شخصياتمنوعات

الإمام مالك

نسبه :

هو: «أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر واسمه نافع بن عمرو بن الحارث بن غَيْمان بن خُثَيل بن عمرو بن الحارث ذي أصبح بن مالك بن زيد بن قيس بن صيفي بن حمير الأصغر بن سبأ الأصغر بن كعب كهف الظلم بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن هميسع بن حمير بن سبأ».

أمه: «العالية بنت شريك بن عبد الرحمن بن شريك الأزدية»، وأزد من أشهر قبائل العرب القحطانية، تُنسب إلى الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، فهي تلتقي مع زوجها أنس بأنهما من عرب اليمن. جده: «مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري»، كان من كبار التابعين وعلمائهم، روى عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وعائشة أم المؤمنين وأبي هريرة وحسان بن ثابت وعقيل بن أبي طالب، وهو أحد الأربعة الذين حملوا عثمان ليلاً إلى قبره وغسلوه ودفنوه، ورُوي أن عثمان أغزاه إفريقية ففتحها، وأنه كان ممن يكتب المصاحف حين جمع عثمان المصاحف، كما كان الخليفة عمر بن عبد العزيز يستشيره، وقد توفي سنة 94هـ.

مولده ونشأته:

“الإمام مالك بن أنس، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، ولادته بالمدينة، ولا تتفق الروايات على سنة ولادته، فتذكرها ما بين سنتي (90 – 97هـ)”.

“ولكن الصحيح في ميلاد الإمام مالك كان في سنة ثلاث وتسعين للهجرة (93هـ) بالمدينة النبوية، عام موت أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم”

نشأته :

بدأ الإمام مالك يطلب العلم صغيرا تحت تأثير البيئة التي نشأ فيها وتبعا لتوجيه أمه له، فقد حكي أنه كان يريد أن يتعلم الغناء فوجهته أمه إلى طلب العلم.

يقول الإمام مالك: حينما بلغت سن التعليم جاءت عمتي وقالت :اذهب فاكتب (تريد الحديث). ولعلها كانت تريد أن تسترجع فيه علم جده مالك.

انطلق يلتمس العلم وحرص على جمعه و تفرغ له ولازم العديد من كبار العلماء، لعل أشدهم أثرا في تكوين عقليته العلمية التي عرف بها هو أبو بكر بن عبد الله بن يزيد المعروف بابن هرمز المتوفى سنة 148 هـ، فقد روي عن مالك أنه قال:

«كنت آتي ابن هرمز من بكرة فما أخرج من بيته حتى الليل.»

وكذلك يعد مالك أكثر وأشهر الفقهاء والمحدثين الذين لازموا نافع مولى ابن عمر وراويتٌه. يقضي معه اليوم كله من الصباح إلى المساء سبع سنوات أو ثماني، وكان ابن هرمز يجله و يخصه بما لا يخص به غيره لكثرة ملازمته له و لما ربط بينهما من حب وتآلف ووداد. وأخذ الإمام مالك عن الإمام ابن شهاب الزهري وهو أول من دون الحديث ومن أشهر شيوخ المدينة المنورة وقد روى عنه الإمام مالك في موطئه 132 حديثا بعضها مرسل.

كما أخذ عن الإمام جعفر الصادق من آل البيت وأخرج له في موطئه 9 أحاديث منها 5 متصلة مسندة أصلها حديث واحد طويل هو حديث جاير في الحج والأربعة منقطعة.

وكذلك روى عن هشام بن عروة، محمد ابن المنكدر، يحي بن سعيد الأنصاري، سعيد بن أبي سعيد المقبري وغيرهم، وقد بلغ عدد شيوخه على ما قيل 300 من التابعين و600 من أتباع التابعين.

محنته :

كان الإمام مالك يبتعد عن الثورات والتحريض عليها، وعن الفتن والخوض فيها، ومع ذلك فقد نزلت به محنة في العصر العباسي في عهد أبي جعفر المنصور، وقد اتفق المؤرخون على نزول هذه المحنة به، وأكثر الرواة على أنها نزلت به سنة 146هـ، وقيل سنة 147هـ، وقد ضُرب في هذه المحنة بالسياط، ومُدت يده حتى انخلعت كتفاه، وقد اختلفوا في سببها على أقوال كثيرة أشهرها: أنه كان يحدث بحديث: «ليس على مستكره طلاق»، فاتخذ مروجو الفتن من هذا الحديث حجةً لبطلان بيعة أبي جعفر المنصور، وذاع هذا وشاع في وقت خروج محمد بن عبد الله بن حسن النفس الزكية بالمدينة، فنُهي عن أن يحدث بهذا الحديث، ثم دُس إليه من يسأله عنه، فحدث به على رؤوس الناس، فضُرب.

أما الذي أنزل المحنة بالإمام مالك فهو والي المدينة جعفر بن سليمان، وكان ذلك من غير علم أبي جعفر المنصور، لأن المحنة كانت بعد مقتل محمد النفس الزكية سنة 145هـ، أي بعد أن اجتُثت الفتنة من جذورها، ولكن تذكر رواية أخرى أن أبا جعفر المنصور هو الذي نهى عن التحديث بالحديث، وأنه دس له من يسمع منه، فرآه قد حدث به.

حياته العلمية :

علمه :

يقول الإمام مالك، إنّه عاصر أكثر من ثلاثمئة من التّابعين، وتعلّم الحديث منهم، ولم يكن أحدٌ في مثل خشوعه أبدًا؛ فلم يكن يعلّم حديثًا، أو يعطي فتوى دون أن يكون متوضّئًا، ويقول ابن أخيه إسماعيل بن أبي أويس: سألت عمّي عن شيء، وكان جالسًا معي، فقام وتوضّأ، ثمّ قال لا حول ولا قوّة إلّا بالله الفاتح، ولم يكن يعطِ أيّ فتوى من دون أن يقولها.

كان الإمام مالك شديدًا جدًّا في تأكّده من علمه في الفتوى، ودقيقًا جدًّا في صحّتها، وإذا لم يكن مُتأكّدًا من مسألة ما، لم يكن يجرؤ على الحديث فيها، يقول الهيثم بن جميل: كنت ذات مرة مع الإمام مالك عندما سئل أكثر من أربعين سؤالًا، وسمعته يردُّ: لا أعرف إلى اثنين وثلاثين منهم.

وقال عنه الإمام الشّافعيّ: عندما يُذكر العلماء، يكون الإمام مالك نجمًا بينهم. ويقول الإمام مالك عن نفسه أنّه لم يجلس لإعطاء فتوى، قبل أن يجيزه عليها لأوّل مرّة سبعون عالمًا من المدينة.

وقال عن كتابه الموطّأ: عرضتُ كتابي على سبعين من علماء المدينة، وكلُّهم وطّأني عليه أي وافقوا عليه، لذلك سمّاه الموطّأ.

قال الإمام البخاريّ عن كتاب الموطّأ: إنّه سالم من سلاسل الإسناد. ولا يوجد فيه إلّا إسناد: مالك عن نافع عن ابن عمر، إلى آخر السّلسلة الذّهبيّة، كما يُسمّيها علماء الحديث، ولا يوجد إلّا ثمانين رواية من هذه السّلسلة في الموطّأ، واستغرق تأليفه أربعين سنة، بدأ بعشرة آلاف رواية، وخفّضها حتّى وصل العدد أقل من ألفين.

قصة الموطأ:

يروي أبو مصعب فيقول: سمعت مالكا يقول دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وقد نزل على فرش له وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان وجاء صبي يخرج ثم يرجع فقال لي أتدري من هذا قلت لا قال هذا ابني وإنما يفزع من هيبتك ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام ثم قال لي أنت والله أعقل الناس وأعلم الناس قلت لا والله يا أمير المؤمنين قال بلى ولكنك تكتم ثم قال والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلى الآفاق فلأحملهنم عليه.فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول تفرقوا في الأمصار وإن تفعل تكن فتنة!!

امام الحديث :

كان الإمام مالك من أئمة الحديث في المدينة، يقول يحيى القطان ما في القوم أصح حديثا من مالك كان إماما في الحديث، قال الشافعي قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا وسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حديث فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله وإذا حدث عن غيره من الكوفيين لم يجئه إلا اليسير. قال ابن مهدي أئمة الناس في زمانهم أربعة الثوري ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد وقال ما رأيت أحدا أعقل من مالك.

صفاته :

عرف عن الإمام مالك قوي الحافظة، وجيد التحري في رواية الحديث مدققا في ذلك كل التدقيق، لا ينقل الا عن الإثبات ولا يغتر بمظهر الراوي أو هيئته.

قال الإمام مالك’:

«لقد أدركت في هذا المسجد (مسجد المدينة المنورة) سبعين ممن يقول: قال فلان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فما أخذت عنهم شيئا ، وأن أحدهم لو أؤتمن على بيت مال لكان أمينا عليه إلا ظانهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن .»

لم يرحل الإمام مالك في طلب الحديث مع أن الرحلة في ذلك الوقت كانت من السم.

أقواله :

  • “العلم ينقص ولا يزيد ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب.”
  • “والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه إلا نزع الله هيبته من صدري.”
  • “أعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع. “
  • “ما تعلمت العلم إلا لنفسي وما تعلمت ليحتاج الناس إلي وكذلك كان الناس.”
  • “ليس هذا الجدل من الدين بشيء.”

“لا يؤخذ العلم عن أربعة سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به. “

شيوخه

  • ابن هرمز.
  • أبو زناد.
  • نافع.
  • الإمام جعفر الصادق.
  • ربيعة محسن.
  • ابن شهاب.
  • الأنصاري.
  • يحي بن سعيد.
  • سعيد المقبري.
  • عامر بن عبد الله بن زبير.
  • ابن المنكدر.
  • عبد الله بن دينار.

تلاميذه

كان أكثر الأئمة الذين ظهروا في عصر الإمام مالك تلامذة له، وقد كان تلاميذه من شتى بقاع الأرض لا يعدون ولا يحصون والذي ساعده على ذلك أنه كان مقيماً بالمدينة المنورة وكان الحجاج يذهبون لزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فيجلسون نحوه يتعلمون منه العلم، فمنهم من كان يطول به المقام عنده ومنهم من كان يقصر به المقام. والذي جعل أيضاً تلاميذ الإمام مالك كثيري أن مالكاً كان معمراً فلقد عاش تسعين عاماً. وأحصى الذهبي ما يزيد عن ألف وأربعمائة تلميذا، منهم:

  • محمد بن إدريس الشافعي، صاحب المذهب الشافعي.
  • عبد الرحمن بن القاسم
  • عبد الله بن وهب
  • أشهب بن عبد العزيز القيسي
  • أسد بن الفرات
  • عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون
  • ابن ابي اياس أبو الحسن الخرساني.
  • ابن الوليد أبو يحمد الحميري
  • ابن خداش أبو الهيثم المهلبي.
  • أبو عبد الله اللخمي.
  • سعيد ابن شعبة أبو عثمان الخرساني.
  • سليمان بن جارود أبو داوود الطياليسي.
  • ابن ذكوان أبو عبد الله الترميذي.
  • بن حماد أبو يحي النرسي.
  • بن جبلة عبدان المروزي.
  • عبد الله بن نافع الزبيري.
  • بن عمرو القيسي أبو عامر العقدي.
  • وكيع بن جراح أبو سفيان الرؤاسي.

أقوال أهل العلم في الإمام مالك بن أنس:

“قال أبو حنيفة: والله ما رأيتُ أسرع منه بجواب صادقٍ وزُهْدٍ تامٍّ.

وقال الشافعي: إذا جاءك الأثر عن مالك فشد به يدك، وقال: إذا جاء الخبر، فمالك النجم، وقال: من أراد الحديث فهو عيال على مالك.

وقال: إذا ذكر العلماء فمالك النجم، ولم يبلغ أحد في العلم مبلغ مالك لحفظه وإتقانه وصيانته.

ومن أراد الحديث الصحيح فعليه بمالك.

وقال أحمد: مالك سيد من سادات أهل العلم، وهو إمام في الحديث والفقه، ومَن مثلُ مالك متبع لآثار مَنْ مضى؟ مع عقل وأدب”.

قال ابن مهدي: “مالك أفقه من الحكم وحماد، ما رأيت أحدًا أعقل من مالك بن أنس” .

“قال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر.

وقال يحيى بن معين: كل مَنْ روى عنه مالك فهو ثقة، إلا أبا أمية .

وقال غير واحد: هو أثبت أصحاب نافع والزهري.

ومناقبه كثيرة جدًّا، وثناء الأئمة عليه أكثر من أن يحصر في هذا المكان”

وفاته

لقد عمر الإمام مالك – رحمه الله – مدة طويلة وعاصر الدولتين الأموية والعباسية وارتفعت مكانته بين الناس وعند الخلفاء حتى أنه كان يأمر وينهى ويعاقب كأنه السلطان ولا يجرؤ أحد على مخالفته وانتشر مذهبه بالحجاز ومصر والمغرب. والأندلس وانقرض مذهبه من الحجاز ومصر ومازال قائمًا لوقتنا الحاضر بالمغرب كله حتى أنه من النادر أن تجد من بين المغاربة من يتمذهب لغير مالك.

 وفي ليلة 14 صفر سنة 179ه قضى الإمام مالك نحبه بعد حياة مديدة حافلة بالعلم والحديث وكان آخر كلامه عند موته \’أشهد أن لا إله إلا الله لله الأمر من قبل ومن بعد\’.

فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الأمة الإسلامية خير الجزاء.

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى