لفتات وثرثرات

ماذا أكتب؟ .. صراع الأفكار

فتحتُ صفحة الوورد أمامي.. أرخيت أناملي على لوح المفاتيح، وجلست أفكر ماذا أكتب؟  لم تطرق ذهني أية أفكار، فصرفت النظر عن الكتابة وقصدت أرشيف المقالات غير المكتملة علّني أجد قصة تستحق النشر، أو قصيدة عفا عليها الدهر. فما وجدت الأولى، ولم تعجبني الأخيرة، وعُدتُ من جديد أنظر لصفحة الوورد البيضاء في حيرة. وتساءلت مجددا : ماذا أكتب؟

ماذا أكتب؟

هل أكتب عن جراح المسلمين في فلسطين؟ عن الثكالى والأيامى، والأرامل واليتامى.. عن الشهداء وقد تتالى صعودهم، وتزايدت نحو الجِنان وُفُودُهم؟ أم أكتب عن ربيع الأطفال الذي زَاحَمَهُ الشِّتَاءُ عَلى وَقتِه، وتفنَّن في كَبتِه، وأطبق ببرد القسوة على نَبتِه لِيُعجِّلَ فِي موتِه؟

أم هل تُراني أكتب عن سكوت الحاكمين، واعتياد المشاهدين. وعن صوت الخذلان حين دوّى بالأذان ليُصلّى على ضمائر دُفنِت من غير كفن، وشُيِّعَت من غير حَزَن. أم أكتب عن وفاة  الضمير وقد مات مختنقا على ظهر السرير؟

أم يا ترى أصُدُّ عن موجة الآلام هذه لأكتب عمّا يُنشَر على المنصات من العبث الحادِّ، واللهو الجادِّ، والجدالات العقيمة، والنقاشات السقيمة، وكُلِّ مَا جَعلوا له قيمة وليس له قيمة!

أم أعود فأكتب عن المجاهرين بالذنوب، والمتسرطنين بأمراض القلوب؟ فألوم المذنب مرّة لأنه تجرأ وتعدّى الحد، وألوم الساكت عنه مرتين، لأنه بِصَمتِه عن المنكرات لم يضع لها حدّا، ولم يبنِ دون انتشارها سدّا ، ولو نهى وأمر لأصلح وظفر!!  

أم أترك كل ذلك لأكتب عن الخريف وقد جافته الأمطار وأخلفت ميعادها معه. وتركته يلاعب الأغصان الناحلة والأوراق الراحلة، ويداعب برياحه أهداب السُّحُبِ الذابلة.  عن الفصول وقد اختلط أولها بآخرها، وخريفها بصيفها، وغطّى راحلها على قادمها؟

ختاما.. ماذا أكتب؟

كل هذا والله يستحق من يكتبُ عنه، إمّا متفكّرا ومذكِّرا، أو مُنبِّهًا ومُحذِّرًا، أو ناصحا مستنكرا. ولعل القلم يمضي في غير هذا اليوم فيكتب عن كل ذلك، وعلّ العقل يعتصر من ثمراته عصارة الأفكار  ويصبها بين أيديكم صافية راوية، وبكل خير آتية.   

آفاق

ماستر ومهندسة في الإعلام الآلي والبرمجيات .كاتبة و شاعرة مبتدئة . أحب كتابة الخواطر ، مهتمة بتربية الطفل وعالمه الواسع . أحب الكتاب أيا كان موضوعها ومجالها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى