إسلامياتمنوعات

الموسيقى بين الحلال والحرام

في غمرة غضبها وامتعاضها ، صرخت بأختها  : ” لِمَ لَمْ تحضري عرس ابنتي وأحرجتني أمام القريب والبعيد .. الجميع يسأل عن سبب تخلفك عن مناسبة مهمة كهذه ” 

أجابت الأخرى بهدوء : ” عذرا .. لكني أخبرتك برأيي منذ البداية .. عرسٌ تُحْيِيهِ الأغاني والمعازف لن أحضره ، لا تنقصني دفعة جديدة من الذنوب ، فضلا عن كمّ الصداع الذي لا بد سيثقل رأسي ، ويتعب نفسيتي . لو أردت حضوري كان بإمكانك وضع أناشيد عفيفة خالية من “جوقة” الموسيقى التي يغلب إزعاجها جمالها ، وتتجنبي ذنوب الخلق الذين حضروا ليشاركوك المنكر المعلن “

ثارت بوجهها قائلة : ” ومن سيستمتع بأناشيدك السخيفة أو يرقص عليها ، نحن نريد جو فرح لا عزاء “

ثم نفضت يديها إعرابا عن يأسها من رأس أختها ” اليابس ” وأردفت  وهي تعطيها ظهرها استعداد للمغادرة : ” متخلفة رجعية ، لا تحسنين العيش .. تَفَتَّحِي على العالم قليلا ، وتذوقي فن الموسيقى ، ولذة الغناء ، وسترين كم تدفنين شبابك تحت مُثُلِك القديمة ، وأفكارك السقيمة ” 

وانتهى النقاش عند هذا الحد على وقع ضحكات الأولى ، وتنهيدة تحمل الكثير من المعاني من الثانية . 

هذا مقتطف من واقع الحياة لابد وأن أحدكم قد رآه أو سمعه ، أو تناهت له أخبار عن أمثاله وأشباهه ، وهي اليوم كثيرة . 

جدلية الموسيقى والغناء والأناشيد .. بين مُحرِّم ومُحلِّل ، و متَشَدِّد ومتساهل .. كلٌّ يُفتي بما يراه ، ويتَّبِع الرَّأي الذي يهواه . وفيه كَغَيرِه من المواضيع التي تضرب وترا حساسا في رغائب الناس ، وتمتد يدُها إلى شيءٍ يجد كثيرٌ مِن الناس الاستغناء عنه خَبَالا ، والبُعد عنه مُحالا ، يُصبِح الكلّ  _ صغيرا وكبيرا ، عالما وجاهلا ، ملتزما وفاسقا _  مفتيا عالما بأحكام الدين ، مؤهَّلًا لإبداء اجتهاده الكبير ، واستنتاجه الخطير .. ثم يعمل مُبَشِّرا لحُكْمِه ، ناشرا لفِكْره ، لا يقبل معارضا ، ولا يرضى له مخالفا .. وكل مَن خالفه مُفترٍ كذّاب ، وفاسق أفَّاك .. يجب الحذر منه ، والإعراض عنه . 

وحتى لو فَكَّرَ أحدهم بالرجوع إلى أهل العلم من فقهاء الأمة وأئمتها .. رأيته ينقد هذا ، ويُكذِّبُ ذاك ، ولا يقبل من الأحكام إلا ما ماشى رأيه ، ووافق قوله . 

وعامّة النّاس قد انقسموا في هذا الموضوع على أقوال ؛ فمِن مُؤيِّد لحرمة الغناء الفاحش .. صَاحَبْتُه الموسيقى أم لا ، لأن كلامه يخدش الحياء ، ويؤجِّج الأهواء . ومِنْ مُحلِّل للغناء مهما كانت كلماته ، ومهما انحرفت موضوعاته . وصنف آخر لا يرى بأسا في الأغاني ، لكنّه يُحرِّم المعازف بأنواعها ، والموسيقى بجميع أشكالِها . وآخرون يحرمون الاثنين إن اجتمعا أو افترقا ، ولا يرتضي من الأغاني إلا ما يندرج تحت مسمَّى الأناشيد ؛ كلام جميلٌ عفيف ، وعزف منعدم . ومِنهُمُ من يُحلِّل الكلّ .. ويسمع النقي الطاهر ، والفاحش الفاجر ، لا يجد في ذلك إشكالا ، فأينما حصل الطربُ ، قُضي الأرب .

والسؤال المطروح الآن .. ما هو رأي الإسلام في هذا الموضوع ؟ و ما الحلال والحرام في كل هذا ؟

الغناء :

لغة :

أ َّن الغناء صوت مطرب، وإن اختلفت طرق أداء ذلك المعنى في كلماتهم، ولكن الظاهر أَّنهم يريدون هذا المعنى، وأن بعضهم صرح بذلك.

اصطلاحا :

عند الفقهاء :

ومن خلال تصفح أقوال العلماء نستفيد أمور منها:
1 .إ َّن الغناء صفة للصوت والدليل على ذلك عدم إدبراجهم المقروء في تعريف الغناء بل جعلوه تعريفا للصوت أيضا للصوت، وأهل اللغة على ذلك أيضا.

2 .الظاهر أ َّن الغناء كان أمرا معروفا لدى القدماء، فلم يطيلوا في تعريفه ولم يذكروا قيودا،بل قالوا هو الصوت الم َطَّرب، ولكن األمر اختلف في عصرنا الحالي حيث تعددت أساليب أداء الكلام ، ولكي يتضح موضوع الحكم قالوا إَّنِه الصوت المطَّرب ُ والمرجع فيه الذي يناسب مجالس اللهو والعصيان وما إلى ذلك.

3 .بمالحظة تعابريف اللغويين والعلماء نجد األكثر قد أخذوا الترجيع والطرب واللهو بمفهوم الغناء، والذي يظهر أ َّن ِالغناء َّلا يتوقف على أي واحدة منها، حيث إن الترجيع مد الصوت بتقطيعه والعودة فيه وترديده في الحلق، والطرب: إَّنه خفة تعتري اإلنسان لسرور أو هم، واللهو: ما شغلك أو اللعب، ولكن عرفنا إن الغناء موقوف على إيقاع الأصوات بإنتظام خاص سواء كان بالترجيع أو بالمِد من دون ترجيع أو بتقابرب الحروف أو غير ذلك، الطرب بمعنى الخفة إذا كانت أثرا للغناء .

الغناء في العرف :

عندما نأخذ بعرف اليوم َّلابَّد لنا من ملاحظة أمور:

1 .إ َّن العرف الذي نأخذه اليوم َّل يخالف ما اتفق عليه اللغويون في بيان معنى الغناء.

2َّ .لا يخالف ما ورد في بعض االأخبار .

3 .الرجوع إلى أقوال العلماء لتهذيب عرف اليوم؛ لأن تعاريفهم كانت بمساعدة فهم العرف في ذلك الوقت.

حكم الموسيقى والغناء : (عند الفقهاء الأربعة ):

الشافعية :

يرى مجموعة من فقهاء الشافعية ، أَ َّن الغناء حرام ، ومن هؤَّلء الطبري ،والجرجاني، وغيرهم .
في مقابل ذلك ترى مجموعة أخرى من علماء الشافعية أَ َّن الغناء حالل ويقولون إنه مكروه، ومن هؤَّلاء الغزالي
وابن حجر،وكذلك الشيخ الطوسي ،يقول : إن الشافعي يكره الغناء. ويقول ابن حجر : مذهبنا إنه يكره الغناء وسماعه.

الحنابلة :

اختلفت أنظار العلماء الحنابلة في حكم الغناء ، والأكثر على إباحته أو كراهته وبعضهم قال بالحرمة .

وِمَّمن ينقل الحلية عن إمام الحنابلة ، عبد الله بن قدامة، وابن حجر، والشيخ الطوسي في خلافه ، ويقابل هذه المجموعة القائلة بالحلية مجموعة أخرى تقول : إن الغناء في الفقه الحنبلي حرام ومن هؤَّلاء ابن قدامة في المغني
والقرطبي في الجامع إلحكام القرآن، والألوسي في روح المعاني، وفي ذلك ينقل ابن قدامة في مغنيه فتوى أحمد بن حنبل : إذا مات شخص وترك جارية مغنية ويتيم محتاج الى ثمن المغنية ، تباع الجارية من دون لحاظ صفة الغناء فيها ، فقيل َّلابن حنبل لو كانت قيمتها 30 ألف درهم مع اعتبار صفة الغناء و 20ألف درهم من دون لحاظ صفة الغناء ، فقال في الجواب تباع بقيمة عدم لحاظ الصفة اي تباع بقيمة 20الف درهم.

المالكية :

كما تقدم من الخلاف في حكم الغناء وقع كذلك عند المالكية ، فمنهم من يعتقد حرمة الغناء، وينقلون عن إمام مالك قوله بالحرمة .

قال القاضي الطبري :- نهى مالك عن الغناء والاستماع، وقال : (إذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله ردها بالعيب.)

وقد استفاد حرمة الغناء لدى مالك مجموعة من العلماء ، من أولئك القرطبي في تفسير الجامع ،والآلوسي في تفسيره ، بروح المعاني ، والجزيري في كتابه الفقه على المذاهب االأربعة ،ومجموعة أخرى من العلماء يرون أ َّن مالك يقول بحلية الغناء ، ومنهم الشيخ الطوسي، والقفال وغيرهم .ونص ما قاله الشيخ الطوسي : وقال (…مالك هو مكروه ، وحكي عن مالك إَّنه قال هو مباح والأول أظهر ).
.

الأحناف :

ينقل مجموعة من العلماء أَ َّن أبا حنيفة من القائلين بحرمة الغناء ، فالطبري ينقل عن أبي حنيفة أ َّن الغناء حرام والاستماع يعد من الذنوب، ويستفاد مما قاله صاحب تنويرالأبصار ، وشيخ الإسلام ،والآلوسي، إ َّن الغناء حرام عند الحنفية .

الى هنا يظهر من فقهاءالأحناف إن الغناء حرام ، والمغني َّلا تقبل شهادته في المحكمة وعلى هذا فقهاء الكوفة والبصرة.

هذا ولكن ترى مجموعة أخرى من علماء الحنفية يرون أَ َّن الغناء مباح مالم يصاحبه محرم كوصف المرأة ، والغالم ، ويحملون قول أبي حنيفة بالحرمة على هذا القسم من الغناء، أي: الذي يقارنه المحرم .

إذن فالنتيجة : إ َّن فقهاء العامة اختلفوا في حكم الغناء، فيرى بعضهم الحلية والبعض الآخر الحرمة ، ومنهم من يرى الكراهة ، بل إن ابن حجر الهيثمي يعد الأقوال الى أحد عشر قوَلا.

أدلة القائلين بحرمة الغناء :

من الآيات :

1.قال تعالى : “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ 6).سورة لقمان .قال حبر الأمة ابن عباس رضي االله عنهما: (هو الغناء).

وقال مجاهد رحمه االله: (اللهو الطبل) [تفسير الطبري].

وقال الحسن البصري رحمه االله: (نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير) [تفسير ابن كثير].

قال ابن القيم رحمه االله: (ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}، فقال: واالله الذي لا إله غيره هو الغناء – يرددها ثلاث مرات – وصح عن ابن عمر رضي االله عنهما أيضا أنه الغناء) [إغاثة اللهفان
لابن القيم ١/٢٤

2.قال تعالى : “وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا “الاية 72 من سورة الفرقان .

ذكر ابن كثير في تفسيره ما جاء عن محمد بن الحنفية أنه قال: (الزور هنا الغناء).

وجاء عند القرطبي والطبري عن مجاهد في قوله تعالى: {والذين لا يشهدون الزور}، قال: (لا يسمعون الغناء).

وفي قوله عز وجل: {و إذا مروا باللغو مروا كراما}، قال الإمام الطبري في تفسيره: (وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما. مرورهم كراما في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء).

من السنة الشريفة :

1.قال رسول االله صلى االله عليه وسلم: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحروالحرير والخمر والمعازف، وليترلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم،يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم االله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) [رواه البخاري تعليقا برقم ٥٥٩٠ ،ووصله الطبراني والبيهقي، وابن عساكر،راجع السلسلة الصحيحة للألباني حديث رقم ٩١).

وقال الإمام ابن القيم رحمه االله: (ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزعم أنه منقطع لأن البخاري لم يصل سنده به).
“وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين؛أولها قوله : (يستحلون)، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة، فيستحلها أولئك القوم.
ثانيا: قرن المعازف مع ما تم حرمته وهو الزنا والخمر والحرير، ولو لم تكن محرمة -أي المعازف – لما قرنها معها” [السلسلة الصحيحة للألباني ١/١٤٤ بتصرف].

2.وروى الترمذي في سننه عن جابر، قال: (خرج رسول االله صلى االله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخيل، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في حجره ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن: أتبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ قال: إني لم أنه عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزاميرشيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة) [قال الترمذي: هذا الحديث حسن، وحسنه الألباني صحيح الجامع ٥١٩٤ .)

3.وعن رسول االله صلى االله عليه وسلم أنه قال: (ليكونن في هذه الأمة خسف،وقذف، ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمور، واتخذوا القينات، وضربوا بالمعازف) [صحيح بمجموع طرقه، السلسلة الصحيحة ٢٢٠٣ .)

وعلق على هذا الحديث الإمام القرطبي قائلاً: (قال علماؤنا: إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم؟!) [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي]

ونحن نقيل وكيف بزماننا مع استخدام الآلات الحديثة التي تأتي بمختلف الأصوات،بل وصل بهم الأمر إلى تقليد الغرب بالغناء عن طريق كما يسمونه (الفيديو كليب)،المشتق من كلب كَلَباً أي مصاب بمرض يعدي، كما هو حال هؤلاء المغنين والمغنيات ا لمصابين بمرض الإيدز والسيلان والزهري وغيره وقليل منهم من لم يصب بأحد هذه
الأمراض الخبيثة.

أدلة من قال بجواز الموسيقى والغناء :

إ َّن من ذهب إلى حلية الغناء ناقش الروايات التي تدل على حرمته ، حيث قالوا في مناقشة الروايات بأَّنه َّلا يوجد بروايات صحيحة وصريحة في حرمة الغناء ، بل الموجود ظواهر وعمومات يستأنس منها الحرمة، وليست أدلة قطعية على الحرمة. وأما الأدلة على حلية الغناء فهي مجموعة بروايات منها : عن عائشة قالت : ( دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري االانصارتغنيان بما تقاولته الأنصار يوم بعاث ، فقال أبو بكر : أزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : دعهما فأنها أيام عيد)، يقول ابن قدامة الحديث
متفق عليه.

وكذلك استدلوا بقول ابن حزم : “إنَّ الغناء مُباح”، وبنَى كلامه على تضعيف حديث أبي مالكٍ الأشعري، ويرى ابن حزم أن استماع الموسيقى مباح مثل التَّنَزُّه في البساتين ولبس الثياب الملونة. كتابه المحلى .

الرد على من استدل بحديث الجارتين :

قال ابن القيم رحمه االله: (وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم، فأين هذا من هذا، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم، فإن الصديق الأكبر فسمى ذلك مزموراً من مزامير الشيطان، وأقره رسول االله صلى االله عليه وسلم على هذه التسمية، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى؟! فسبحان االله كيف ضلت العقول والأفهام) [مدارج السالكين ١/٤٩٣ .)
وقال ابن الجوزي رحمه االله: (وقد كانت عائشة رضي االله عنها صغيرة في ذلك الوقت، و لم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها) [تلبيس إبليس].

الرد على من استدل بقول ابن حزم :

إن المعروف والمشهور أن ابن حزم رحمه االله يبيح الغناء، كما هو مذكور في كتابه المحلى. لكن الذي نريد أن ننبه عليه أن الناس إذا سمعوا أن ابن حزم أو غيره من العلماءيحللون الغناء، ذهب بالهم إلى الغناء الموجود اليوم في القنوات والإذاعات وعلى المسارح والفنادق والفيديو كليب وغيره وهذا من الخطأ الكبير.فمثل هذا الغناء لا يقول به مسلم، فضلاً عن عالم؛ مثل الإمام الكبير ابن حزم.فالعلماء متفقين على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية.

ونحن نعلم حال الغناء اليوم وما يحدث فيه من المحرمات القطعية، كالتبرج والاختلاط الماجن والدعوة السافرة إلى الزنا والفجور وشرب الخمور، تقف فيه المغنية عارية أو شبه عارية أمام العيون الوقحة والقلوب المريضة لتنعق بكلمات الحب والرومانسية. ويتمايل الجميع رجالاً ونساء ويطربون في معصية االله وسخطه.

والآن نذكر استثناء واحيدا استثناه العلماء ألا وهو :

حكم الأناشيد بدون موسيقى :

صح أن النبي والصحابة الكرام رضوان االله عليهم قد سمعوا الشعر وأنشدوه واستنشدوه من غيرهم، في سفرهم وحضرهم، وفي مجالسهم وأعمالهم، بأصوات فردية كما في إنشاد حسان بن ثابت وعامر بن الأكوع وأنجشة رضي االله عنهم، وبأصوات جماعية كما في حديث أنس ف في قصة حفر الخندق، قال: فلما رأى رسول صلى االله
عليه وسلم ما بنا من النصب والجوع قال:اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة فقالوا مجيبين:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا[رواه البخاري].

1· عدم استعمال الآلات والمعازف المحرمة في النشيد.
2· عدم الإكثار منه وجعله ديدن المسلم وكل وقته وتضييع الواجبات والفرائض لأجله.
3· أن لا يكون بصوت النساء.
4· وأن لا يشتمل على كلام محرم أو فاحش.
5· وأن لا يشابه ألحان أهل الفسق.

قد أجاز بعض المشايخ المعاصرين سماع هذه الأناشيد ولو كانت بدف، مع قولهم بعدم جواز ضرب الدف للرجال وحجتهم سماع النبي من الجارية التي نذرت أن تضرب بالدف عند رأسه فقال لها النبي في بنذرك، والحديث صحيح.

وختاماً، قال الإمام ابن القيم رحمه االله في كتابه إغاثة اللهفان [١/٢٤٨ -٢٤٩ : [
(اعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق، ونباته فيه كنبات الزرع بالماء.فمن خواصه: أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره، والعمل بما فيه، فإن الغناءوالقرآن لا يجتمعان في القلب أبداً لما بينهما من التضاد، فإن القرآن ينهى عن إتباع الهوى،ويأمر بالعفة، ومجانبة شهوات النفوس، وأسباب الغي ،وينهى عن إتباع خطوات الشيطان، والغناء يأمر بضد ذلك كله، ويحسنه، ويهيج النفوس إلى شهوات الغي فيثيركامنها، ويزعج قاطنها، ويحركها إلى كل قبيح، ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح،فهو والخمر رضيعا لبانٍ، وفي ييجهما على القبائح فرسا رهان .. إلخ )


.

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى