الأسرة

الأسرة والزواج .. أفكار فاسدة ، وأخطاء سائدة

فَشَت في هذا الزمن دعاوى غريبة ، وفتاوى عجيبة ، تَشدَهُ العقول ، وتعاكس المنقول . فتسمع من هذا وذاك عن من ترى الزواجَ عائقا لها في حياتها، وسدًّا منيعا في وجه أهدافها وطموحها، وآخر يحكي عن حالة من الجنون تعتري نسبة من الفتيات فور بلوغهن الثلاثين دون زواج، وذلك لأن غاية آمالهن، وأكبر أحلامهن حضور الفارس المنقذ من شبح العنوسة على حصانه الأبيض ليحملهن إلى عش الزوجية والحياة الوردية.

وترى ثالثًا يتشدق بقدسية المرأة وبالسترونغ إندبندنت وومن (strong independent woman)، القادرة على العيش دون وجود رجل في حياتها يُسَيِّرُها -حسب رأيهم- كيف شاء، ويقف حجر عثرة في طريق نبوغها وبروزها. ويكون بعنجهيته وحبه للتملك والسيطرة الليل الذي يمنع شمسها الواعدة من السطوع، في عالم يقف في صف الرجل ضد “تاء التأنيث” التي حكموا عليها بالسكون ظلما، وهي المتحركة القادرة على تخطي الرجال وتغيير العالم!!

 ورابع يرى أن على المرأة أن تصنع نفسها، وتطارد أحلامها، وتتسلق جبل طموحاتها قبل أن تُقحِم نفسها في علاقة مصيرية ومعيقة كالزواج!! وكثير غيرها من الآراء والدعاوى والفتاوى يتكلم فيها القاصي والداني والعالم والجاهل والكبير والصغير. كما نسمع كثيرا حكايات البنات اللواتي يُعَبِّرن بصراحة عن نبذهن الزواجَ التقليدي، وميلهن إلى زواج الحب الذي يبدأ بنظرة وفكرة، وهمسة أو لمسة، أو ربما بأحضان يتبادلها الاثنان في حضرة الشيطان.  وغير ذلك من الخزعبلات التي لا تفارق أذن السامع. وحيثما بحثت عن المبدأ الذي بُنِيَت عليه  مثل هذه الدعاوى، لن تجده إلا عائما في بحر الصدمات النفسية أو الرؤى الشخصية و فشل التربية والحكايات الوردية …………إلخ .

هذه الدعاوى الباطلة التي تكسح المجتمعات ، والآراء الفاسدة التي تتنشر على أنها عادات، لو جُبتَ الشوارع وسألتهم واحدا واحدا عن ماهو الزواج في نظرك ؟ وماذا يعني لك؟ لسمعت العجب العجاب ، وتمنيت أنك ماعرفت الجواب. فالبعض يرى فيه الحرية الحمراء التي ما خضبتها الدماء وإنما العقول الجوفاء والنفوس البلهاء. وآخر يجده متعة وقضاء وطر، والبعض يراه هربا من الواقع، وفئة تتشبث بذيل الزواج خوفا من ليل العنوسة المظلم وكلام الناس الذي لا يرحم. وكثير غيرها من الإجابات التي لا تتعدى كونها هوى نفس، وقلة نضج، وضعف إيمان .

وفي ظل هذا الباب الواسع التي شُرّع على مصراعيه لتدخل منه رياح الفتن وعواصف الأهواء، والذي يجب أن يُسدّ ويُغلق عملا بالمثل: “الباب الذي يأتيك منه الريح، سدّه واستريح” ، ونظرا لما ينتج بسبب ذلك من عوائد اجتماعية لاتقتصر فقط على اثنين وإنما تتعدى لأكثر من شخص، إلى جانب نشأة الأجيال القادمة في كنف مجتمعات مهتزة دينيا ما يؤدي إلى نتائج أخطر ، ومفاسد أكبر. من أجل كل ذلك وحفاظا على كيان الأسرة ورقي الأوطان، سنعمل على سلسلة فقهية في مجال الأسرة تحوي كل أسئلتكم واستفساراتكم من(كيفية التفكير في الزواج ، كيفية اختيار الشريك ، ماهي منظومة الزواج ، كيفية بناء أجيال واعية وإلى غير ذلك )، وتكون مدعمة بتجارب ونماذج حية من الواقع ليستأنس بها الفرد ويعلو بها المجتمع .
سائلين الله عز وجل التوفيق والسداد .

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى