شعرلفتات وثرثرات

رسائل في الهمة [2]

الهمم كالسكين، تحتاج دائما من يشحذها كلما ثلِمت، ويسنُّها كلما فلَّت. ولعلّنا ببعض كلمات محفِّزة نوقظ موات الهمة في القلوب، وننشط العزائم الفاترة لتشق وعر الدروب. فإليكم تتمة الرسائل لربما تلمس إحداهن فيكم عرقا نابضا، أو تجد لها في قلوبكم المتكاسلة مكانا تلج منه إليها:

الرسالة الأولى

اِنــزِل إِلَــى رَوضِ العُلُــومِ قَلِيـلَا..
وَاصنَــع  بِعِلــمٍ  لِلعُـــلَا  إِكلِيـــلَا..

وَاقطِف أَطَايِيبَ الزُّهُورِ وَذُق بِهِا..
شَهدًا  وَجَمِّل  بِالشِّفَــاءِ  عَلِيلَا..

مَن ذَا  يُكَرِّسُ  لِلمَعَارِفِ  وَقتَهُ .. 
وَيَشُقُّ فِي العِلمِ السَّدِيدِ سَبِيلَا..

وَكُنُــوزُهُ  كُـــتْبٌ ،  دَوَاةٌ ، دَفتَــرٌ .. 
وَدَقَــائِــقٌ أَنهَــى بِهَــا التَّحصِـيلَا ..

متى كانت آخر مرة فتحت فيها كتابا في العلم الشرعي فقرأت واستخلصت ولخصت؟

متى كانت آخر مرة شحذت فيها همتك لتكمل حفظ القرآن أو تبدأه؟

متى كان آخر عهدك بمراجعة حفظك من  كتاب الله؟

وكم بالله تصرف من زحمة يومك لتجمع  الزاد ليوم المعاد؟

اسأل نفسك هذه الأسئلة وأجبها بمنتهى الصدق، وإن لمست من نفسك تقصيرا في أي منها فشُدَّ بيدك على أيدينا لنشحذ الهمم، ونوقظ العزائم، ونجاهد النفس في ميدان التحصيل، فنلجمها عن الهفوات والتفاهات، ونسرجها لتسابق للمكرمات وتتصدر الدرجات.

أسابيع الهمم الماضية عادت علينا بالخير الكثير، والعلم الوفير، وعلمتنا أن في الوقت متسعا للتحصيل ما أقدمنا، وفيه بركة لو صمّمنا، وسيضيق بنا حتما ما أحجمنا وتلكأنا.

الرسالة الثانية

يَا  هِمَّةً  تَصبُو  إِلَى  العَليَاءِ..
وَعَزِيمَةً  كَالنُّورِ  فِي الظَّلمَاءِ..

أَهلًا بِأُسبُوعٍ يَضُمُّ سَوَاعِدًا ..
عَزَمَت عَلى الإِنجَازِ والإِنهَاءِ..

عَكَفَت عَلى كُتبِ الشَّرِيعَة تَرتَوِي..
مِن نَبعِهَا الفَيَّاضِ وَالمِعطَاء..

حِفظًا وَتَلخِيصًا وَجَمعَ فَوائِدٍ..
مِن خَيرِ مَكتَبَةٍ وَخيرِ سِقَاءِ..

اختَارَت السُّبُلَ الصَّحِيحَة حِينَمَا ..
انجَذَبَت جُمُوعُ النَّاسِ لِلغَوغَاءِ..

وَأَوَت إِلَى الرُّكنِ القَصِيِّ تَوَرُّعًا ..
لَمَّا تَهَادَى الخَلقُ لِلضَّوضَاءِ ..

فَلتَثبُتِي فِي الدَّربِ يَا بِنتَ الهُدى..
فَالقِمَّـــةُ  العَليَــــاءُ  لِلنُّجَبَــاءِ ..

?السلام عليكم أهل العزيمة، وأصحَابَ الهِمَمِ العَظِيمَة ?

السَّلامُ عَلَى من جَدَّ والنَّاسُ فِي لَهوِهِم هَائمون .. وجَاهدَ والنَّاسُ حوَلُه ساهِمون .. وبكَّر والنّاس دُونَهُ نائمون .. وسعى إلى الخير والناس في غَيِّهِم يتخبطون ..

سلام عليكم والف سلام ..?

الرسالة الثالثة

قَصُرَت عَنِ العَليَاءِ أَقوَامٌ وَمَا ..
بَلَغَ المَرَامَ سِوَى أُلُو العَزَمَات ..

إِن كَلَّ غَيرُهُمُ، مَضَوا لَا تَنحَنِي..
هِمَــمٌ  تَشُقُّ  الدَّربَ  بِالبَرَكَاتِ ..

دَعَوُا الإِلَهَ لِكَي يُسَدِّدَ خَطوَهُم..
وَتَضَرَّعُوا بِالدَّمعِ فِي الصَّلَوَاتِ..

?السلام عليكم أهل الهمة ورحمة الله تعالى وبركاته?

 كثيرا ما يُقال إن “رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة” ? ..

ونحن قد خطونا الخطوة الأولى، وتبعتها الثانية، ونحن الآن في الثالثة؛ منا من يُقدّمها ومنا من يِؤخرها ، ومنا من هو بين الاثنين يقدم تارة ويؤخر أخرى.. وما ذلك إلا لعزم منه قد تزعزع، وعجز فيه قد استوى  وتربع، أو لأنه رأى العمل شاقا فتخلى، وصَادَفَ بِالدَّربِ وَعرًا فَتوَلَّى ، وَرُبَّمَا عَرَضَت لَهُ الدُّنيَا بِمُلهياتها فَتسلَّى..

فلا تستسلموا فالدرب في أوله ، وإنما يبلغ الدرجات العلى من سعى لها سعيها ، وتحمل صعبها ..

الرسالة الرابعة

قِمَمُ الجِبالَ لِمَن يُجِيدُ تَسَلُّقَا..
وَالنَّجمُ  يَبلُغُهُ الفَتَى إِن حَلَّقَا..

وَالمَجدُ يُحرِزُهُ الَّذِي يَسعَى لَهُ..
وَمَنِ اعتَلَى الدَّرَجَاتِ بِالعَزمِ ارتَقَى..

وَالحُلمُ  لَا يُؤتَى بِغَفوَةِ  نَائِمٍ..
بَل بِالعَزِيمَةِ وَالكِفَاحِ تَحَقَّقَا..

فَلنُجْرِ نَحوَ المَكرُمَاتِ تَحَدِّيًا..
وَنَرَى الهُمَامَ بِصَفِّنَا وَالأَسبَقَا..

?السّلامُ عَلَى هِمَمٍ تَعَوَّدنا منها العَطاء .. وَ نُفُوسٍ جَسَّدت معنى الإخَاء .. وَعَزَائِمَ لا تُبصِر أَمَامَهَا إِلا ذُرَى العَليَاء.?

الرسالة الخامسة

? عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا مررتُم برياضِ الجنَّةِ فارتعوا، قالوا: وما رياضُ الجنَّةِ؟ قال: حِلَقُ الذِّكرِ

وقد كنّا  والله نرتع من الرياض أحلى الثمر وأورف الشجر ، وخرجنا منه محمّلين بأعذب الفرائد وأنقى الفِكَر .. وقد واللهِ ذقنا حلاوة العلم شهدا .. وتضوعنا مسكه وردا .. وقطعنا في سبيله دربا وعهدا..

وما أملك وقد أزفت ساعة التمام، ووقفنا على أعتاب الختام، إلا أن أنثر شكري شعرا ، وأعبر عن امتناني فورا :

المِسكُ طَيَّبَ جَمعَنَا فَتَعطَّرَا ..
والدَّربُ  مِن  ذِكرِ  الإِلَهِ تَنَـوَّرَا ..

والقَلبُ عَادَ مِنَ الرِّياضِ مُحمَّلًا..
بِالعلم والخير العظيم استبشرا..

والبُشريات أَتت وهَلَّت خَيرَهَا..
والغَيثُ مِن غَيمِ العَزائِمِ أَمطَرَا .
.

شُكرًا لَكُم “سُقيَا” وَشُكرٌا عَاطِرًا ..
لِلطّيِّبَاتِ  زَرَعن  عزمًــــا  أَزهَــــرَا ..

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى