تعليمنا

كيف أحفظ القرآن مثل الفاتحة؟ وكيف ترسخ حفظك؟

كيف أحفظ القرآن مثل الفاتحة؟ سؤال كنت أطرحه كثيرا على نفسي كلما عقدت العزم على حفظ القرآن. لكن سحائب اليأس لا تلبث أن تُشَوِّه سَمَاء هِمَّتي وتُكَدِّر عزمتي كلما نويت أن أصلي بشيء من محفوظي “الطويل”، فيسير الركب قليلا ثم “يقف حمار الشيخ في العقبة”، وأضطر بعد محاولة فاشلة في الاستذكار أن أركع وأقهر الشيطان بالاستغفار.

تحفظها كَاسْمِك ..

مَن مِنّا ينسى الفاتحة؟ لا أحد .. ومن نَسِيَها فهو إمَّا شخصٌ لم يحفظها من الأساس، أو آخر حفظها ثم ركنها في طرفٍ قصي من دماغة ولم يعد إليها قَطّ. لهذا عندما نتحدث عن الحفظ الجيد نضرب المثل بالفاتحة، أو بالاسم، فنقول: “تحفظها كاسمك”، وهل ينسى أحد اسمه؟   وعلى طريقة سبيستون: ما الرابط العجيب بين حفظنا لأسمائنا وحفظنا للفاتحة؟

الطفل يتعلم اسمه كلما تكررت مناداة الناس له به، ومع ذاك التكرار يترسخ في ذهنه أنه المقصود بالاسم فيستجيب لمن حوله كلما سمعه.كذلك الفاتحة، أكثر سورة نكررها من بين كل السور لأننا نصلي بها خمس مرات أو أكثر في اليوم لِمَن يلتزم بالنوافل. ومع هذا العدد الَمُهول من التكرار  من سابع المستحيلات أن ننسى الفاتحة أو يلتبس علينا شيء منها حتى لو قرأناها  غيبا بدون تركيز، لأنها صارت على طرف اللسان.، ومحفوظة في أعمق أعماق الجَنان. فالرابط العجيب إذن هو التكرار ثم التكرار.

خطة مجرّبة لتحفظ القرآن مثل الفاتحة:

  جميعنا نغبط الإمام عندما نسمعه يصلي من ما حفظه من القرآن بسلاسة وإتقان وقلّما يخطئ أو يتعثر، وإذا نبّهه أحدهم سرعان ما يتذكر. وكلنا في لحظة ما تساءلنا عن السر، لِمَ استطاع هو أن يحفظه  بهذا الشكل ونحن لا؟  ولما قُدّر له أن لا ينساه أبد الدهر، ونحن ننسى في العصر ما حفظناه في الظهر؟! وهل رُزق هو -وأمثاله- ذاكرة الغُرَاب، وبُلينا نحن بذاكرة الذباب؟ !

القضية ليست قضية ذاكرة أو حظ، فجميعنا نستطيع حفظه بإتقان منقطع النظير لو تفرغنا له واعتبرناه أمرا أساسيا، لا مجرد كماليات نقتطع لها دقائق من يومنا لنحفظ آية أو آيتين أو وجها ووجهين، ثم نغلق المصحف ونغلق معه صفحة الحفظ حتى دقائقَ أخرى نتفرغ فيها قليلا. صدقني لن تحفظ شيئا إن سِرتَ على هذا الدرب. القرآن لا يُصاحب إلا من يُصاحبه، وحتى لو ختمتَه حفظًا، إن هَجَرتَه هَجَرك، وإن ذَكرته ذكرك.

وإليك خطة ستنفعك في الحفظ والاستذكار:

أخلص النية وجددها:

بادئ ذي بدء، أخلص النية وجددها باستمرار، وجعل حفظك خالصا لوجه الله، تبتغي به الأجر والثواب والنجاة من العذاب. وطهر نيتك من الرياء والسمعة وحب الظهور. ثم توكل على الله واستعن به، واسأله العون والهداية والثبات.

اقرأ التفسير:

قبل أن تشرع في الحفظ، افتح اي تفسير مُيسّر أو مُفصّل، واقرأ تفسير وردك اليومي؛ إن وجهًا فوجهًا وإن وجهين فاثنين، وهكذا. ومعرفتك للتفسير مهمة قبل الحفظ، فحفظ ما تفهم معناه أيسر  وأثبت من حفظك لما لا تفهمه.

اسمع أحد القُرّاء:

اسمع الورد بصوت أحد القراء المجيدين خمس مرات وإن شئت أكثر. ولْيَكُن مُتقِنًا للتجويد منثل الحصري أو المنشاوي أو عبد الباسط. أو اسمع لأي قارئ تحبه، حتى يساعدك ذلك في معرفة النطق الصحيح والقراءة الصحيحة قبل الحفظ، فلا تحفظ على خطإ يصعب عليك تصحيحه فيما بعد.

اقرأ الورد مرارا:

اقرأ الورد بالنظر إلى المصحف من عشر إلى عشرين مرة. وهذا يساعد على ترسيخ الصفحة في ذهنك.

التكرار:

  • كرر الآية الواحدة  من ذهنك خمسين مرة، وإن زدت كان ذلك أفضل وأثبت.
  • كرر الآية التي بعدها بنفس العدد، ثم كررهما معا عشر مرات.
  • تابع على نفس المنوال حتى نهاية الوجه، ثم كرر الوجه خمسين مرة من ذاكرتك وكلما زدت كان أفضل.
  • احفظ أول آية من الوجه القادم حتى يساعدك على وصل الصفحات فيما بعد.

المراجعة:

الحفظ مهم، لكنه لا يرسخ ويثبت إلا بالمراجعة المستمرة:

  • قبل أن تشرع في حفظ ورد جديد، اقرا  ورد الأمس أولا خمس مرات، وإن وجدت أنك تحفظه بشكل جيد فابدأ بالجديد. وإلا فأعد القديم حتى يثبت.
  • احرص على أن تراجع غيبا –من ذهنك- يوميا من أول الفاتحة حتى الوجه الذي وصلته، وإذا وجدت أنك تخطئ في حفظك القديم فأعده من عشر إلى خمس مرات حتى تثبته. وكلما زاد محفوظك قسم مراجعته على الأيام بمقدار لا يقل عن خمس احزاب في اليوم، وستبهرك النتائج .

في الختام..

كل ماذكرتُه خطوات عملية لا تُجنى ثمارها إلا بالكد والصبر وجهاد النفس. وبالتوبة بعد كل زلل، وتجديد العزم والنية كلما اعتراك الملل، أو غازلك الكسل.  استعن بالله، وابدأ من اليوم.

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى