شخصياتمنوعات

ابن تيمية

في الآونة الأخيرة كثر الجدل والمراء حول شخصية عظيمة وعقلية ماتعة وهو شيخ الإسلام ابن تيمية بحيث نرى رعاع القوم اليوم يتحدثون عنه باستهزاء ، وينعتونه بأبشع الصفات وهو الذي قدم للأمة الخير الكثير والعلم الوفير. لتأتي اليوم فترى الناس تتحدث عنه وكأنه جاهل وهو الذي قدم لله عزوجل مهرا لم يقدموا هم مثله أو حتى ربعه .

فمن هو هذا الشخص العظيم ، والعَلم الكريم ؟

نسبه ومولده :

هو الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد المفسر البارع شيخ الإسلام علم الزهاد نادرة العصر تقي الدين أبو العباس أحمد ابن المفتي شهاب الدين عبد الحليم الإمام المجتهد جد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد بن الخضر بن تيمية الحراني ثم الدمشقي .واسمه أحمد ، كنيته أبو العباس ، وأن جده أبو البركات مجد الدين عبد السلام .

والأظهر في تسميته بابن تيمية ، أن جده محمد بن الخضر حج وكانت امرأته حاملا ، فلما كان بتيماء رأى جارية حسنة الوجه ، وقد خرجت من خباء ، فلما رجع وجد امرأته قد وضعت جارية ، فلما رفعوها إليه ، قال : ياتيمية ، يعني أنها تشبه التي رآها بتيماء فسمي بها ، فنسب إليها وعرف بها .

ولد ابن تيمية يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة 661ه بحران .

نشأته وطلبه للعلم :

نشأته:

بقي في حران في كنف والديه إلى أن بلغ ست أوسبع سنين ، ثم انتقل به والده إلى دمشق ، فنشأ بها أتم نشأة وأزكاها ، فقد تربى في بيت العلم والفقه ، فأبوه عبد الحليم ، وجده أبو البركات .

لما توفي والده قام بوظائفه بعده ، فدرس بدار الحديث السكرية في أول سنة 683ه وجلس بالجامع لتفسير القرآن .

وكان منذ صغره مستغرق الأوقات في الجد والاجتهاد ، وختم القرآن صغيرا، ثم اشتغل بحفظ الحديث والفقه والعربية ،حتى برع في ذلك ، مع ملازمة مجالس الذكر وسماع الأحاديث والآثار.

ولقد سمع غير كتاب على غير شيخ من ذوي الروايات الصحيحة العالية ، أما دواوين الإسلام الكبار كمسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم وجامع الترمذي فإنه سمع كل واحد منها عدة مرات.

فأول كتاب حفظه في الحديث الجمع بين الصحيحين للإمام الحميدي.وقد خصه الله عزوجل بسرعة الحفظ وإبطاء النسيان .

كان العلم كأنه قد اختلط بلحمه ودمه وسائره .

قال ابن حجر عنه :” سمع سنن أبي دواد ن وحصل الأجزاء ، ونظر في الرجال ، والعلل ، وتفقه ، وتمهد ، وتميز ، وتقدم ،وصنف ودرس وأفتى وفاق الأقران ، وصار عجبا في سرعة الاستحضار “.

قال الذهبي :” كان من بحور العلم ومن الأذكياء المعدودين والزهاد الأفراد والشجعان الكبار ، والكرماء الأجواد ، أثنى عليه الموافق والمخالف ، وسارت بتصانيفه الركبان ،لعلها ثلاثمائة مجلد”

وقد درج رحمه الله على التأليف منذ صغره ، فيقول :”أما بعد : فقد تكرر السؤال من كثير من الناس أن أكتب في بيان مناسك الحج ، مايحتاج إليه غالب الحجاج في غالب الأوقات ، فإني قد كتبت منسكا في أوائل عمري ، فذكرت فيه أدعية كثيرة ، وقلدت في الأحكام من اتبعته قبلي من العلماء وكتبت في هذا ما تبين لي من سنة رسول صلى الله عليه وسلم مختصرا مبينا ، ولاحول ولاقوة إلا بالله”.

مفرداته واختيارته:

لابن تيمية رحمه الله نظر دقيق وفكر عميق فيما يفتي ويختار من آراء وأقوال ، وله رحمه الله شخصية مستقلة وعقلية متميزة في الترجيح بين الأقوال.

ويذكر أبو زهرة -رحمه الله- أن اختيارت ابن تيمية تدور حول أقطاب ثلاثة :

أولها: القرب من الآثار ، فهو حريص على ألا يختار غرائب الفقه، بل يختار ماله اتصال أوثق بمصدره.

ثانيها: القرب من حاجات الناس ، ومألوفهم، وتحقيق مصالحهم والعدالة فيهم ، فإنه بعد استيثاقه من الاتصال بين الحكم والمصدر الشرعي من كتاب أو سنة ، يختار الأعدل ، والذي يلائم العصر ويتفق مع الحاجات .

ثالثها : تحقيق المعاني الشرعية التي شرعت لها الأحكام ، فهو على ذلك جد حريض في كل مايختار ويفتي ويعلق من آراءه.

شيوخه :

بالإضافة إلى الوالد والجد فللشيخ رحمه الله شيوخ كثر ومن أبرزهم :

1.زين الدين أبو العباس أحمد عبد الدايم بن نعمة المقدسي ، تفقه على الشيخ موفق الدين ابن قدامة ،(ت668).

2.عبد الرحمن بن محمد بن قدامة المقدسي (سنة 682ه).

3.شرف الدين أبو العباس أحمد بن أحمد بن نعمة المقدسي الشافعي (ت694).

4.المنجي بن عثمان بن أسعد بن المنجى من بركات بن المؤمل التنوخي .(695ه).

5.محمد بن عبد القوي بن بدران بن عبد الله المقدسي (696ه).

تلاميذه:

ممن أخذ عنه :

1.الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي (ت742).

2.محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن قدامة المقدسي (744ه).

3.ابن قيم الجوزية .

4.الحافظ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عثمان الذهبي.

5.شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح الحنبلي (763ه).

6.الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (774ه).

مؤلفاته:

قال الذهبي :”إن تصانيف ابن تيمية سارت بها الركبان ، ولعلها تبلغ الثلاثمائة مجلدا”.

قال البراز :” وأما مؤلفاته ومصنفاته ، فإنها أكثر من أن أقدر على إحصائها ، أو يحضرني جملة أسمائها ، بل هذا لايقدر عليه غالبا أحدا،لأنها كثيرة جدا ، كباراوصغارا، وهي منشورة في البلدان ، فقل بلد نزلته إلا ورأيت فيه من تصانيفه”.

وقال ابن رجب:” وأما تصانيفه رحمه الله فهي أشهر من أن تذكر ، وأعرف من أن تنكر ، سارت مسير الشمس في الأقطار ، وامتلأت بها البلاد والأمصار .وقد جاوزت حد الكثرة ، فلا يمكن أحد حصرها، ولا يتسع هذا المكان لعد المعروف منها ، ولاذكرها”.

مصنفاته:

1.مجموع الفتاوى شيخ الإسلام ، 35مجلدا ، جمع عبد الرحمن النجدي .

2.الفتاوى الكبرى ، 5مجلدات .

3.درء تعارض العقل والنقل ،10مجلدات.

4.منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية ،9مجلدات.

5.الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ،4مجلدات.

6.الرد على المنطقيين ، مجلد واحد.

7.الاستقامة ، مجلدان.

8.الصارم المسلول على شاتم الرسول ،ثلاثة مجلدات.

9.بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ،مجلدان .

10.النبوات ،مجلد.

11.نقض المنطق ، مجلد.

12.تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء ، مجلدان .

وفاته:

لقد أفتى ابن تيمية بعض الفتاوى ، مثل اعتبار كفارة الحلف بالطلاق كفارة يمين، والمنع من شد الرحال إلى القبور ، فاجتمع عليه بعض العلماء ودبروا حيلة لحبسه، فحبس بقلعة دمشق سنتين واشهرا ، وبها مات رحمه الله ، وكانت وفاته ليلة الاثنين 20 دي القعدة سنة 728ه.

وكان يقول في حبسه:” إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة “.وقال :” مايصنع أعدائي بي ، أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي ، لاتفارقني ، أنا حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ،وإخراجي من بلدي سباحة “.ويقول :” المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه”.

المراجع:

  1. ابن تيمية آراءه الفقهية للإمام أبو زهرة .
  2. العقود الدرية لابن الهادي.
  3. كتب الطبقات والتراجم
  4. الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية .
بواسطة
manzili.life

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى