مكتبتنا

في صحبة السميط .. دروس وفوائد

في صحبة السميط” .. كتاب أخرجه الدكتور فهد بن عبد العزيز السنيدي لينقل لنا لمحات ووقفات من حياة خادم الدعوة الدكتور عبد الرحمن السميط، ويُصوِّر لنا طرفًا من تضحياته الجسام في سبيل الدين والدعوة إليه. في هذه الرحلة التي توغلت في أعماق إفريقيا القارة المنسية، يعيش القارئ مع الكاتب ترقبه وانفعالاته، وشوقه وتأملاته، ويرى في ثنايا الكتاب عجبا ما تخيل يوما أنه قائم على أرض الواقع.

عبد الرحمن السميط أحد الجنود الذين حملوا مسؤولية الدعوة على كواهلهم رغم ثقلها، وتحملوا في سبيل القيام بها على أكمل وجه وأتمّه الصعاب الشّداد، ورأووا الموت دانيا غير مرة، فما فترت هممهم، ولا كلّت عزائمهم، وكانوا جبالا راسخة في طريق الدعوة لا تتزعزع ولا تميل.

تعذَّب لأجل الدين فصَبرَ حتى مَلَّهُ الصَّبر، وتسلّح بالإيمان فودّعه الخوف، ومشى بنور الله فما ضل طريقَه، ونثر على القلوب المجدبة رحيقَه، وكان شعاره العمل، وكلامه العسل، وحضوره الأمل . وكان رحمه الله الشمس التي طال غروبها في تلك البقاع المهملة .. رجلا فذّا في زمن قلّ فيه الرجال .. وبطلا حين يُذكر الأبطال .. وعظيما صنعته المصاعب، وصقلته المصائب، ورفعه إيمانه الذي لا تخبو جذوته، ولا تخيب خطوته ..

فلله درك يا عبد الرحمن ، عملت وأتعبت من بعدك ! رحمك الله رحمة واسعة وأدخلك الفردوس الأعلى، ورزقك جوار الحبيب المصطفى ، وجزاك عنا خير الجزاء، وجعلك للأمة منارا يقتدى به، وكثّر من أمثالك ، إنه أكرم الأكرمين.

فوائد من كتاب في “صحبة السميط”:

– تنهزم أبيات الشعر وبلاغة النثر أمام عزائم الرجال وعمل الأبطال، فتَكُونُ صورة الثاني أبلغ من كل استعارات الأول ومحسناته وعقود بيانه المنظوم، والتي كثيرا ما تتوارى خجلى أو تفر هاربة عند أول امتحان لها على أرض الواقع .. فطوبى للرجال.

– وأنا أقرأ مقدمة الكاتب، تبادر لذهني كلام قرأته في أحد النصوص التي كانت يوما ما موضوعا لاختبار العربية أيام المتوسط، نسيتُ كاتبه، لكني لا زلت أحفظ مطلعه والذي يعبر تعبيرا بليغا عن حقيقة نعيشها انقلبت فيها موازين السن والعمل : “في الشباب شيوخ وفي الشيوخ شباب” .. إيهٍ والله .. كم شابا اتشح بالعجز ولمّا يكمل العشرين؟ كم بطّالا اتكأ صبحَه ومسَاهُ على الحيطان يراقب الغادي والرائح، يدخن من فِيهِ سُمًّا زعافا لا يزيده إلا ذبولا وهو في ربيع العمر. لا هدف يشحذ همته، ولا عمل ينفع أمته، ولا طب يشفي علته، وقد شاخ عزمه وهرمت إرادته وتمدد شبابه الضائع على فراش الموت ينتظر قدومه ؟ وكم شيخا في المقابل غطى الشيب شعره لكن عزمه أسود، وذوى أو كاد عوده لكن همته لا زالت غضة طرية، وانكمشت يمينه لكنها لا زالت معطاءً تؤتي بذلها كل حين بإذن ربها، وتعب جسمه، لكنه والله ما تعب من همٍّ ولا من سعي إلى دنيا ، وإنما كانت نفسُ صاحِبِه عظيمة فأضناه حملها:
وإذا كانت النفوس كبارا .. تعبت في مرادها الأجسام.

– يجب أن يكون همُّ الدعوة حاضرا في كل قلبٍ مسلم، وأن يكون أول المشاغل وآخرها، في كل لحظة وعند كل عمل صغُرَ أم كَبُر.

– الصّلب المقدام كبير العزيمة هو الذي لا تثنيه العقبات والصعوبات عن متابعة السير قُدُمًا نحو هدفه، وتصبح في نظره المشاق ذليلة قابعة في السفح وهو على القمة .

– رسالة الإسلام تحتاج منّا أن نجاهد في الدعوة لله رامين خلف ظهورنا دعة العيش، وترف النِّعم، ودَلَالًا ألِفنَاه فما عدنا نتحمل في سبيل الله نغزة شوكة أولَسعَة بعوض.

 – على المسلم أن يخلص عمله لله وحده ولا ينتظر شكرا ولا مدحا ولا أجرا من أحد.

– الداعية الحق هو الذي يعرف طبيعة من يدعوهم، ويدرك طريقة تفكيرهم ومعتقداتهم حتى يعلم من أي الأبواب يلج إلى قلوبهم ليبثها نور الإسلام ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة.

– تربية الوالدين ونصائحهما تلعب الدور الأكبر في تنشئة أولادهم وفي تكوين شخصياتهم وتحديد توجههم في الحياة، لذا على الأولياء الحرص على تثبيت الدين في قلوب أطفالهم ، وغرس بذرة الخير في نفوسهم البريئة.

– الزوجة الصالحة تعين زوجها على تحقيق أهدافه ما دامت كلها خيرا، فما بالك بإعانته في الدعوة لله وعمل الخير رغم المشاق والصعاب التي تتحملها معه بصدر رحب ، والعكس صحيح.

– السعادة الحقيقية ليست في المال الوفير، ولا البساط الوثير، ولا الأكل الكثير، ولا المنصب الكبير، بل في طاعة الله وبذل المال والجهد في سبيله وسبيل الدعوة إليه ، والتضحية براحة الدنيا طلبا للأجر ، ولا أسعد من لحظة يُدخِلُ فيها الله على يدك شخصا إلى الإسلام ، فتكون أنت بإذن الله وفضله اليد الذي تنتشِله من الظلام إلى النور.

– المشكلة فينا نحن المسلمين أننا لا نثق بالله ثقة تامة، وتشغلنا الدنيا ومالُها والركض خلفها عن واجبات في الدين كثيرة، هي أفضل عند الله وأعظم أجرا من كل متاع الدنيا الزائل الذي نفكر فيه ليلنا ونهارنا.

– كلنا قادرون على تغيير الدنيا للأفضل كما غيرها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، لكنه كان قوي الإيمان ونحن ضعفاء، وباع الدنيا وتسابقنا نحن نشتريها بكل غال ونفيس.

– حين ترى الظلام سَابِقْ لإشعال النور ولو بِعُودِ ثِقاب، فهذا أفضل من أن تجلس فيه وتكيل له الشتائم واللعنات، ولا تنتظر من غيرك أن يبادر بإنارته، فقد تكون تلك الشعلة الصغيرة شرارة لنور عظيم.

– نحن لاهون في دنيانا، راكضون خلف سرابها الخادع، وكثير من إخواننا المسلمين في إفريقيا وغيرها لا يعرفون المصحف ولا أم الكتاب، ولا ركعات الصلاة، ويجهلون حلال الدين وحرامه، فهلا التفتنا لهم –كما التفت الشيخ السميط-ومددنا أيدينا لننقذ ما تبقى فيه من دين، ونتعهد بالرعاية والسقي بذرة الإيمان في قلوبهم قبل أن يئدها غيرنا ونحن نائمون. 

– حتى في عمل الخير قد تجد من يعيق طريقك ويحبط همتك، ويفسد عملك، فلا تستسلم عند أول رفض أو صد أو تخريب، بل اجعل من ذلك حافزا لمزيد من العمل، علّك تكون يوما الشخص الذي يسهل على الآخرين أعمال الخير ويعبّد لهم طريقها.

– القوة التي كانت تجعل الشيخ السميط يزيد عطاء رغم الصعوبات، ويتفجر بذلا رغم المعيقات، هي قوة الإيمان الذي ما كان يزيد عند كل صعوبة إلا اتّقادا، وعند كل مشقة إلا ازديادا، وما ذلك إلا لأنه توكل على ربه، وعمل ما عمل عبادة لله، فأعانه الله وسهّل دربه، وفتح على يديه.

– ليكن عملك لسانك الناطق، فلا معنى من قول يكذبه العمل، ولا كثير كلام يتبخر في ميدان العطاء.

– كن بلسما لأولئك الذين شبعوا مر العلقم، وكن الطب والدواء لمن اعتلت قلوبهم قبل أجسامهم.

– “ضربوني أكثر من سبعمائة سوط بحبل التلفون لكني لم أبك، لأني لا أبكي أمام الناس، فإذا خلوت بنفسي بكيت، وخاصة إذا لم يرني أحد، لأني لا أريد أن يراني أحد في لحظة ضعف.” _ من قال أن الرجال لايبكون؟ ابكِ أيها المحزون بين يدي ربّك، لا تظهر ضعفك للناس بل كن أمامهم الجَلد المقدام، فإذا خلوت انثر ألمك على هيئة دمع علّه يغسل  حزنك.

– التخطيط ضروري لتحقيق النجاح، فلتكن خطواتنا مدروسة،  ومنهجنا واضحا بيّنا.

– “الحكمة ضالة المؤمن “، فحيثما وجدت الحكمة خذ بها. وهذا ما فعله السميط وهو يتلقى أساليب جديدة في الدعوة على يد خياط من أهل إفريقيا، ما قال أنه أعلى مقاما أو أرفع شأوا، بل وجد عنده علما فأخذه وعمل به، وكذلك هو المؤمن.

– من أساليب الدعوة  أن يمشي الإنسان مع التيار أولا، ويحاول بالتي هي أحسن، لا أن يأتي وهو يحس أنه في مستوى عال ومن يدعوهم في مستوى أقل منه.

– يمكن للداعية استغلال الإعلام لنشر دعوته وتبليغ رسالته إن أعجزته الوسيلة لقطع المسافات.

– لتكن متعتك العظيمة ونغمك المفضل بدل الأغاني والمعازف شهادة يرددها مسلم عرف الله من خلالك.

– الدعوة مثلما تكون بالقول تكون بالعمل، والثانية أبلغ وأكبر أثرا. كن نموذجا صحيحا للإسلام وممثلا حقيقيا له، وسيدخل من يقابلك فيه حين يرى أحكامه وأخلاقه قد تجسدت فيك على أحسن وأكمل صورة.

– تحديد الأهداف بدقة، والتخطيط مع بُعدِ النظر من أهم ما يساعد على النجاح واستمرار العمل.

– ما أجمل أن تضم إليك يتامى تربيهم وتعلمهم، ليصيروا ذات يوم جنودا للدين، دعاة له، حماة لعرينه.

البوسبوس وسيلة نقل خاصة في مدغشقر لا توجد في غيرها، والوضع هناك بدائي فيما يتعلق بالنقل حتى بالنسبة للطائرات. والأسواق الشعبية تمثل واجهة لثقافة الشعب في مدغشقر، ويشتهرون بصناعة الخوص.

– في مدغشقر توجد قبائل الأنتيمور، وهم في مغالبيتهم من أصل عربي كما قالوا ، وقد فقدوا كثيرا من عربيتهم عبر الزمن. ولديهم كتاب مقدس يحوي إلى جانب الطلاسم بعضا من آي القرآن، يتكلمون المالاحاشية ويظهر جليا فيها تأثير العربية.

– الدورات التأهيلية للدعاة مفيدة، فتنمية معلومات الداعية يزيد من حماسه للعمل الدعوي.

– لذة الدعوة لله وحلاوة الإيمان تنسي المرء صعوبة العيش، وتُهوّن في عينيه ما قد يلقاه من المشقة.

– حتى تحية الإسلام وحدها قد تكون سببا لدخول تائه إلى الإسلام، فلا تحتقر أصغر الأعمال فلا تدري بأيها يطرق الخير والهدى قلوب الكافرين الضائعين.

– المسلم يجب أن يحب الله ويحبب الآخرين في الله.

– من صفات الشيخ السميط قوة التحمل، ونكران الذات، والعطاء، وحب الخير، والإخلاص في العمل، والتواضع في الدعوة، والتضحية، والجد، والتركيز على العمل، والأمانة.

– أسلم بفضل الله ثم جهود السميط ومن معه من الدعاة خلق كثير في إفريقيا، بل وقرى كثيرة تدخل في الإسلام كل مرة.

–  التركيز على هدف معين وبذل الجهد فيه، خير من التشتت بين الأعمال والأهداف بغية إحرازها كلها، وفي النهاية يجد الإنسان نفسه صفرا منها جميعا، أما التركيز فيوصلك عاجلا أم آجلا لغايتك.

– مشاهد البيوت في قرى إفريقيا فيها رسالة وعظة لكل منعّم يتمرغ في فراش الرفاهية والدعة، وتنبيه لنا لنشكر النعم التي في أيدينا وحن نكفرها صبح مساء.

– يتعرض الدعاة في إفريقيا للكثير من الأخطار بدءا بالمستنقعات والأراضي الزلقة ، الأمراض الكثيرة كالملاريا، الطرق الوعرة التي تُقطع بشق الأنفس ووصولا إلى التماسيح التي تثور خاصة عند الجو السيء، والأسود والهوام والأفاعي، ومع ذلك يجاهدون ويتحملون المصاعب في سبيل الله، فليكن لنا فيهم أسوة.

  – في إفريقيا مسلمون منسيون فهلا تذكرناهم !

– يتواجد في إفريقيا الكثير من المسيحيين يقومون هناك بالتبشير لدينهم مستغلين الفقر والحاجة هناك، فهلَّا كان لنا فيهم عبرة فنعمل المستحيل من أجل ديننا والدعوة إليه؟

– عمل السميط وغيره في إفريقيا من حفر للآبار وتقديم لخدمات أخرى لا تقدّم للمسلمين وحدهم بل لكل من يحتاجها حتى من غير المسلمين، لأن الدين يشجعنا على ذلك، ولعلّ الله يجعل من هؤلاء من يحدّث عن الإسلام بخير فَيَصِل إلى خلق كثير. وقد أسلم كثير منهم من هذا المنطلق، فما الذي يجعل شبابا وشيوخا لديهم ما يمكّنهم من العيش براحة، أن يفِدوا إلى قراهم حيث العيش الصعب ويخدموهم بحفر الآبار وتقديم المعونات إلا لأن دينهم جميل سمح وحق.

– لا تستصغر ما تنفقه، فبضع دنانير قد تنقذ حياة إنسان وتُخرّج مسلما معطاءً.

– لنعتنِ بالأيتام فإننا قادرون أن نخرِج منهم قوة عظيمة تحمل مشعل الدين وتدافع عنه.

– هناك كثير من المنتسبين الجدد للإسلام يُضطهدون ليعودوا عن دينهم، وعلينا أن نشد على أيديهم ونساعدهم حتى لا يرجعوا إلى الظلام بعد أن عرفوا النور وألفوه.

– الإسلام منذ القديم دخل كثيرا من المدن الإفريقية  ويحتاج منا إحياءه من جديد ودعم المسلمين وتعليمهم دينهم فقط.

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى