كان الفاتح من نوفمبر ، لعام 1954 م ، مطلع فجر جديد للجزائر ، وصبحا منيرا انشق ليبدد ظلام الاستعمار وظلمه ، لتبزغ شمس النصر والحرية في سماء البلاد .
نوفمبر
قَدْ قَامَ تِيهًا في الزَّمانِ نُوفمبرُ و مضى يُفَاضِلُ بِالعَلَاءِ و يَفْخَرُ
يا ثورةً كَتَبَتْ بِكُلِّ فُصُولِهَا في صَفْحَةِ التَّارِيخِ اِسْمًا يُذْكَرُ
وسَرَتْ كَمَا يَسْرِي النَّسِيُم وأَصْبَحَتْ خَبَرًا يُذَاعُ عَلىَ الوُجُودِ و يُشْهَرُ
نَشَرَتْ عَلى الدُّنْيَا أَرِيجًا عَابِقًا وَ مَضَتْ تُجمِّل ذِكْرَهَا و تُعطِّرُ
وَ تَخُطُّ لِلشَّعْبِ الجَـرِيحِ طَرِيقَهُ وَ تَسُنُّ أَهْدَافَ الكِفَاحِ وَ تَسْطُرُ
سَائِلْ ذُرَى الأَوْرَاسِ عَنْ مِيلَادِها وَ رَصَاصِها إِذْ قَالَ سِيرُوا واثْأَرُوا
و عَنِ الرَّوَابِي الخُضْرِ لَمَّا اسْتَبْشَرَتْ و عَنِ الجِبَالِ الشُّمِّ حِينَ تُكَبِّرُ
و اسْمَعْ بِجُرْجُرَةٍ و حَـوْلَ جِبَالِهَا كَيْفَ الأُسُودُ لَدَى الصِّدَامِ تُزَمْجِرُ
و لَهُمْ بِعَالِي الجُرْفِ أَخْبَارٌ ، فَسَلْ فِيهَا دِمَا الشُّهَدَاءِ كَيْــفَ تُشَرْشِرُ
و لْتَسْأَلِ التَّارِيخَ عَـنْ أَمْجَادِهَا يُنْبِيكَ عَمَّا قَدَّمَتْهُ و يُخْبِرُ
يَحْيَ النَّهَارُ إِذَا تَنَفَّــسَ صُبْحُهُ و الشَّمْسُ إِنْ جَلَتِ الغَمَائِمُ تَظْهَرُ
و لَدَى بُزُوغِ الفَجْرِ يَنْبَثِــقُ السَّنَا و تَرَى جُيُوشَ اللَّيْلِ قَسْرًا تُطْمَرُ
بِالفَجْرِ يَبْدَأُ كُلُّ صُبْحٍ مُشْــرِقٍ و لِثَوْرَتِي الفَجْرُ الجَمِيـلُ نُوفَمْبَرُ
قَدْ شَقَّ نُورَهُ لِلْوُجُودِ أَبَاسِلٌ شَبُّوا ِبَجيْشِ الكُفْرِ نَارًا تُسْعَرُ
كَانُوا صُقُورًا ، أُسْدَ حَرْبٍ صِمَّةً كَابُوسَ مَوْتٍ ، بَلْ لهَيِباً يُسْجَرُ
قَالُوا يَقِينًا لَا ارْتِيَابَ بِصِدْقِهِ مَهْمَا اسْتَبَدَّ الظُّلْمُ يَوْمًا يُقْبَرُ
و سَتَفْرَحُ الأَرْضُ الّتِي بَكِيَتْ دَمًا بَدَلَ الدُّمُوعِ ، وَسَوْفَ يَبْكِي الجَائِرُ
و سَنُشْرِبُ الُمْحتَلَّ كَأْسَهُ نَفْسَهَا و نَرُدُّ حَقَّ الأَبْرِيَاءِ و نَثْأَرُ
لَنْ يَبْقَ فِي أَرْضِ الجَزَائِرِ مُجْرِمٌ إِلَّا يُرَحَّلُ لِلْفَنَاءِ و يُدْحَرُ
قَدْ قَالَ خَالِقُنَــا بِمُحْكَمِ هَدْيِهِ الحَقُّ مَهْمَا طَالَ لَيْلُهُ يُنْصَرُ
يَا ابْنَ الجَزَائِرِ ، هَذِي ثَوْرَتُكَ الَّتِي نَصَبَتْ إِلَى العَلْيَاءِ جِسْرًا يُعْبَرُ
و مِنَ الدِّمَا خَطَّتْ كِتَابًـا فِي الفِدَا فَاقْرَأْ وَ نَفِّذْ مَا حَوَتْهُ الأَسْطُرُ
وَ ارْجِعْ لِنَهْجٍ قَدْ ضَلَلْتَ طَرِيقَهُ فَغَدَوْتَ بَعْدَ الاِرْتِقَاءِ تَقَهْقَرُ
إِنْ رُمْتَ رَأْسَ الأَمْرِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ هَدْيُ الإِلَهِ وَ مَايَقُولُ و َيَأْمُرُ
وَ لْتَمْشِ فِي دَرْبِ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ دَرْبٌ بِهِ الزَّرْعُ النَّضِيرُ المُثْمِرُ
كُنْ مَنْ يُنَاضِلُ لِلرُّقِيِّ وَ لِلْعُلَا و يُصَارِعُ المَوْجَ العَتِيَّ وَ يَقْهَرُ
يَا ابْنَ الجَزَائِرِ فَامْضِ فِي سُبُلِ الهُدَى وَ كُنِ الدَّلِيلَ لِمَنْ يَضِلُّ وَيَكْفُرُ
قَدْ كَانَ فِي حَرْبِ الكِفَاحِ مَنَارَةٌ وَ هُدًى وَ نِبْرَاسٌ وَ دَرْبٌ أَخْضَرُ
لَوْ فِي فِلَسْطِينَ الحَبِيبَةِ قَدْ مَشَتْ فِيهِ الكَتَائِبُ كَانَ حَتْمًا تَظْفَرُ
و اللَّهُ يَنْصُرُ إِنْ رَآنَا إِخْوَةً نَمْشِي عَلَى جِسْرِ النَّجَاةِ و َنَعْبُرُ
فَتَوَّحَّدُوا إِخْوَانَنَا و َتَآزرُوا فَإِنِ اتَّحَدْتُمْ ، بِالجِهَادُ تُحَرَّرُ
و سَيَرْجِعُ المَسْرَى الَحبِيبُ مُزَيَّنًا بِاليَاسَمِينِ وِ بَالوُرُودِ سَيُزْهِرُ
بقلم : آفاق
