خواطرمنوعات
أخر الأخبار

اليوم عيد

اليوم عيد ..
اليوم تنهلّ البركات .. و ترتسم البسمات .. و تعلى الضّحكات ..

اليوم يحلّ البِشر .. و يعُمّ الخير .. و تنتشِي الأكوان .. و تتوشح الدنيا حلّة من الفرح والسّرور ..
اليوم لن تسمع سوى ضحكات الأطفال وهم يتراكضون ويلعبون بكل مكان ، وكلُّهم فرح بالثياب الجديدة ، وبكبش العيد الذي لاعبوه أياما ، ليودِّعوه اليوم .
اليوم لاترى في الطرقات سوى ورودا تَحَلَّتْ بألوان الزهر الزاهية ، حتى لتخال نفسك في إحدى الرياض النضرة. ولن يطرب سمعك سوى التبريكات والدعوات وأجمل الضحكات ..

العيـــــــد أقبل مزهوا بطلـــــــعته كأنــــه فارس فـــــي حلـــه رفـــــــلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتــــهم كما أشاعوا التحايا فيه والقــــــبلا

للشاعر محمد بن سعد المشعان

اليوم عيد ..
العيد الذي جعله الله فرحة وخيرا لكل مسلم ، وأفاض فيه رحمته ولطفه ، وجعله فرصه للطاعات والتسابق لأنواع البر والإحسان . العيد فرصه لتتصافى القلوب ، وتأتلف الأرواح .. وتُرمى الأحزان بعيدا ، لتحل محلها الأفراح ، ويذهب الغم ليأتي الانشراح .. وُتطوى العداوات والأحقاد ، لتُفْتَحَ مكانها صفحة جديدة من المحبة والمودة .
في قصيدة للشاعرة فدوى طوقان ، تصف فيها حقيقة العيد المرة ، التي تعيشها أوطاننا المحتلة المنكوبة ، وتقرر فيها أن العيد عيد المترفين، الذين لا يأبهون بدموع ومآسي إخوانهم وأخواتهم المضطهدين تقول فيها :

أختاه, هذا العيد عيد المترفين الهانئِيــــــــن
عيد الألى بقصورهم وبروجهم متنعمـــــين
عيد الألى لا العار حرّكهم, ولا ذلّ المصيرْ
فكأنهم جثث هناك بلا حياة أو شعــــــــــورْ
أختاه, لا تبكي, فهذا العيد عيد الميّتيـــــــن!

ويصف الشاعر الطاهر إبراهيم حال أهالي المساجين يوم العيد، وأن العيد ليس لهم بقوله :

يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجـــــــون
لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشـــــــــرون
بجديد أحذية وأثــــــواب لهم يتبختــــــــــــرون
ولذيذ حــــلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفـــــــون
وهناك خلف الباب أطفـــــــال لنا يتساءلـــــــون
أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنـــــــــون؟
إنا توضأنا -كعادتنا – وعند الباب (أمي) واقفون
زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألــــــم الدفيــــن
ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيـــون
العيد ليس لكـــــــم أحبائي فوالدكم سجيــــــــــــن

ونحن نقول بأننا نفرح للجميع ، نفرح كلنا مهما كانت حالنا ، مهما استفحلت همومنا ، واتسعت جراحنا. نفرح لأن اليوم يوم فرحة ، لا تمنعنا عنها القنابل الحارقة ، ولا النيران المتوقدة ، ولا تسلبها منا السلاسل والقيود ، ولا قضبان السجون .

اليوم نتناسى كل مآسينا .. ونُغالِب آلامنا .. ونحاول جهدنا أن نرسم فرحتنا بأيدينا .. مخطئ من يحسب العيد لأرباب القصور الفاخرة .. وأصحاب الدنانير الوافرة .. والجيوب العامرة .. العيد لكل المسلمين ، غنيهم وفقيرهم ، كبيرهم وصغيرهم ، قويهم وضعيفهم ، مترفهم ومعدمهم .

العيد تصنعه بسماتنا الصادقة .. وقلوبنا المتحابة ، وصلتنا لأرحامنا ، وسلامنا لجيراننا ، وتزاورنا ، و أطباق الحلوى التي نتبادلها بكل حب ، والحلوى البسيطة التي تتناقلها أيادي الصغار ، والألعاب المرحة التي يشترونها أو تلك التي يصنعونها صنعا ، كتلك الرماح المصنوعة من عصي عليها قرون كباش ، يتناطحون بها ليفوز القرن الأصلب والأقوى .
صحيح أنها فرحة ناقصة ، لكننا نفرح رغم ذلك ، أو نحاول أن نفرح . لننسى الدموع لو يوما ، ونبدأ من جديد بقلوب من حديد ، بقلوب أقوى وعزيمة أكبر. نحن نفرح وندعو الله أن يجعل فرحتنا هذه مكتملة بنصر مبين من عنده .

فرحة العيد لمن يجهلها ليست مجرد فرحة بثوب جديد نلبسه ، أو لحم نشبعه .. إنما أكمل فرحة فيه هي التي تجنيها حين تدخل البسمة على قلب صغير معدم ، هجرته الأفراح دهرا فلا يعرف طعمها ،و لا يدرك كنهها .. ورأى الأطفال حوله يتراقصون بحلل الزهر ، ويلعبون ألعابا لا يراها بأجمل أحلامه ، ويأكلون من الحلوى ما لذ وطاب ، و سال له االلعاب .. و هو بأسماله البالية يسترق النظر من طرف خفي ، مخافة حرمانه حتى من متعة النظر إلى ما حُرم منه .

العيدُ أقبلَ تُسْعِـدُ الأطفـالَ ما حملتْ يــــداه
لُعَباً وأثوابـاً وأنغامـاً تَضِـجُّ بهــا الشِّفـــــاه
وفتاكَ يبحثُ بينَ أسرابِ الطفولةِ عن (نِداه)
فيعـودُ في أهدابه دَمْعٌ ، وفي شفتيـــــه (آه)
الشاعر مصطفى جمال الدين

فرحتك العظمى بالعيد ، هي عندما تعيد لهذا الصغير وأمثاله الفرحة التي سُرقت ، والبسمة التي خمدت ، والضحكة التي ما استطاع إخراجها لما يجد في القلب من كمد وجراح.
لا تكتمل سعادة العيد إلا عندما تقاسم فرحتك تلك الأسرة الفقيرة التي غاب عاهلها ، واستفحل شقاؤها .. فترفع الغبن عنهم بيمينك البيضاء ، ليُضحّوا كما ضحّى الجميع ، ويفرحو باللباس كما فرحوا ، وتكون بذلك قد ربحت مع الفرحة فرحتين ، وبدل الحسنة عشرا ، و الله يضاعف لمن يشاء .
يقول الشاعر محمد الأسمر في ذلك :

هذا هو العيد فلتصفُ النفوس بـــه وبذلك الخير فيه خير ما صنعــا
أيامه موســم للبــــــــر تزرعــــــــــــــــــه وعند ربي يخبي المرء ما زرعـــا
فتعهدوا النــــاس فيه:من أضر بـــــه ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا
وبددوا عن ذوي القربى شجونهــــم دعــا الإله لهذا والرســـول معــــا
واسوا البرايا وكونوا في دياجرهــــم بــدراً رآه ظلام الليل فانقشعــــــا

فرحة الأضحى تشمل أفراحا عدة ، فرحة الحجاج وهم يعودون من عرفة ليقضوا ليلة العيد بالذكر والدعاء ، ويستبشروا خيرا بقدومه . وفرحة المسلمين وهم يُصلّون العيد جماعة في أكمل وأعظم صورة للوحدة والتآلف والمحبة والصفاء .. وفرحتهم بعد الصلاة وهم يتبادلون التهاني والدعوات ، وسعادتهم الغامرة وهم يؤدون السنة ويذبحون الأضاحي في جو من السرور والفرح ، لتبدأ بعدها سلسلة الزيارات وصلة القرابة والأصدقاء .

العيد فرحة ننتظرها كل عام ، ونعيشها لأيام ، ويبقى أثرها في نفوسنا وقلوبنا ، ولهفتنا لها حتى نستقبلها من جديد ، في عام جديد ، وحال جديدة . ونحن نسأل الله أن يكون العيد القادم عيدا لنصر وعزة المسلمين في كل قطر وصوب ، والله المستعان وعليه التكلان..

عسى أن يعود العيد بالله عزة ونصرا ، ويُمحى العار عنا ويُمسخ

الشاعر عمر بهاء الدين الأميري

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى