عالم الطفل

الأنانية عند الأطفال أسبابها وعلاجها

اقرأ في هذا المقال
  • الأناني لا يهتم إلاّ بنفسه، وقد يشعر أنه مركز الكون، وأن الآخرين ليسوا بشيء، ومن هنا يجب زرع مبدأ التعاون والاهتمام بالآخرين والإشادة بأهمية التفاعل مع الآخرين والاهتمام برغباتهم. كما يتوجب على الأهل تقديم الشكر للطفل على أي عمل إيجابي يقوم به تجاه الآخرين.

مشكلة الأنانية من المشكلات الشائعة في البيوت حيث نجد أن كثيرا من الآباء والأمهات يشكون مرّ الشكوى من أن بعض أبنائهم يريدون الاسنحواذ على كل شيء، وهم لا يعرفون أي فارق بين أن يكون هذا الشيء لهم أو لغيرهم، كما يشكون من أن أطفالهم شبه متوحشين، فهم لا يعرفون معنى المشاركة في الطعام أو اللعب أو القراءة…

كما يعد سلوك الطفل الأناني من المشكلات التي تثير ضجر الوالدين، لصعوبة التواصل مع ابنائهم بشكل إيجابي، بالإضافة إلى صعوبة الأطفال ذوي السلوك الأناني في التواصل مع رفاقهم بالمدرسة أو الحضانة أو مع أخواتهم وأقاربهم، ويكونوا غير قادرين علي تكوين علاقات وصداقات والانخراط في المجتمع.

ويوضح الدكتور محمد عادل الحديدي أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة :” الأنانية عند الأطفال هي غريزة طبيعية يولد كل فرد بها للتكيف مع البيئة المحيطة به، إلا أنها تصبح سلوكا منبوذا إذا تطورت وأخذت في شكلها صورا وأشكالا عديدة، مثل: الإفراط في حب الذات بشكل كبير، ويظهر هذا خلال المرحلة العمرية الأولي من حياة الطفل في كثير من المواقف، على سبيل المثال الرغبة في الاستيلاء على شيء مثل لعبة أو حلوي دون اشراك أي شخص آخر، ولا يريد لأحد أن ينازعه عليه سواء كان رفاقه أو أخواته مهما كانت الأسباب”.

يتمثل مفهوم الأنانية فى أن يحب الطفل نفسه بصورة مبالغة فيها زائدة عن اللزوم ويسعى إلى تملك جميع الأشياء دون غيره فلا يمكنه مشاركة أى شىء مع أحد بل يتطرق الأمر أنه ربما يتطلع إلى مافى يد غيره مما يجعله غير قادر على التواصل مع الأخرين وتقف انانيته عائقا أمام تكوين صداقات والانفتاح على الناس، من طبيعة الطفل عندما يولد أن يكون انانيا بعد الشىء ولصغر سنه يعتقد ان كل شىء أمامه يخصه وحده وتكون هذه الحالة فى أول ثمانية عشر شهرا من عمره ، وتبلغ الأنانية ذروتها فى العام الثالث والرابع ، بينما يعتدل سلوك الطفل ويفهم انه يجب عليه مشاركة الأخرين معه فى العامين السابع والثامن . 

أسباب الأنانية لدى الطفل

الأنانية مكتسب اجتماعي:

تشير بعض الدراسات إلى أن تأثير الوراثة في الأنانية محدود، وأن الطفل يتعلم السلوك الأناني من أسرته على نحو أساسي، ثم من البيئة التي يعيش فيها، حيث يرى الطفل أخوته الكبار ووالدته وأباه كل منهم يحافظ على ممتلكاته ليعتقد أن هذا هو السلوك الطبيعي.

الشعور بالضعف و الإهمال:

حين يشعر الطفل بأنه ضعيف أو مهمل من قبل المحطين به، فإنّ من المتوقع أن يتقوقع على نفسه و يهتم بشخصيته وأشيائه، إن الشعور بالضعف قد يكون بسبب خوف الطفل من عدوان الآخرين عليه، أو بسبب خوفه من تكرار اضطهاد حدث له، حيث يشعر أن اللعب مع الآخرين ومشاركتهم قد يعرّضه لمثل ما تعرّ له من الأذى.

شعور الطفل بالإهمال من قبل أبويه وإخوته الكبار بسبب اهتمامهم بشؤونهم الخاصة يحفزه على التقليد.

الشعور بالإهمال أيضا يجعله ينظر إلى الأشياء التي يمتلكها على أنّها ملاذ يلوذ به، حيث لا يتوقع الكثير من غيره، ومن هنا فإنّ الحرمان من العاطفة الجياشة والأحضان الدافئة والحرمان من المساندة الأسرية، من العوامل المهمة في تأجيج نار الأنانية في نفوس الأطفال.

الدلال الزائد:

الطفل المدلل يتلقّى عناية زائدة وحماية مبالغا فيها من قبل أسرته، إنها تقدم له كل شيء، ولا تطلب منه أن يقدم أي شيء، فيحدث لديه نوع من الاكتفاء الذاتي، والعزوف عن مخالطة الآخرين أو مشاركتهم، كما يؤدي في بعض الأحيان إلى شعور الطفل بأنه محور اهتمام الآخرين، وهذا يقوّي لديه الشعور بالأنانية.

عدم النضج:

لكي يتخلى الطفل عن أنانيته يحتاج إلى مستوى من النضج، فمثلا يجب أن يتعلم كيفية ضبط نزعاته لكي تكون لديه القدرة على الالتزام باتفاقياته. فالأطفال الذين لا يحتملون الحفاظ على وعودهم، ولا يشعرون بالانزعاج في عدم التزامهم بموعد ما لأنه “حدث” أن كان لديهم شيء آخر يفعلونه. إنهم غير قادرين على تحمل المسؤولية. وبالطريقة نفسها لا يطور الأطفال غير الناضجين أسلوب المحاكمة العقلية الضروري كي يكونوا حساسين تجاه الآخرين. يمكن ملاحظة ذلك من خلال السلوك الذي يبدو دائما إما غير مناسب، أو لا يتسم بالحساسية. من الأسباب الواضحة التي لا تتيح لبعض الأطفال أن يتعلموا سلوكا أكثر نضجا، التخلف العقلي، والاضطرابات اللغوية، وأشكال أخرى من صعوبات التعلم. ويظل هؤلاء الأطفال أنانيين لأنهم لم يسبق لهم أن تعلموا الاهتمام بالآخرين.

طرق وقاية الطفل من الأنانية

تنمية روح المشاركة:

الأنانية عبارة عن استغراق في الشأن الشخصي، وانكفاء الذات، ومن ثم فإن تقوية روح المشاركة لدى الطفل ستجعله يشعر بالآخرين، ويعمل على مراعاتهم، (اللعب الجماعي) من أفضل ماينمّي روح المشاركة، لأنه يعرفه على معنى التعاون مع فريقه، كما يعرفه على معنى العدل، ويجعله يشعر ببعض ميزات من يلعب معهم

الثقة بالنفس:

كثيرا ما يدفع الشعور بالضعف والعجز والشعور بالإحباط… الطفل إلى أن يكون أنانيّا، إنّ هذه المشاعر تجعل الطفل غير قادر على التواصل مع أقرانه من الأطفال وغير قادر على الوفاء بالالتزامات والعهود التي يقطعها على نفسه، ولهذا فإنه بتصرف وكأنه يعيش وحده دون أي اعتبار للآخرين، فيجب على الوالدين أو المعلمين على تنمية الثقة في نفس الطفل وأن يشعر بأنه محبوب و توفير الأمان له، فإن توافرت للطفل القيمة والمحبة والأمان يصبح عنده استعداد للإهتمام بمصالح الآخرين.

احترام الآخرين:

الأناني لا يهتم إلاّ بنفسه، وقد يشعر أنه مركز الكون، وأن الآخرين ليسوا بشيء، ومن هنا يجب زرع مبدأ التعاون والاهتمام بالآخرين والإشادة بأهمية التفاعل مع الآخرين والاهتمام برغباتهم. كما يتوجب على الأهل تقديم الشكر للطفل على أي عمل إيجابي يقوم به تجاه الآخرين.

 تربيتهم على بغض التسلط:

فتسلّط الأطفال على الأطفال الضعفاء يشعر الآخرين بالأسى والفشل والحزن، لذا على الوالدين تربية الأطفال على عدم التسلط، وحثّهم على احترام الجميع.

تعويد الطفل على تحمل المسئولية :

هي طريقة طبيعية لتعليم الأطفال الاهتمام بالآخرين مثال تعليمهم الاهتمام وعناية بعض الحيوانات الأليفة، فإن قيام الأطفال بالأعمال الخفيفة هي دلالة على تحملهم المسئولية.

كيف نعالج السلوك الأناني؟

  • يشعر الأطفال الذين يتصفون بالأنانية غالبا أن لديهم مبررات، وأنهم على حق، لذا من الضروري أن نناقش معهم ونوضح لهم فهمهم وإدراكهم الخاطئ الذي يؤدي إلى حب الذات وإنكار الغيرية.
  • يجب تشجيع الأطفال وتعليمهم كيف يهتمون بالآخرين ويشاركونهم.
  • تشجيع الأطفال يكون بالتعزيز الإيجابي بأي طريقة، سواء بالتشجيع المادي أو المعنوي.
  • تعليم الأطفال التعاطف من خلال لعب الدور، وهو من أكثر الأساليب استخداما من قبل الأخصائيين لخفض الأنانية عند الأشخاص في مختلف الأعمار.
  • يجب على الوالدين عدم التذكير الدائم للطفل بأخطائه ونقاط ضعفه، بل يتم التركيز على ما أنجز الطفل وعلى ما أحرز من تغيير، ليعطي الطفل الدافع للتقدم والاستمرار في حياته.
  • شرح ومناقشة التأثيرات السلبية للأنانية : فلو كان الطفل أنانياً ، يجب على الأب أن يناقشه بطريقة لطيفة، ومناقشة المواقف الأنانية وسلبيتها، مما يحفز الطفل أن يبتعد عن سلوك الأنانية
  • مناقشة وعي الأطفال وخبراتهم السابقة : فيجب تعليم الأطفال أن يكون متفتحي العقول وقابلين للنقاش، وأن يكونوا أقل خشونة في التعامل مع القضايا والمشاكل، واظهار الاهتمام بهم وبغيرهم.
  • عدم التخويف المستمر للطفل من العالم الخارجي ومن أقرانه وعدم تقليل قيمة الآخرين والتحدث عنهم أمام الطفل، حتى لا يكره الطفل الناس ويصبح فرديا يهتم بنفسه، ولا يراعي مشاعر الآخرين.

وقد مثّل أمير شعراء عصره ، أحمد شوقي ، لهذه الصفة العجيبة عند الأطفال ، في قصة ظريفة ، حكاها في أبيات جميلة ، عن ابنته أمينة وكلبها ، فقال :

يا حَبَّذا أَمينَــــةٌ وَكَلـــــبُها           تُحِبُّهُ   جِدّاً كَــــما   يُحِبُّـــها

أَمينَتي تَحبو إِلى الحَولَيــــنِ           وَكَلبُها   يُناهِزُ   الشَهـــــــرَينِ

لَكِنَّها بَيضاءُ مِثلُ العــــاجِ          وَعَبدُها أَســــوَدُ كَالدَيـــــاجي

يَلزَمُها   نَهارَها   وَتَلـزَمُه           وَمِثلَمـــا يُكرِمُهـا لا تُكرِمُهُ

فَعِندَها مِن شِدَّةِ الإِشفاقِ         أَن تَأخُـــذَ الصَغيرَ بِالخِنـــــاقِ

في كُلِّ ساعَـــةٍ لَهُ صِياحُ           وَقَلَّمــــــا يَنعــمُ أَو يَرتــــاحُ

وَهَذِهِ حادِثَـــــــةٌ لَها مَـعَه          تُنبيكَ كَيفَ اِستَأثَرَت بِالمَنفَعَه

جاءَت بِهِ إِلَيَّ ذاتَ مَرَّه           تَحمِلُـــهُ    وَهـــيَ بِهِ  كَالبــــَرَّه

فَقُلتُ أَهلا بِالعَروسِ وَاِبنِها         ماذا يَكونُ يا تُرى مِن شَأنِها

قالَت غُلامي يا أَبي جَوعانُ          وَما لَـــهُ كَمـــــا لَنا لِســانُ

فَمُرهُمــوا يَأتـوا بِخُبزٍ وَلَبَن           وَيُحضِـروا آنِيَةً ذاتَ ثَمَن

فَقُمتُ كَالعادَةِ بِالمَطلــوبِ           وَجِئتُهـــــا أَنظُــرُ مِن قَريـبِ

فَعَجَنَت في اللَبَـــنِ اللُبـــابا           كَــــما  تَرانا نُطعِمُ الكِلابــا

ثُمَّ أَرادَت أَن تَذوقَ قَبلَــهُ          فَاِستَطعَمَت بِنتُ الكِرامِ أَكلَهُ

هُناكَ أَلقَت بِالصَـغيرِ لِلوَرا          وَاِندَفَعَت تَبكي بُكــاءً مُفتَرى

تَقولُ بابا أَنا دَحّا وَهوَ كُخّ           مَعناهُ بابا لِيَ وَحدي ما طُبِخ

فَقُل لِمَن يَجهَل خَطبَ الآنِيَه       قَد فُطِرَ الطِــــفلُ عَلى الأَنانِيَه

المراجع

1.د.موسى نجيب موسى معوض،”مشكلة الأنانية عند الأطفال“،https://www.alukah.net/social/0/48955/

2.أ،د،عبد الكريم بكار،”كتاب مشكلات الأطفال”

بواسطة
manzili.life

أنامل مبدعة

بكالوريوس في العلوم الشرعية الإسلامية. مختصة تربية ومستشارة أسرة والعلاقات الأسرية. مهوسة بالتعليم عبر المنصات الإلكترونية عن بعد والكتابة في الشؤون الأسرية والمجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى