إسلامياتمنوعات

وقفات إيمانية مع فيروس الكرونا

فيروس كرونا الذي اجتاح خطره العالم ، والذي هدد البشرية بأسرها ، وزعزع كيان العلم الذي بالرغم من تطوراته وتكنولوجياته الحديثة إلا أنه لم يستطع مواجهة فيروس صغير ، لكن الدين الإسلامي وكما عهدناه دائما نراه يحمل في طياته حلولا لمثل هذه الأوبئة وفي هذا المقال سنورد نماذج لهذا التعامل .

كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عنه:

إن كل ماتوصل إليه الأطباء من تدابير الوقاية لمثل هذه الأوبئة ، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم تعامل مع مثل هذه الأوبئة من بين هذه الطرق مايلي :

1.الحجر الصحي :

لقد عرف الإسلام ما يعرف اليوم بالحجر الصحي قبل أن تعرفه أوروبا والعالم المتحضر ومارسه المسلمون قبل حقبة من الزمن وذلك بفضل النبي صلى الله عليه وسلم فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث أسس ومبادئ الحجر الصحي بأفصح بيان وأوضح الصورة فمنع دخول الناس إلى البلد المصابة ، وكذلك منع سكانها من مغادرتها والخروج منها .

روى البخاري في صحيحه قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حين خرج إلى الشام ، فلما وصل إلى منطقة قريبة منها يقال لها : ( سرغ ) ، بالقرب من اليرموك ، لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه ، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام ، فقال عمر ادع لي المهاجرين الأولين ، فدعاهم فاستشارهم ، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام ، فاختلفوا ، فقال بعضهم : قد خرجتَ لأمر ولا نرى أن ترجع عنه ، وقال بعضهم : معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نرى أن تُقْدِمَهم على هذا الوباء ، فقال : ارتفعوا عني ، ثم قال : ادعوا لي الأنصار ، فدعاهم فاستشارهم ، فسلكوا سبيل المهاجرين ، واختلفوا كاختلافهم ، فقال : ارتفعوا عني ، ثم قال : ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح ، فدعاهم فلم يختلف منهم عليه رجلان ، فقالوا : نرى أن ترجع بالناس ولا تُقْدِمَهم على هذا الوباء ، فنادى عمر في الناس إني مُصَبِّحٌ على ظَهْرٍ فأَصْبِحوا عليه ، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفراراً من قدر الله ؟ فقال عمر لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة نعم ، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيتَ لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة ، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله ، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ؟ قال : فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته ، فقال : إن عندي في هذا علما ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ) قال : فحمد الله عمر ثم انصرف .

يرى جمهور العلماء منع القدوم على بلد الطاعون ومنع الخروج منه فراراً من ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” الطاعون آية الرجز ابتلى الله عز وجل به أناساً من عباده، فإذا سمعتم به فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تفروا منه ” .

وأخرج مسلم من حديث عامر بن سعد أن رجلا سأل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن الطاعون، فقال أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنا أخبرك عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” هو عذاب أو رجز أرسله الله على طائفة من بني إسرائيل أو ناس كانوا قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها عليه، وإذا دخلها عليكم فلا تخرجوا منها فراراً “.

وأخرج أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: قلت: يا رسول الله فما الطاعون؟ قال: غدة كغدة الإبل، المقيم فيها كالشهيد، والفار منها كالفار من الزحف ”.

2.العزل :

لقد أوضحت لنا أحاديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أهم الأساليب التي يجب اتباعها عند إصابة شخص بمرض معد فتاك حيث أرشدنا صلى الله عليه وسلم إلى ضرورة عزل المصاب عن غيره من الأشخاص الأصحاء وعدم إختلاطه بهم ليتم حصر المرض وعدم إنتشاره فقال صلى الله عليه وسلم :” لايورد ممرض على مصح”أي لايدخل المريض على الأصحاء فيمرض .

3. استحباب ذكر الموت والاستعداد له بالعمل:
رغب الشارع في تذكر الموت والاستعداد له بالعمل الصالح، وعدذلك من دلائل الخير.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة، فقام رجل من الانصار فقال: يا نبي الله من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: «أكثرهم ذكرا للموت، وأكثرهم استعدادا للموت، أولئك الاكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة».
وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثروا من ذكر هاذم اللذات» رواهما الطبراني بإسناد حسن.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام} قال: «إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح قالوا: هل لذلك من علامة يعرف بها؟ قال: الانابة إلى دار الخلود، والتنحي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت» رواه ابن جرير، وله طرق مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضا.

4. عدم مجاورة المرضى خشية العدوى :

إلا للعلاج مع الأخذ بجميع وسائل الحماية الطبية، لأن الرسول قال: ” وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الْأَسَدِ”، ولا تناقض مع الحديث الصحيح ” لَا عَدْوَى”؛ لأن المقصود به هو أنه: لا عدوى على الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وأن هذه الأمور تعدي بذاتها وطبعها، فهذا من ميزان الاعتقاد والإيمان بالله تعالى وعدم الإشراك، وأما الفرار من الأمراض المعدية فهو من ميزان الأسباب التي جعلها الله مؤثرة بقدر الله تعالى، ويؤكد هذا المعنى الحديث الصحيح الأخر بلفظ ” لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ”.

5.  ضرورة الحيطة والحذر وعدم التعرض لأسباب التلف مع تفويض الأمر لله تعالى والتوكل الحق عليه، دون قلق ولا اضطراب، وقد ذكر ابن الأثير في الكامل في التاريخ أنه “حينما أصاب المسلمين طاعون عمواس خرج بهم عمرو بن العاص إلى الجبال، وقسمهم إلى مجموعات، ومنع اختلاطها ببعض، وظلت المجموعات في الجبال فترة من الزمن حتى استشهد المصابون جميعاً، وعاد بالباقي إلى المدن” وهذا هو الحجر الصحي المتاح في ذلك.

6. وجوب الإفصاح، حيث يجب على كل من أحس بأنه قد أصابه هذا الوباء، أو أنه كان في بيئة موبوءة وخرج للضرورة.. أن يخبر الجهات المسؤولة بما هو فيه، وإذا أخفى ذلك فقد ارتكب جريمتين؛ جريمة الكذب والإخفاء والتدليس، وجريمة التسبب في إضرار الأخرين وانتشار الأوبئة، وكل من يصيبه هذا المرض بسببه يتحمل قسطه من الإثم والعدوان، قال صلى الله عليه وسلم :” الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ”.، فالمسلم الحقيقي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، ويكره له ما يكرهه لنفسه.

الأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم لرفع الوباء :

1. في صحيح مسلم عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه. أفلا قلت اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ قال: فدعا الله له فشفاه.

2. قال النبي عليه الصلاة والسلام: من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني .

3. كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك. رواه مسلم .

4. عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء: اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.

بواسطة
manzili.life

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى