إسلامياتمنوعات
أخر الأخبار

إلى كل أسرة

الحمد لله الذي لولاه ماجرى قلم ، ولا تكلم لسان ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان أفصح الناس لسانا وأوضحهم بيانا أما بعد:

إن الاهتمام بالبيت التي نأوي إليه ، ورعاية الأسرة هو من هدي الأنبياء والمرسلين صلوات الله تعالى وسلامه عليه أجمعين ، فهذا نوح عليه السلام كان شديدا الحرص على على رعاية ابنه وإنقاده من الهلاك مخبرا الله عزوجل عنه ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْـمَاءِ﴾ ، وهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام شيخ الأنبياء وإمام الحنفاء ، كان يلح بشدة على هداية والده لإسلام ، فخاطبه بخطاب نابع من قلب رؤوف رحيم فقال له ﴿يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئَاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطَاً سَوِيَّاً * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيَّاً * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيَّاً﴾. وكذلك فعل نفس الشيء مع أهلي فقد كان يوجههم إلى مافيه صلاحهم في الدنيا والآخرة ويتمثل ذلك في قوله : ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. ولاننسى بالذكرسيدنا لقمان الذي كان مهتما ببيته وولده أيما اهتمام وذلكبتقريبه إليه ونصحه وتوجيهه فقال :  ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنَاً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْـمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْـمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾. وبعد كل هؤلاء يأتي خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ليتتم هذا الأمر والتوجيه للاهتمام بالبيوت ، وذلك من خلا ل توجيه القرآن العظيم له بقوله : “وأنذر عشيرتك الأقربين “، فكان يدعو بيته ويوجهه ومن تأمل سيرته العطرة فيرى منهاجه عليه الصلاة والسلام كيف كان يعامل زوجاته ,كذا معاملته للصبيان وأصحابه صلى الله عليه وسلم ، كان نعم المثل ونعم الأسوة التي يجب أن تحكى سيرته في كل بيت من بيوت المسلمين ومن هذه الخلاصة العابرة عن سير من قبلنا في اهتماهم بالأسر وكيفية التعامل فيما بينهم يمكن أن نقول بأن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمعات ، والركيزة الأساسية لبناء الحضارات ، فهي تساهم لبناء مجتمع سليم وخال من الجرائم والعقد النفسية ، فمن نشأ في أسرة يسودها الأمان والحب والاطمئنان ليس كمن ينشأ في أسرة تبنى على الخصام وتفتقر الوئام .

فنرى بأن كل أسرة تسعى لتماسك وتقارب أفرادها بعضها البعض لكن قد تحول الظروف دون هذا التقارب فتفكك الأسرة وتصبح عبارة عن مجموعة من الأفراد كل يعيش في واد على الرغم من إقامتهم في بيت واحد ، ففي هذه الحالة تحتاج الأسرة إلى الأسس التي تبقي على تلاحم الأسرة فيما بينها ولو حدثت مشاكل ومن بين هذه الأسس مايلي :

أولا : الرؤية :إن امتلاك الأسرة المسلمة لرؤية جيدة لأوضاعها وواجباتها ، وحاجاتها والفرص المتاحة لها ، بالإضافة إلى رؤية جيدة لعصرها يشكل أساس حركتها ونموها وذلك بأن تكون على وعي وإدراك لمعنى الانتماء لهذا الدين لأنه المنبع الصافي الذي نرده ونستقي منه معتقداتنا ، أخلاقنا ،علاقتنا ، معاملاتنا وكل شؤوننا وأنه يتساير مع كل عصر كان ، فتكون رؤيتنا متفتحة وواسعة وليست محدودة .

ثانيا :القيم :الأسرة المسلمة من غرست في أبناءها حب الخير والتطلع إليه ، ومن بنتهم على الوفاء والصدق والأمانة ومقت الخيانة ، ومن أودعت فيهم الاحترام ونبذ الظلم وعدم المحاباة بين أفرادهاوكذا احترام النظام .

ثالثا: العلاقة :مضت سنة الله تعالى في كل واحد في مخلوقاته أن يتأثر بغيره ،حتى الحجر فإنه يتأثر بالشمس والنار ، فكذلك الطفل الصغير فإنه يتأثر بوسطه ، وذلك لأنه حين يولد يكون غير مكتمل الخصائص ، وعن طريق احتكاكه لابويه وأقاربه ..يكتسب أخلاقا وصفات كثيرة .ومن هنا فإن العلاقات داخل الأسرة تستحق كثيرا من الاهتمام والتركيز والانتباه فكل إنسان تظهر عيوبه وخصائصه وفضائله من خلال المحيط الذي يتعايش معه،وأي تحسين يطرأ عليه وأي انحطاط أوتراجعا يبتلى به يظهر جليا لدى المحيطين به، فمن بين العلاقات التي تمنحها الأسرة للأفراد مايلي :الاحترام المبتادل ، الاشتراك في العبادة والعلم ،ممارسة النقد في إطار المحبة ، التسامح استدارك على القصور .

أخيرا وليس آخرا : المهمة :الدنيا دار أسباب ومشروعات ومهمات ،فنحن لانستطيع الحصول على شيء قيم من غير جهد ولاتعب ، ونحن جزء من المجتمع ، وإن تحقيق رؤيتنا وقيمنا في المجتمعات يتحتم علينا أن نجاهد ونكابد من اجل الوصول إلى مبتغانا ، فكثيرا مانجد أسر كثيرة التطلع والأماني لكنها لاتقدم شيئا لأمتها ،لأن الحياة لاتتغيير بالأماني والشعارات وإنما بالممارسة والمبادرة العمليةوالمشروعات ، فكونها أسرة مجتمعة ومتماسكة يجب عليها أن تخرج للمجتمع وتقاوم الفساد بمختلف الأساليب ومن بين هذه المهمات : تأهيل الأولاد للحياة ،السعي إلى تحقيق أسرة ناجحة ،تدبير الشأن الداخلي بكفاءة، .

الفسيفساء

كاتبة متخصصة في العلوم الإسلامية والتغذية الصحية ومهمتة بعلوم الحاسب والبرمجة وتعلم اللغات الحية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى