لفتات وثرثراتمنوعات

الولد المتفائل وكافل اليتيم.. قصة قصيرة

عاش طول عمره ينتظر تلك اللحظة ، يوم يصبح له قرة عين يسانده ويلاعبه ، يلبي طلباته ويسهر على صحته وبقاءه ، هذا الذي ماجاء يشتكي أحدا ويبكي الدموع أو يرتجي طبيبا في عيادة أو مستوصف، يدعو الله صباحه ومساءه ، ولا تطأ قدماه إلا موضع خير، ولا تمتد يداه إلا لعمل خير ومعروف.

مرت عليه سنين الدهر وهو ينتظر ،ما خاب قلبه يوما أو انكسر، وأتت لذهنه يومها أحسن فكرة وأقربهم فعلا ، كفل يتيم يأخذه سندا له، ويجزي بذلك أجرا شديدا من الباري فيعيش بمقربة من الرسول الهادي.

هذا الرجل لا تفارقه الابتسامة ، ولا يضجر من كثر الملامة ، لا يغضب ولا يرضى المهانة. صغيره أبيض الوجه ، مصفر الشعر، محمر العيون ، يلقي من الناس دوما المديح والثناء ويحسده البعض على هذا الفتى الذي أتاه ، لكنهم لم يرو العناء وكثرة الإنتظار وماجاءه من ملام .

وبعد مرور أيام توفيت امراته والمكفول في القماط، فعانى المشاق في تربية هذا الرضيع ، الذي صار بعد عناء يمشي بالإتكاء على الأشياء، ويجري أنهار الدموع عند الوقوع لعدم الأتزان. صار له سنان صغيران بكى لأيام قبل ظهورهما. ثم صار يمشي مشية العظماء بعد تدريب كثيف ، وجهد جهيد ، وصار يميز الأشياء ويفهم الأعداد ويقرأ اللغة وحروفها ويكرر الكلمات . أصيب بشتي الأمراض وأخطرها والوالد يحمد الله ويتفاءل ويقول فيه خير.

الآن، هو في السن المراهقة يعيش ويصارع كل المصائب والصعاب ، ورد كل من يريد أن يزيحه عن الصواب ، صار ولدا راشدا شاب حالما، يسعى نحو الأفضل ،شب الكافل وأصابه العجز وأسقطه المرض أسرة المشافي ولايقدر على الحراك ورغم ذالك لايزال مبتسما ويتفاءل بالغد المشرق ويرجو كل خير وإحسان الظن بربه حتى وهو على فراش الموت. سعيد كون ابنه يعيش في هناء وله بنين وبنات ، وعمل يكسب به المال فيرتزق ويعين به أخوته الأيتام ، كسب من أبيه ابتسامة عرضية تزيد الوجه جمالا ، أتى إلى إحدى المستشفيات لحالة طارئة صعبة التنفيد ، تحتاج المختصين ، دخل العيادة فرى أباه على السرير يصارع الموت ، لكل منهما ضحكة وكل يعمل وهو في اندهال لما يتبسم هذان ، الآخر سيفارق الحياة والثاني يحاول جهده في الأحشاء ، وانتهى الصراع وانتصر الجسد وقضى الله أمر كان مفعولا ، وبقي الأب على قيد الحياة ،وتولى الإبن تكلفة العلاج ، وسنحت الفرصة لشيخ الكبير أن يعيش مع ابنه هانىء البال يحتسي القهوة والشاي ،ويعيش كل لحظة تأتيه ، والإبتسامة لاتزال لاتفارق شفتهيه، عاش عيشت مرضية واختتمت حياته بأجمل اختتام ، وفي الجنة موعده يوم الحساب ، لحبه لله ورسل وخاتم الأنبياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى