عالم غامبول المدهش
عالم غامبول المدهش أو غامبول في عالم إلمور المدهش ..
سمعتم بهذا الاسم من قبل ؟ تعرفون ماهو ؟
إنه مسلسل كرتون يُعرض على كارتون نتوورك cartoon network . مسلسل من أصل أمريكي بريطاني من إنشاء بن بوكيليه .
لم أكن في صِغَري من مشاهدي كارتون نتوورك ، فقد كنت وفية لسبيستون وطفولتي أغلبها عليها . لكن قبل سنوات ، وفي فترة كنت قد انقطعت فيها عن التلفاز ، سمعت مرة حوارا تمثيليا بين أصغر إخوتي ، وكان كالتالي :
-“تماسيح في الكطار (طبعا المقصود ‘القطار’ ، ولكنهما عمدا كانا ينطقان القاف كافا ) “
-“توت .. توت .. توت .. توت ”
-“لقد كضينا على التماسيح في الكطار (قضينا ، القطار) “
كانا يعيدان هذا الحوار مرارا ، ويُتْبِعَانِه بنوبة ضحك . سألتهما بفضول عن الحوار و أين سمعاه ، ليجيبا ” إنه غامبول” . طبعا مليون علامة استفهام كانت على رأسي ، ” ما هو غامبول ؟ ” ، “مسلسل كرتوني رائع ومضحك على كارتون نتوورك ” .
آها .. الآن فهمت .
وبسرعة رسمت له شكلا في مخيلتي . فكونه يُعرض على كرتون نتوورك يعني أنه كأغلب ما تعرضه ، مرسوم بذلك الأسلوب الذي أكرهه والذي يُميِّز أغلب برامج الكرتون الأمريكية . وتكهنت أن موضوعه واحد من عشرات المواضيع السخيفة التي سبق ورأيتها .
نسيت موضوعه لفترة .. لكن بعد أيام شاهده أحد إخوتي الكبار معهما ، والذي كان يحمل فكرة مماثلة للتي كَوَّنْتُها . ليعود ضاحكا ، وهو يستذكر معهما اللقطات والحوارات المسلية في الحلقة . هنا سخرت منهم ، لأني تطفلت مرة وشاهدت شكله الغريب ولم يعجبني رسمه فضلا عن محتواه الذي مازلت أجهله .
ذات يوم سمعت صوتا جذبني ، وكان صادرا من التلفاز . غالبت رغبتي في الذهاب ومعرفة مصدره لدقائق ، لكن مع استمرار الصوت ذهبت ورأيته .. نعم إنه غامبول .
الصوت كان لـ” أناييس ” الابنة الصغرى في عائلة غامبول ، والحلقة كانت حلقة ” ريموت التلفزيون ” . تابعت الحلقة حتى نهايتها ، وضحكت كثيرا ، كما ضحك كل من كان حاضرا .
لن أكذب .. بصراحة ، المسلسل كان أفضل مما يوحي به رسمه . وبصراحة أكبر ، لا أظن أن أي رسم آخر سيُعطيه هذا الطابع المضحك المسلي .
مع الوقت صرت أشاهده كلما سمعت صوته ، وفي كثير من مواقف حياتنا اليومية ، كان طيف “غامبول” و مواقفه يلوح لنا لما لها من شبه كبير .
من هو غامبول ؟
غامبول قط أزرق ، يقف على قدمين ويرتدي دائما نفس البنطال والقميص ، ويمشي حافيا .
هذا هو غامبول ، القط الغبي ذو التصرفات الغريبة ، ونمط الحياة الأغرب .
يعيش غامبول في عائلة واترسون المكونة من أخته أناييس ، والدته نيكول ووالده ريتشارد ، ثم وأخيرا الحيوان الاليف ، السمكة الذهبية الناطقة ذات الأقدام الطويلة ، صديق غامبول الأول وأخوه “داروين” .
أناييس هي الأخت الصغرى ، أرنبة وردية ، وهي ذكية جدا مع أنها ولدت ونشأت ضمن عائلة الأغبياء المذكورة أعلاه . داروين كان سمكة عادية ثم وبعد المرور بأحداث كثيرة لُخصت في حلقتين صار له قدمان ، وأصبح أخا غامبول وصديقة المقرب . في الحقيقة هما يبدوان كالتوائم ، ليس في الشكل طبعا ، لكن في التصرفات والغباء وطريقة العيش والتفكير .
نيكول الأم ، قطة زرقاء ، شرسة الطباع ، وهي المسؤولة عن العائلة ، فريتشارد الأب ، الأرنب الوردي الضخم ، عاطل كسول ، لا يجيد سوى الأكل ومشاهدة التلفاز .
هذه هي العائلة التي تدور حولها حلقات عالم غامبول المدهش . أسرة غريبة الأطوار بمعنى الكلمة .
هذا ، إلى جانب أصدقاء غامبول في المدرسة ، ناظر المدرسة براون ، المعلمة سيميان ، المستشار التربوي سمول ، وبقية العمال . ولا ننسى جار الأسرة العزيز روبنسون وزوجته عابسة الوجه مقطبة الحواجب .
ما الذي أعجبني فيه ؟
لو قيّمت المسلسل بالمعايير ذاتها التي أُقَيِّم بها أي مسلسل كرتوني آخر شاهدته وأعجبني ؛ جودة الرسم ، جمال القصة ، رسالة المسلسل وغيرها ، لجاء ترتيبه في أسفل السلم . لكن مع غامبول تخليت عن معاييري السابقة .
الشيء الذي شدني له أول الأمر ، وكما نوهت في مقدمتي الطويلة المملة ، هي الأصوات . خاصة صوت غامبول ، داروين وأناييس ، وطريقة كلامهم . أعجبتني ووجدتها عفوية طفولية وجميلة .
تتذكرون حرف الكاف في الحوار الأول ؟ إنه داروين ، ينطق القاف بتلك الطريقة . ليس كافا واضحا ، لكنها قاف مخففة قريبة من نطق الكاف .
نفس السبب الذي جعلني أحب موسمه الأول والثاني ، كرّهني في آخر موسم ، فقد تغيرت الأصوات الثلاثة إلى الأسوأ (على الأقل بالنسبة لي ).
عدا الأصوات هناك المواقف السريعة ، ردود الافعال غير المتوقعة ، الكلام المضحك ، ” الحكم “الغريبة ، الرسائل المبطنة قصدها الكاتب أم لم يقصد ، وأشياء أخرى لن تلحظها إلا لو شاهدت حلقة أو اثنتين .
هل هو مناسب للأطفال ؟
قَطْعا ..
لا أنصح به أبدا لمن دون الحادية عشر وربما حتى الثانية عشرة . مع أن البرنامج قد صُنع لمن فوق السابعة أو العاشرة ، لكني لا أراه مناسبا لهذه الفئات العمرية ،
صحيح أنه مسلسل أطفال ، لكنه يحتوي مواقف ، ومشاهد ، ومفاهيم كثيرة ستُفهم خطأ من طرف الطفل كونه في مرحلة تَلَقٍّ وتعلم .
الطفل بطبعه يُقلد ما يشاهده ، أو على الأقل يحاول . كما أن ما يتعلمه ويفهمه من مسلسلات الكرتون يرسخ في ذهنه سريعا ، ويؤثر في تشكيل شخصيته ، وبلورة أفكاره ومبادئه (سَلْنِي انا ، لا أظن أني نسيت ما تعلمته من مسلسلات الكرتون التي شاهدتها في صغري ).
ربما ستكون مشاهدته لمن بين العاشرة والثانية عشرة مقبولة بحضور الكبار ، وذلك حتى ينبهوا على الأمور غير الجيدة أو التي قد يفهمها الطفل فهما خطأ ، او حتى يتجاوزوا المشاهد غير المقبولة .
وإليك بعض الأسباب التي تجعل محتواه غير مناسب للصغار :
الغباء ..
المسلسل أغلبه إن لم يكن كله مبني على الغباء . لن تصدق كمية الحماقة والبلاهة المكتنزة في شخصياته وتصرفاتهم ، وحتى كثير من كلامهم . ستخشى فعلا أن يتحول الطفل إلى كتلة غباء متحركة بعد مشاهدته لعدد من حلقاته .
في الحقيقة تم إخراج حلقة تُعبر عن هذا الأمر ، أي كيف يصبح الشخص كتلة غباء لا تعرف شيئا ، ولا تحسن التصرف حتى في أبسط الأمور .. وهي بعنوان ” ونعم التربية ” . إليك صورة عن النتيجة :
ردود الأفعال العنيفة ..
المسلسل يعرض بين الفينة والأخرى ردود أفعال عنيفة ، عن أمور عادية . حتى لو أفهمت الطفل أنه لا ينبغي له القيام بتلك التصرفات ، لكن روح المغامرة لديه ، وحب التجربة والتقليد سيدفعه للتجربة .
ثم إن الطفل يحب محاكاة ما يشاهده خاصة لو أعجبه . وأنا أضمن لك أنه لو شاهده سيعجبه ، وسيروق له ، وبالتالي تَوَقَّع الكثير من إعادة تمثيل المشاهد ومن ضمنها لقطات العنف التي تُغلَّف بغلاف من الضحك لدرجة أنه سيراها شيئا عاديا لن يُحدث ضررا .
الخرافات ..
يضم المسلسل بعض الخرافات التي لا ينفي وجودها لو تلميحا ، ويعرضها كما لو أنها موجودة حقا . لو تجاهلنا كل مافي المسلسل من أشياء لا يُصدقها العقل والتي بُني عليها أساسا ، وأولها الشخصيات المتنوعة بداية بالخضر والفواكه المتكلمة ، ونهاية إلى السمكة التي أصبح لها رجلان فجأة ، سنجد مجموعة من الخرافات والمعتقدات التي قد يصدق الطفل وجودها .
مثال ذلك حلقة “الهالوين” ومافيها من قيام الأشباح وأرواح الموتى ليلة الهالوين واحتفالها بها .
ثم الحلقة التي يظهر فيها الوحش “غارغاروس” أو أيا كان اسمه . والخوذة السحرية التي تحقق كل الأماني ، وحلقة النحس ومافيها من تأويلات خرافية لا يصح أن يعتقد الطفل بها . وهناك الكثير غيرها لكن هذه الأبرز والتي أتذكرها في هذه العجالة .
بعض المشاهد غير اللائقة أو المقززة ..
سأبدأ بمشهد “ساسي” وهي تستفرغ ما بجوفها في باص المدرسة بعد شمِّها لرائحة فم غامبول النتنة ، وذلك بعد شربه لخليط من الأشياء النتنة المعفنة . حتى نحن الكبار ندير وجوهنا أو نغير القناة عندما تأتي اللقطة ، الأمر مقزز فعلا .مشهد آخر لها وهي تبلل ورقة الواجب بلعابها .
هناك أيضا حلقة ” نتون ” ، المخلوق الغريب الذي شكله غامبول وداروين من مزيج من الأشياء العفنة لا أريد ذكرها هنا .
من المشاهد غير اللائقة أيضا ، مشهد ريتشارد وهو يحاول تقبيل مقبس الكهرباء في نوبة لا وعي (المشهد من حلقة بياعون) . علاقة الصداقة بين بيني وغامبول ، ومشهد تصوير غامبول لنفسه عاريا في حلقة الانترنت ، ومثله مشهد للموزة “جو” وهو ينزع قشوره من الأسفل لِيُفصِّل ماتحته . بعض رقصات “ميس سيميان ” السخيفة ، ولقطة لها بثوب مرفوع .
هذه بعض المشاهد فقط ، وستلاحظ غيرها الكثير لو دققت في الحلقات .
بالإضافة لكل ماتم ذكره سابقا من نقاط وأسباب .. هناك بعض المفاهيم التي قد تختلط على الطفل . سأعطي مثالا ، وهو حلقة “الصراحة” . متأكدة أنه بعد مشاهدة الحلقة ، كثير من الأطفال إن لم يكن كلهم ، سيختلط عليهم مفهوم الصدق والكذب ، ومتى يكون صريحا أو لا يكون ، تماما كما حدث مع غامبول وداروين.
هناك أيضا حلقة الألعاب وضررها على الأطفال . في هذه الحلقة كان الأولياء بتنسيق مع المدرسة يحاولون صرف الأطفال عن الألعاب لأنها تعلمهم العنف ، والخرافة وماإلى ذلك ، وتعويض وقت اللعب بقراءة الكتب . لكن الأطفال برهنوا لهم أن الكتب بدورها تحوي هذه الأمور ، إذن فهي أكثر خطورة من الألعاب . لينتهي الأمر بإحراق جميع الكتب ، وتفرغ الأطفال للألعاب .
حلقة كهذه ، قد يفهم الطفل منها أن الكتب ضارة يجب الابتعاد عنها ، والألعاب هي الأصح والأفضل .
في الختام ..
عالم غامبول المدهش .. مسلسل لم أتوقع يوما أنه قد يُعجبني ، ربما لا يكون إعجابا لحد الإدمان أو الترقب كما قد تحسبه ، لكنه بضع دقائق من الترفيه والتسلية والضحك الذي يجدد نفسيتك ونشاطك ، مع أني أعارض أمورا عدة فيه .
أتذكر جيدا كيف كنا نعيد أغنيته ” لايأس مع الحياة ” بيننا أيام الاختبارات عندما لا يُبلي أحدنا بلاء حسنا . كنا نرددها ضاحكين كتشجيع له ورفع للمعنويات .
بعض الحكم التي لا تخلو من السخرية والفكاهة .. كنا نرددها أحيانا عند المواقف المشابهة ، ومنها ” العين بصيرة واليد لا يد ” من حلقة “الصديق الثالث” ، “العقل السليم في الرأس الكبير ” ، “لا تلوموا نتون لوموا أنفسكم فأنتم الجيل الأكبر ” .. وأقوال ساخرة عديدة نقولها مزاحا بين الحين والآخر .
وأنت ؟ هل شاهدته من قبل ؟ ما انطباعك عنه ؟ وما رأيك به بالنسبة للأطفال ؟
تفاعلك يسعدنا ورأيك يهمنا ..
شكرا على المقال , لقد إستمتعت و ضحكت و استفدت أثناء قراءتي له
شكرا جزيلا لمرورك ورايك الجميل