تاريخمنوعات
أخر الأخبار

السنة الأمازيغية .. بين الحقيقة والبهتان

مقدمة

القبائل أخوالنا كما يقول أبي . ليس لأن أمي منهم أو جدتي ، لكنه يناديهم كذلك ربما قرابة بعيدة أو احتراما . ونحن بدورنا نشاركه هذا الاحترام ، لا لعرقية صورية دَعِيّة ، أو عصبية قبلية جاهلية ، بل لأننا في الإسلام نحترم كل مسلم ؛ مهما كان أصله وفصله ، وعرقه ولونه ، ومهما اختلف لسانه ، وتباينت أفكاره ، مادام الإسلام دينَه ، فكل هذه الفروق تنصهر تحت مُسَمَّاه وحصنه ، فلا يبقى غيره وطنا ، وأرضا ، ونسبا . فإن خَرَجَ عن الإسلام أو عاداه ، أو مَرَقَ منه وهو يَدَّعِيه ، فليس منا ولسنا منه ، وإن كان أقرب الأقربين .

أبي الإسلام لا أب لي سواه . . . إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ

قلت هذا الكلام حتى أدحض ترهات بعض الملغطين ، وسخافات بعض المدعين ، التي ما فتئنا نسمعها في كل صوب ، وكل حدث .

وقُلْتُهُ لِمَنْ أعلمُ يقينًا أنَّهُ بعد قراءتِهِ لبقية السطور ، سيقذفني بشتى ألوان السب ، وينعتني بالرجعية ، والتعصب العربي ، والتملص من الأصول وغيرها من الشعارات الواهية الجوفاء التي رُفِعت حديثًا ، بِدَاعِ الوَعْيِ ، وإحياء الأصل . وماهي إلا محاربة للدين ، ودعوة للجاهلية الأولى ، و “ اللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ” .

أمّا حديث اليوم فهو عن رأس السنة الأمازيغية التي جُعلت ولأول مرة ، عيدا وطنيا ، وعطلة رسمية مدفوعة الأجر في الجزائر ، ويُطالِبُ بمثلها جموع الأمازيغ في مختلف دول شمال إفريقيا .

هذا الحدث الذي لم أفهم يقينا ما الداعي له ؛ هل احتفالا بالسنة الجديدة في التقويم الذي حتى من يدّعون أنهم أهله لا يعملون به ولا يتذكرونه إلا هذا اليوم ، ولا يتفقون حتى على أصله وتاريخه ، إذ يحتفل به بعضهم في الثاني عشر من جانفي ، وآخرون في الثالث عشر من نفس الشهر ، فمن الصحيح بربكم ؟ أم إحياءً لعادات لا يُدرى أكانت وليدة العهد الذي ينسبونه لها ، أم هي وليدة عصر الوعي كما يسمونه ؟ أم ماذا يكون فعلا .

حكم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية

هذا ناهيك عن أن اتخاذه عيدا في بلد مسلم ، من طرف “مسلمين” لا جدال في بطلانه ، لأن للمسلمين عيدان هما عيد الفطر والأضحى . ولم يتخذ المسلمون أيًّا من أيامهم العظيمة على كثرتها عيدا يحتفلون به ، لا أيام انتصاراتهم في الغزوات الكبرى ، ولا فتوحاتهم العظيمة ، ولا حتى مولد رسولهم ، ولا يوم هجرته . وليس ماظهر في المتأخرين منهم إلا بِدَعًا باطلة ، حذَّر منها العلماء ، كما حذروا من الاحتفال بغيرها كرأس السنة الميلادية ، والأيام الوطنية التي فيها تشبه بالكفار وعاداتهم في الاحتفال بأيامهم . ومن أقوال العلماء في ذلك :

” فالعادات التي تتكرر بتكرر الأيام والأعوام وغير ذلك من المواسم داخلة في معنى العيد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: العيد: اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد، إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك، فالعيد يجمع أمورا:

منها: يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة.

ومنها: اجتماع فيه.

ومنها: أعمال تجمع ذلك من العبادات أو العادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه وقد يكون مطلقا، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدا. اهـ.

والأعياد مما تتميز به الأمم، ولذا جاءت الشريعة بالزجر عن الاحتفال بكل أعياد الجاهلية ـ بغض النظر عن أصلها ـ فعن أنس بن مالك قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى. رواه النسائي وأبو داود وأحمد وصححه الألباني.

قال شيخ الإسلام: إن اليومين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال: إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين. والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه.اهـ. وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل قوم عيدا.

قال ابن حجر: قوله لكل قوم أي من الطوائف. وقوله عيد: أي كالنيروز والمهرجان. واستنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم، وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي ـ من الحنفية ـ فقال: من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى. اهـ. وقد نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها عيد من أعياد الجاهلية؟.

رواه أبو داود، وصححه الألباني. وفي هذا دلالة واضحة على لزوم تحري مخالفة سنة الجاهلية، لاسيما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه. رواه البخاري.

قال شيخ الإسلام: فكل من أراد في الإسلام أن يعمل بشيء من سنن الجاهلية دخل في هذا الحديث، والسنة الجاهلية: كل عادة كانوا عليها. فإن السنة هي العادة، وهي الطريق التي تتكرر لتتسع لأنواع الناس مما يعدونه عبادة أو لا يعدونه عبادة، فمن عمل بشيء من سننهم فقد اتبع سنة جاهلية. اهـ.

وقال ـ أيضا: اعتياد قصد المكان المعين في وقت معين عائد بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع هو بعينه معنى العيد ثم ينهى عن دق ذلك وجله. اهـ.

فالاحتفال بمثل هذه الايام لا يجوز حتى ولو كان دون أي اعتقاد، وأنه لا يلزم من كون الشيء لا يدخل في مسمى البدعة شرعا أن فعله جائز، فهناك علل أخرى للتحريم، كالعمل بسنة الجاهلية والتشبه بغير المسلمين. “

وانظر أيضا في هذا السياق : حكم الاحتفالات السنوية ، حكم الاحتفال بفصول السنة – الشيخ فركوس ، حكم الاحتفال بالأعياد الوطنية – ابن باز

أصل وتاريخ السنة الأمازيغية

أمّا فيما يخص أصل السنة الأمازيغية ، فلم يثبت في كتب التاريخ ما يؤكدها ، أو يُثْبِتُ لها أصلا ووجودا . وللتنويه ، فمُسَمَّى السنة الأمازيغية في الجزائر لم يكن سائدا ولا رائدا ، وإنما ظهر حسب ما قرأت في الثمانينات أي 1980 في الربيع الأمازيغي . ولم يكن يوم يناير عندهم مرتبطا بأي سنة أمازيغية قبله ، بل كانوا يحتفلون به فلاحيا (وأرحب هنا بأي مساهمة أو تعليق في تأكيد أو دحض ما قلته بشرط أن يكون مستندا على وثائق تاريخية صحيحة ، لا محض كلام واه تحكمه عصبيات مستعرة ) .

وتختلف طقوس هذا الاحتفال ، إلا أن أغلبها يشترك في تحريم ومنع الطبخ ليلة رأس السنة ، ويكتفون بطبخة “تاكلا” أو العصيدة المصنوعة من الدقيق والماء والملح والزبد والعسل . ومن المظاهر أيضا أن الرجال يضعون عصيا طويلة من القصب في المزارع والحقول حتى تكون غلال السنة الفلاحية الجديدة جيدة وتنمو بسرعة، ويرتدي الأطفال ملابس جديدة ويحلق الصغار رؤوسهم. ومن الأطباق المقدمة في هذا الاحتفال “أوركيمن”، وهو حساء من الخضر، و”إينودا”، وهو مزيج من الفواكه الجافة المكونة من لوز وجوز وزبيب وتين وفول سوداني. إضافة إلى الكسكس وأطبق أخرى .

أما في ما يخص الروايات حول أصل هذه السنة ، فهي اثنتان :

الرواية الأولى :

وفيها يعتبر الأمازيغ الثاني عشر من يناير أو الثالث عشر عند بعضهم بداية ورمزا للاحتفال بالأرض والفلاحة ، وتفاؤلا بسنة خير وغلّة وفيرة على الفلاحين وعلى الناس عامة .

ويدرج ضمن هذا بعض من الأساطير والقصص ، كحكاية العجوز أو العنزة في بعض الروايات ، التي تحدت الطبيعة واستهانت بقواها ، واغترت بنفسها وخرجت تتراقص وتتشفى في شهر يِناير الذي انتهى وذهب وذهبت معه ثلوجه وعواصفه وبرده . فغضب يناير وطلب من فورار (أي شهر فيفري) أن يقرضه يوما حتى يعاقب المعزة على جحودها وجرأتها، ومن هنا جاء تناقص أيام فورار وإضافة يوم إلى ينايِر (31 يوما) وهدد المعزة قائلا لها : نسلّف نهار من عند فورار ونخلي قرونك يلعبو بهم الصغار في ساحة الدوار . ففي يوم 31 قام يناير بإثارة عواصفه وزوابعه وثلوجه حيث لقيت المعزة مصرعها .

الرواية الثانية :

وهي الرواية التي حاولوا جاهدين نسجها لإضفاء طابع تاريخي على سَنَتِهِم المزعومة . وتقول الرواية أن الملك ششنق الأول الأمازيغي الأصل هو الذي أوقف وهزم رمسيس الثالث (ومنهم من يقول أنه رمسيس الثاني ؟؟) في معركة حاسمة بمنطقة الرمشي، قرب مدينة تلمسان بغرب القطر الجزائري الحالي طبعا،. ، وهناك من يذكر الرواية دون تحديد المناطق ، ومن يقول بأنه هزمه على شط النيل ، والمهم أنهم يتفقون أن مبدأ السنة يرجع لليوم الذي انتصر فيه شيشنق الأول على رمسيس الفرعوني وذلك سنة 950 قبل الميلاد ، وحكم مصر لقرنين . وهم بذلك يحتفلون بفاتح هذه السنة احتفاء وتخليدا لذكرى نصرهم العظيم !!

حقائق تاريخية ..

بادئ ذي بدء ، سنتناول الرواية الثانية التي تعتمد على أحداث تاريخية زائفة وكذبها واضح بيِّن . وقد قرأت تاريخ مصر القديمة بكل تفاصيله لمعرفة صحة هذه الرواية من بطلانها ، ذلك أن التاريخ المصري قد دُوِّن في مختلف فصوله ، وأثبتته الآثار والكتابات المكتشفة . وأول أخطاء الرواية، أن رمسيس الثالث أو الثاني الذي تزعم الرواية أن الملك الأمازيغي هزمه ، قد توفى قبل سنة 950 ق.م التي ينسبونها لنصرهم . فرمسيس الثاني قد حكم في الفترة الممتدة من 1279–1213  ق.م ، وتوفي سنة 1213 قبل الميلاد ، وهي فترة بعيدة عن سنتهم المزعومة . وأما رمسيس الثالث فقد توفي سنة 1155 ق.م ، وكان أول ملوك الأسرة الحاكمة العشرين في مصر . وخلفه ورثته بعد ذلك على سدة الحكم . وكل أولئك الورثة كانوا يحملون اسم رمسيس ، من رمسيس الرابع إلى الحادي عشر . ولكن فترتهم على خلاف آبائهم تميزت بالخلافات والضعف ، وكان كهنة آمون يتلاعبون بهم ، حتى أدى ذلك إلى استيلاء كبير الكهنة على الحكم ، وأسس الأسرة الحادية والعشرين (هذا باختصار ويمكنك التعمق في التفاصيل من كتب التاريخ وهي كثيرة) .

وفيما يخص شيشنق الأول ، فحكايته كالتالي :

كانت القوات العسكرية لمصر الفرعونية تضم مجموعة من السود ، ومن القبائل الليبية المهاجرة من أهل شروانة أو المشويش . ومع مرور الوقت كان هناك من وصل إلى مراتب متقدمة في الجيش من هذه القبائل الليبية ، حتى حدثت بعض الزيجات بينهم وبين بعض الأميرات من الأسرة الحاكمة . وانحدر من هذه الأسر شيشنق الأول الذي كان نتيجة هذه الزيجات بين الأمراء المصريين والقادة الليبيين . وقد حكم مصر كمؤسس للأسرة الثانية والعشرين سنة 945 ق.م . وقد كانوا يحكمون مصر كمواطنين مصريين ، كما كانوا يعيشون معهم سابقا على هذا النحو . وحكم بعده حكام من نسله ، إلى أن تزعزع استقرار البلاد مرة أخرى تحت حكم الأسرة الثانية والعشرين في عام 850 قبل الميلاد ، وبحلول 818 قبل الميلاد ، ارتفعت الأسرة الثالثة والعشرون المتنافسة مما تسبب في انقسام الأمة إلى دول متصارعة . وقد عُرِفت هذه الفترة من تاريخ مصر بالعصر المتأخر ، أو عصر الاضمحلال الأخير . وهي الفترة الممتدة من الأسرة الحادية والعشرين إلى الأسرة الخامسة والعشرين .

ولم أجد في أي مرجع تاريخي ، تناول تاريخ مصر جملة أو تفصيلا ، أي إشارة إلى أنه قد تم ترسيم سنة “أمازيغية” في تلك الفترة ، أو احتُفِلَ بها . والمعروف فقط أن المصريين القدامى من عهد الفراعنة قد وضعوا لهم سنة فلاحية انطلاقا من فيضان النيل الكبير كما سبق وذكرنا في مقال سابق عن رأس السنة . ولو صح زعمهم لَوَرَدَ شيء من ذلك عند المصريين الذين ما توانوا في تدوين عاداتهم وإنجازاتهم منذ الأزل . حتى إن المؤرخين اعتمدوا عليه في محاولة معرفة تاريخ ليبيا كونها قريبة من مصر ، وبقية البقاع المحيطة بمصر . هذا ولم أجد أيضا من أشار إلى أن تلك القبائل من الشروانة أو المشوش كانت أمازيغية الأصل ، ومن قرأ شيئا عن ذلك فليفدنا مشكورا . وسواء أكانت أمازيغية أم لا ، فما يهمنا هنا أن روايتهم مكذوبة مبتكرة ، ولا أصل للسنة الأمازيغية .

وأظن أن كل هذه الحقائق كافية لدحض ترهاتهم المزعومة ، وإن كان لأقوالهم دليل تاريخي موثوق ، فنحن أول من يعتمده ، إذ تَهُمُّنا الحقائق أكثر من أي شيء آخر ، والمجال مفتوح لمن يريد الإدلاء بمعلوماته .

والشاهد أيضا من كل ما ذكرنا ، أن لو سألت أغلب من كان يحتفل بيناير قبل اليوم ، لما أتى أبدا بذكر هذه الأكاذيب التاريخية التي أخرجها مفبركو اليوم ، ولن تجد منهم من يسمع عن شيشنق الذي جعله أمازيغ اليوم أبا لهم وجدا ، ورمزا يحتقون به ، ويعظمون مآثره .

إضافة إلى أن التقويم الذي اتخذوه كتقويم أمازيغي الأصل ، ماهو في الحقيقة إلا التقويم الروماني الميلادي الأول ، الذي وضعه واعتمده الملك يوليوس قيصر “Julian” . وقد اشتمل هذا التقويم على خطإ حسابي ، إذ بالغوا في تقدير طول السنة بمقدار 11 دقيقة و 14 ثانية ، وأدى ذلك في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي إلى تغيير مواعيد الفصول بحوالي 10 أيام من وقت قيصر ، نتيجة لتراكم هذا الخطأ .

أتى بعدها البابا غريغوري الثالث عشر ، وأدخل إصلاحات على هذا التقويم ، وذلك سنة 1582 . وتمثلت الإصلاحات في أن يتراجع في التاريخ عشرة أيام كاملة بحيث يصبح الفاتح يناير الجديد في 22 ديسمبر القديم، والفاتح يناير القديم في 10 يناير الجديد. وحتى يتجنب خطأ يوليوس مستقبلا، قرَّر أن تُحذف ثلاثة أيام كل أربعمائة سنة . وصار تقويمه الجديد هو المعتمد ، في حين استمرت الكنائس الأرثوذوكسية الشرقية تستخدم التقويم اليولياني .

والآن قد مرَّ على تجديده أكثر من أربعمائة سنة، وهذا ما جعل تقويم قيصر متأخرا 13 يوما عن التقويم الغريغوري، ولأجل هذا فإن الفاتح من يناير يأتي 13 جانفي في المغرب، أما في الجزائر فبقي الفاتح يناير في اليوم 12 لأنه كان كذلك في سنة 1831 ، وهي السنة التي بدأت الجزائر تعمل فيها بالتقويم الغرغوري ، وبقي كذلك إلى اليوم ، ذلك جهلا منهم بالأصول . وفي هذا إجابة عن تساؤلنا الأول عن سبب اختلاف التاريخ بين الأمازيغ بين 12 و13 يناير .

وحتى أسماء الشهور فهي أقرب ماتكون إلى تسميتها الرومانية :

  • يناير (يناير) وقد ذكرنا سابقا سبب هذه التسمية في مقالنا عن رأس السنة الميلادية
  • فورار (فبراير)
  • مغرس (مارس)
  • إبرير (أبريل)
  • مايو (ماي)
  • يونيو (جوان)
  • يوليو (يوليو)
  • غشت (أوت -أغسطس)
  • سكتمبر أو شوتمبر (سبتمبر)
  • توبر (أكتوبر)
  • نونمبر أو وانبر (نوفمبر)
  • دوجنبر أو جنبر (ديسمبر)

إضافة إلى أن حكاية العجوز أو العنزة ، وقضية استعارة أيام من شهر إلى شهر آخر ، أشبه ماتكون بقصة “أيام العجائز” أو “أيام البرد ” التي سبق وقرأتها في التراث الشعبي لبعض المناطق العربية . وتقول القصة أن عجوزا لديها ستة أغنام، خرجت ترعى بها في أحد الأودية خلال الأيام الأواخر من شهر شباط ، ولم تهطل خلالها الأمطار وكان الجو صافياً ودافئاً وبدأت تردد “فات شباط الخباط وما أخذ مني لا نعجة ولا رباط، وضربنا على ظهره بالمخباط”. والمخباط عبارة عن قطعة خشبية كان القدماء يستخدمونها لتنظيق الصوف. وتدعي القصة ، أن شهر شباط غضب من كلماتها وأحس بالإهانة، وذهب لأخيه شهر آذار واستنجد به من العجوز فقال “يا أخوي يا آذار ثلاثتك مع أربعي نخلي العجوز بالسيل تقرعي”، وتفسير هذه العبارة ان شباط طلب من شهر آذار 3 أيام يجمعها مع 4 أيام منه تهطل خلالها الأمطار بغزارة ويزداد البرد، مما يؤدي الى أن تسيل الأودية وتجرفها العجوز وأغنامها.

وهذه الأيام هي سبعة ايام ممتدة من 26 فيفري إلى 4 مارس ، تأتي فيها عادة موجات برد قصيرة وفجائية، وتكون في نهاية موسم البرد . وهناك رواية أخرى لتسميتها كذلك وهي “أن عجوزاً حذرت قومها من أن موسم البرد لم ينته بعد، وحذرتهم أن يجزوا أصواف أغنامهم، ولكن القوم لم يسمعوا نصيحتها، وجزوا أصواف أغنامهم، على اعتبار أن فصل الربيع بدأ وفصل الشتاء ولى على عقبه، عندها باغتتهم موجات برد قارصة أهلكت الزرع والضرع.” وقد سموها : صن وصنبر ووبر وآمر ومؤتمر ومعلل ومطفي الجمر .

والعبرة من هذا أن هذه الحكاية نجد لها شبيها عند العرب . وعلى كل فكل مافي هذه القصة من خرافات وخزعبلات جاهلية ، من تحد للطبيعة ، وغضب الطبيعة وماإلى ذلك ، خرافاتٌ نحاربها كمسلمين ، لا أن نتشبث بها بحكم العادات والتراث .

وفي الختام ..

ما سقناه هنا ليس بدافع التعصب أو التنكر للأصل كما سيقول البعض. ولكنه سبر لأغوار التاريخ ، وبحث عن الحقائق ، التي نحاول جاهدين كشفها كل مرة في مختلف الميادين . لدفع اللبس ، وإنكار المنكر ، وكشف الصدق من الكذب ، والحق من الباطل .

وقد قرأت الكثير من المقالات التي تناولت هذا الموضوع ، وكشفت بعض جوانب البطلان فيه . وكانت التعليقات فظة بذيئة ، اتُّهِمَ أصحابها بِكُرْهِ الأمازيغ ، والتعصب للعرب ، وطمس “تاريخ” الأمازيغ ، ومنجزاتهم العظيمة . وأنهم يستكثرون عليهم هذا اليوم ، مع ما يوجد في البلاد من أيام وأعياد وعطل . و لن أتكلم عن الجواز والتحريم هنا ، فقد ذكرت ذلك في أول المقال فيما يخص كل الأعياد والأيام ، ولكني أسألهم فقط ، هل يوجد في الجزائر يوم أو عيد وطني يسمى “عيد العرب” أو “يوم العرب” ، حتى يشعروا بأنهم مظلومون بخصوص يومهم الأمازيغي هذا ؟ أليست كل العطل والأيام في الجزائر ، إما ذات طابع ديني ، وأنتم مسلمون أيضا أي أنها تعنيكم ، وإما ذات طابع وطني ، وأنتم حسب علمي جزائريون لا يفصلكم شيء ؟ أو لستم في كل الأحوال معنيين بكل هذه الأيام ، فلم هذا التمسكن ، والشكوى وادعاء الظلم . وماهي والله إلا دعوى جاهلية ، وعصبيات قبلية .

وكما قلت فباب النقاش مفتوح . ليس النقاشَ الهمجي ، المعتمد على السب ، والشتم ، والكلام العاطفي الفارغ ، الذي لا يستند إلى دليل ، ولا يقوم على أصل . وإنما نُرَحِّبُ بكلِّ نقاشٍ بَنَّاء ، يعتمد على أدلة تاريخية ، وكلام منطقي ، وغيرُ ذلك مرفوض .

وعلى كلٍّ ، فالحقيقة مهما لغا اللغاة واحدة ، صَدَّقْتَهَا أمْ لمْ تُصَدِّق ، آمنتَ بها أم لم تُؤْمِن ، لا تقبل التحوير والتزييف . وكما قال “بول كوبان” (Paul Copan) من جامعة براجر (Prager University) : ” الحقيقة لا يمكن أن تكون نسبية. إذا كانت نسبيًا ، فهي ليست حقيقة. إن قولك أنه “لا توجد حقيقة لكل الناس” هو إعلانُ حقيقةٍ لكلِّ الناس. في الواقع ، أنت تقول ، “صحيح أنه لا توجد حقيقة!” ، و إعلان أن آراءَكَ وآرائي صحيحة حتى لو كانت تتناقض مع بعضها البعض هو هراء لا معنى له . الحقيقة ليست رأيا أو تفضيلا. وهي ليست شخصية أو نسبية. إنه أمر لا مفر منه ، لأن الواقع أمْرٌ لا مفرَّ منه. لاشيء سيغير ذلك وهذه هي الحقيقة .”

المراجع


من بعض المراجع المعتمدة :

  1. المجمل في تاريخ مصر ، للدكتور ناصر الانصاري
  2. GEORGE RAWLINSON, ” THE STORY OF ANCIENT EGYPT ” , London , 1887
  3. WILLIAM STEVENSON SMITH , ” Ancient Egypt “, as represented in the Museum of Fine Arts Boston
  4. All about the history of the ancient Egypt, www.imagine-publishing.co.uk
بواسطة
manzili.life

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى