زوايا بيتنا وجدرانه ، وتنتظره -بفارغ صبر- صراصير البيت وفئرانه (أراحنا الله من الاثنين ) ، جاء ذكر النملة المبَجَّلة، التي بلغ صيتها أَوجَه ، وتعدّى سقف شهرتها حدّه . وصارت مضرب الأمثال ، وحديث الأجيال .

و لمّا وصل الحديث إلى صاحبها الصرصور اختلف الجمهور ، عن أي صرصور تحكي الحكاية ، وأَيُّهُم “المُغنِّي” في الرواية . هذا المُغنِي الكسلان ، الذي لم يبلغ مُغَّنٍّ على وجه الأرض شُهرَته ، ولا وصل شَأوَه وخِبرته . وافترقت الآراء ، وتعدَّدت الأقوال : فمن قائل هو الصّرصور المشهور ، وقائل هو صرصور اللّيل ، وذهب الأغلبية إلى أنّها “الزِّيز” التي طالما أطربنا صوتها في أيام الصَّيف ولياليه.

ويظل السؤال المطروح ، زيز أم صرصور ؟

زيز أم صرصور ؟ (أو جندب ؟)

أصل حكاية النملة والصرصور

إن ما يُعرف عندنا بحكاية “النملة والصرصور” ، والتي تلقينا في المدارس النسخة التي ألَّفها الفرنسي “جون دو لافونتين” في قصيدته الشهيرة “la cigale et la fourmi” ، هي حكاية امتدت جذورها في القِدم ، وانتشرت بين الشعوب انتشار النار في الهشيم . وتُعبّر القصة في مجملها عن المثل المعروف “مَن جَدَّ وجد ، ومن زرع حصد”. وقد ظهرت منها نسخ قديمة وأخرى جديدة ، وكُتبت فيها روايات عديدة ، وتفننت كل واحدة بعرض القصة ومغزاها كل حسب مايريده . ومع احتفاظهم بأصل “النملة” – ربما لأنها مثال العمل والسعي الذي يصعب إيجاد ند له – إلا أنهم غيروا ما شاؤوا في الطرف الثاني ، فمرة هو “زيز” ، ومرة “صرصور” ، وفي الأخرى “جندب” أو “صرصور الليل ” .

النملة والصرصور أو الزيز

أما أصل الحكاية فيعود إلى اليونان ، والحشرة المذكورة هي “الزيز” أو كما يسمونها “زيز الحصاد” ، ونسميها عندنا – بالدارجة الجزائرية (وزوازة) . وقدتم العثور على الحكاية في الكثير من المصادر اللاتينية في العصور الوسطى ، وكذلك في أساطير وخرافات “إيسوب” (Esope) في القرن السادس قبل الميلاد .

ما هي الزيز ؟

الزيز (وجمعها زيزان)- لمن لا يعرفها – هي حَشَرَةٌ مِنْ فَصيلَةِ الزِّيزِيَّاتِ، مِنْ رُتْبَةِ نِصْفِيَّاتِ الأَجْنِحَةِ، تَحُطُّ طَويلاً عَلَى الشَّجَرِ، لَها صَوْتٌ صَرْصارٌ على وَتيرَةٍ واحِدَةٍ (زيز) وَسُمِّيَتْ بِهِ . تُعد بشارة لموسم الصيف أو القيظ الذي تكثر فيه بصوتها المزعج عند البعض ، والجميل عند آخرين . تمتاز بعيونها الكبيرة البارزة ، وأجنحتها الرفيعة .

للزيز أنواع كثيرة ، منها السنوي الذي يُرى كل عام ويتواجد في مناطق مختلفة من العالم ، ومنها الدوري الذي لا يظهر إلا كل عقد أو اثنين من مخابئه تحت الأرض ، وهذا النوع يوجد غالبا في أمريكا الشمالية. وتعيش السنوية منها لسنتين أو خمس سنوات .

أكثر ما يُميِّز الزيز هو صوتها الطنان، والي يصدره الذكور مع اهتزاز الأغشية على بطونهم . ورغم أن الناس قد لا يفرقون أحيانا بين الإيقاعات ، إلا أنها قد تختلف .

وقد يخلط بعض العامة بين الزيز والجنادب رغم عدم التشابه . وربما كان هذا الخلط هو السبب في استخدام الزيز في الحكاية تارة والجندب تارة أخرى .

المراجع

  1. https://www.nationalgeographic.com/animals/invertebrates/facts/cicadas
  2. https://www.britannica.com/animal/cicada
  3. https://www.marefa.org/%D8%B2%D9%8A%D8%B2

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى